صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast

هل زادت فعلاً معدلات “الإجهاض السري” في لبنان؟

بقلم : كارين اليان ضاهر - ينقسم العالم بين دول تحظّر الإجهاض، وأخرى تسمح به في حالات معينة كالاغتصاب، إضافة إلى الدول التي تبيحه بالمطلق وتعترف به لحماية صحة المرأة وحياتها وحقوقها الأساسية. وعلى رغم أنه غير قانوني في لبنان، إلا في حالة الخطر على صحة الأم، يبدو أنه إلى ازدياد خصوصاً في مناطق معينة في البلاد وبشكل خاص في المخيمات السورية. علماً أن كلفة العملية قد تتراوح بين 500 و700 دولار أميركي بحسب تقرير صادر في عام 2022 عن مؤسسة "تريانغل" المتخصصة في متابعة صنع السياسات والأبحاث.

قانون يمنع ومخالفات بالجملة

كون الإجهاض غير قانوني في لبنان، تغيب طبعاً الأرقام التي تظهر حقيقة المشهد. ما يؤكده مصدر في وزارة الصحة العامة أن اللجوء إلى الإجهاض في السر ليس مستغرباً. لكن في الوقت نفسه، لا توثّق هذه الحالات كون القانون يحظره، فيحصل دائماً في المنازل والعيادات. وهذا ما تؤكده أيضاً المحامية موهانا إسحق، مشيرةً إلى أن عمليات الإجهاض غير موثقة في لبنان لأنها مخالفة للقانون. فقد تُعطى أرقام تقديرية وفق دراسة نسبية. ويزداد الإجهاض المتعمد، بسبب الدعارة. وتضيف إسحق “في حالات الإتجار بالبشر والاستغلال الجنسي، قد تتكرر حالات الحمل غير المرغوب فيه، وتزيد حكماً معدلات الإجهاض. ففي متابعة لقضية شبكة دعارة في عام 2016، قُدرت حالات الإجهاض خلال سنوات ضمن هذه الشبكة بـ 200”.

بحسب إسحق، الإجهاض جريمة يعاقب عليها قانون العقوبات اللبناني في الفصل الثالث منه في المادة 539. هي جنحة تعاقب عليها المرأة التي تجهض بالسجن بين ستة أشهر وثلاث سنوات. كما يُعاقَب من يؤمن أو يسهّل عملية الإجهاض، ولو برضاها، بالعقوبة نفسها. وتزيد العقوبة على المشارك بعملية الإجهاض إذا أدى إلى وفاتها، فتتراوح العقوبة بين أربع وسبع سنوات. وبقدر ما تكون الوسائل المستخدمة للإجهاض خطيرة أو تهدد سلامة المرأة، تزيد العقوبة لتصل إلى 10 سنوات. أما إذا حصل الإجهاض رغماً عن المرأة فتصبح جناية يعاقَب مرتكبها بالسجن لمدة خمس سنوات. لكن تعطي المادة 545 عذراً تخفيفياً للمرأة إذا تعرضت لاعتداء أدى إلى حمل وكان الهدف من الإجهاض الحفاظ على شرفها لأسباب اجتماعية. وفي القانون، المبرر الوحيد للإجهاض هو عندما يهدد الحمل حياة الأم، فلا يخضع عندها الطبيب ولا الأم للمساءلة القانونية.

ثقافة غائبة وفئات مهمشة

لا يفيد توفير وسائل تنظيم الأسرة مجاناً للحد من حالات الحمل غير المرغوب فيه، في مخيمات النازحين مثلاً. فثمة حاجة إلى التوعية وإلى نشر هذه الثقافة ضمن هذه المجموعات. ففي المخيمات تحديداً أو في المجتمعات المهمشة بشكل عام، نادراً ما تُعتمد وسائل منع الحمل، ولا معرفة أصلاً بشأن استخدامها. وإذا لم يترافق توزيعها مع التوعية والتثقيف، لن يكون مجدياً بوجود مستويات فكرية مختلفة في النظرة إلى هذا الموضوع.

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

من جهتها، تؤكد نقيبة القابلات القانونيات ريما شعيتو على التشدد في مراقبة القطاع في ما يتعلق بالقابلات القانونيات المنتسبات إلى النقابة وعياداتهن، وبعيداً من القابلات اللواتي يعملن في الأحياء بطريقة سرية وغير قانونية. كما تلاحَق من تنتحل صفة القابلة ما أن يرد خبر عنها إلى النقابة، ويُرفع تقرير بها إلى وزارة الصحة التي لها سلطة إقفال العيادات غير القانونية وعلى كل من يقوم بعمل من هذا النوع بطريقة غير قانونية. وسبق أن أقُفلت عيادة لقابلة تبين وجود أدوات تستخدم للإجهاض فيها، وسُحبت منها الرخصة لهذا السبب.

