وقبل حوالى شهرين على تقاعد قائد الجيش العماد جوزف عون تتقدم الحسابات الرئاسية للبعض على حساب مصلحة الوطن والجيش، فيلتقي رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل ورئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية على رفض التمديد لقائد الجيش لازاحة أبرز مرشح للرئاسة من السباق إلى قصر بعبدا، وتجري اتصالات لقطع الطريق على التمديد للعماد جوزف عون سواء من خلال حكومة تصريف الاعمال أو من خلال جلسة تشريعية في مجلس النواب. ولوحظ في اليومين الماضيين أن حملة سياسية نشأت لإسقاط التمديد لقائد الجيش على قاعدة مسايرة رئيس التيار الوطني الحر، وهو ما كشفه رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي السابق وليد جنبلاط الذي قال إنه تلقى اتصالاً من مسؤول الارتباط والتنسيق في حزب الله وفيق صفا يبلغه فيه بعدم الرغبة في “حشر” باسيل بموضوع التمديد.
وبغض النظر اذا كان جنبلاط نقل أجواء دقيقة أم غير دقيقة عن صفا خصوصاً أن أجواء الثنائي الشيعي تتحدث عن “تأنٍ” في حسم الموقف من موضوع التمديد أو عدمه، فإن رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الممثل الرسمي للطائفة السنية متحمّس للتمديد لقائد الجيش وراسل وزير الدفاع العميد موريس سليم لاتخاذا الاجراءات اللازمة لتفادي الفراغ، مذكّراً بالواجبات المترتبة عليه كوزير بموجب المادة 70 من الدستور.
بدوره فإن جنبلاط متحمّس للتمديد للعماد عون اضافة إلى رغبته الأكيدة في تعيين رئيس درزي للأركان، ويبدي “اللقاء الديمقراطي” كل استعداد للتصويت على مثل هذا التمديد سواء في مجلس النواب حيث كان النائب بلال عبدالله تقدم باقتراح قانون لهذه الغاية لكل القادة العسكريين أو في مجلس الوزراء من خلال وزير التربية عباس الحلبي.
اما القوات اللبنانية وعلى الرغم من مبدئيتها واعتبارها مجلس النواب هيئة ناخبة ومقاطعتها أي جلسة تشريعية قبل انتخاب رئيس جمهورية، فهي بادرت وتقدمت باقتراح قانون معجل مكرر يقضي بـ”تعديل سن التسريح الحكمي من الخدمة العائد لرتبة عماد في الجيش”، بحيث يصبح 61 سنة بدلاً من 60. والأسباب الموجبة لهذا الاقتراح تستند إلى الظرف الاستثنائي والخطير بدءًا بالشغور الرئاسي مرورًا بالانهيار المالي غير المسبوق وصولاً إلى الحرب على الحدود واحتمالات توسّعها نحو الداخل. وبهذا الاقتراح تعطي القوات اللبنانية موافقة من أكبر كتلة مسيحية على خيار التمديد، انطلاقاً من أن الجيش اللبناني هو المؤسسة الوحيدة المتبقية التي تحمي استقرار اللبنانيين، ولاعتبارها أن الحفاظ على الجيش لا يكون بالترقيعات، بل بالحفاظ على هرمية المؤسسة وتماسكها ووحدتها وقيادتها.
اما الكلمة الأبرز في موضوع التمديد فتبقى للبطريركية المارونية التي تستعد لعقد اجتماع لمجلس المطارنة مطلع الاسبوع المقبل. ويعوّل كثيرون على موقف بكركي ويعتقدون أنه لا يمكن للبطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي القبول بأي حال من الاحوال بفراغ في قيادة الجيش في هذه الظروف التي تعيش فيها البلاد أجواء حرب وخطر داهم. وتعبّر أوساط مسيحية عن قلقها من خسارة الموارنة مركز قيادة الجيش بعد خسارتها مركز حاكمية مصرف لبنان وقيادة الدرك وقبلها مركز المدير العام للأمن العام، وتؤكد أنه لا يمكن مقارنة موقع قائد الجيش بأي من مراكز الفئة الاولى الأخرى، وإن الكنيسة التي تطالب على الدوام بالسيادة والسلاح الواحد على الاراضي اللبنانية لا تتحمّل فراغاً جديداً في موقع حساس كموقع قيادة الجيش، وتعتبر أن قائد الجيش الماروني يشكّل ضمانة للمسيحيين ولباقي اللبنانيين وأي خلل في هيكلية المؤسسة سيرتّب تداعيات سلبية ليست في مصلحة لبنان ولا مشروع الدولة.
من هنا، يتطلع كثيرون إلى كلمة بكركي في موضوع التمديد لقائد الجيش العماد جوزف عون الذي لن يأتي قائد في الظرف الحالي بمواصفاته نظراً لما يتمتع به من صفات قيادية ومن علاقات دولية وعربية ومن احترام لدى العديد من الاطراف وشفافية أهّلته ليتصل برئيس حكومة قطر في خلال أزمة المحروقات لتزويد الجيش بهذه المادة الحيوية فجاء التجاوب سريعاً وتم تقديم 30 مليون دولار للمحروقات.
وكما قطر كذلك الولايات المتحدة الامريكية التي لها دور في دعم الجيش اللبناني، ونُقل عن السفيرة الامريكية دوروثي شيا تلويحها بإعادة النظر بهذا الدعم للجيش وبالمبلغ الشهري الذي يُقدم للضباط والعسكريين في حال حصول أي تغيير في قيادة الجيش.