“لا يمكن اعتبار الإجهاض ظاهرة منتشرة في لبنان، وإن كانت موجودة في مناطق معينة. وردنا بالفعل وجود حالات إجهاض في بعلبك والبقاع والشمال في مناطق معينة. لكن لا توثيق لهذه الحالات طبعاً إذ سمعنا عن حالات هنا وهناك. وفي كل الحالات، ما أن نسمع عن حالة، نتدخل من دون تهاون. علماً أن لبنانيات أو سوريات في المخيمات بحسب ما وردنا قد تقمن بهذا العمل، لكن لا يمكن نتحدث عن أرقام بغياب الإثباتات. فالبلد في حالة فوضى وثمة تجاوزات كثيرة ولا تضبط الأمور دائماً حتى في القطاع الطبي”.

كون القابلة تقوم بعملها في مجتمع ضيق ضمن بيئتها وحيث أن فكرة الإجهاض غير مقبولة قانوناً وشرعاً واجتماعياً أيضاً، يستحيل أن تقوم قابلة قانونية بعمل من هذا النوع. ففيه إساءة كبرى إليها وإلى سمعتهن وسرعان ما سينتشر خبر كهذا وتتقدم النقابة عندها بكتاب فيها إلى وزارة الصحة، ولو كانت غير مسجلة في النقابة.

أما المخيمات فعالم مجهول للنقابة وفق ما توضحه شعيتو، ولا مجال لدخوله ولا سلطة للنقابة فيه. وحتى إذا كان الهدف تثقيفياً، تحتاج أذونات عدة للدخول إلى مخيم. فمن المؤكد أنه ثمة تجاوزات وممارسات غير قانونية في داخلها، وهي أمور لا يمكن ضبطها فيها. ففي كل المخيمات وفي أماكن أخرى في البلاد، هناك حالات إجهاض غير آمن على رغم المخاطر التي تتعرض لها المرأة، ولو بغياب الأرقام والمصادر التي تؤكد مثل هذه الأخبار، على حد قولها.

علماً أنه بحسب منظمة الصحة العالمية، يسبب الإجهاض نسبة 4.7 في المئة و13.2 في المئة من وفيات الأمهات سنوياً. وبحسب تقديرات من عام 2012، بلغ عدد النساء اللواتي عولجن في المستشفيات بسبب مضاعفات الإجهاض غير الآمن سبعة ملايين امرأة في البلدان النامية فقط. فتجريم الإجهاض لم يمنع النساء من اللجوء إليه لوقف الحمل على رغم ما في ذلك من مخاطر صحية ومضاعفات. وبغياب التوعية اللازمة حول استخدام وسائل منع الحمل، ارتفعت معدلات الحمل غير المرغوب فيه في مجتمعات معينة، ما فرض على المرأة اللجوء إلى طرق غير آمنة للإجهاض.

حول نظرة الشريعة الإسلامية إلى الإجهاض، أكد الشيخ أحمد طالب في حديثه مع “اندبندنت عربية” أن الحياة أمر مقدس من الناحية الدينية ولا تلغى إلا بأمر الله. فلا يمكن إنهاء الحياة بشكل مزاجي إلا بوجود أسباب قاهرة، والسبب الوحيد الذي يجيز الإجهاض هنا هو أن يشكل الحمل خطراً على حياة المرأة، فتُسقط الجنين حفاظاً على حياتها التي تتقدم على حياته. “تجيز الشريعة الإسلامية أيضاً إنهاء الحمل إذا كانت المعنية امرأة في عشيرة أو أسرة لها منطق قبلي، بحيث قد يؤدي الحمل إلى قتلها. بالتالي، حفاظاً على حياتها، يجوز الإجهاض قبل مرور أربعة أشهر على الحمل لأنه بعدها يصبح الجنين روحاً لا يمكن قتلها. أما في غير ذلك فلا يجوز إنهاء حياة الجنين لأي سبب كان.

الإجهاض ممنوع ولكن…

وجِد الإجهاض منذ الأزل في مختلف المجتمعات، فلجأ إليه البعض بوسائل تقليدية في المنازل سراً ويحصل اليوم بمختلف الوسائل المتاحة في العيادات أو في المنازل بواسطة الأدوية. ففي الفترة الماضية، جرى التداول بدواء تلجأ إليه النساء للإجهاض المتعمد. هو دواء كان يوصف لمعالجة مشكلات المعدة، وتبين أنه يسبب الإجهاض لمن تناولته من دون علم بمثل هذه المضاعفات. بدأ عندها استخدامه بطريقة عشوائية بهدف الإجهاض، إلى أن صدر قرار بمنع بيعه في الصيدليات إلا بوصفه طبية. لكن في ظل الفوضى الخاصة في مجال الأدوية، يبقى المجال مفتوحاً للتحايل أحياناً في مجتمعات معينة على رغم تشدد القانون، خصوصاً بوجود الأدوية المهربة من سوريا. تبقى المسؤولية الكبرى على من يقوم بهذا العمل معرضاً حياة المرأة للخطر. وأحياناً يحصل الإجهاض بوسائل غير آمنة، ويؤدي إلى النزف والعقم وصولاً إلى احتمال الوفاة.

تابعوا أخبارنا على Google-News

نلفت الى أن منصة صدى الارز لا تدعي بأي شكل من الأشكال بأنها وسيلة إعلامية تقليدية تمارس العمل الإعلامي المنهجي و العلمي بل هي منصة الكترونية ملتزمة القضية اللبنانية ( قضية الجبهة اللبنانية) هدفها الأساسي دعم قضية لبنان الحر و توثيق و أرشفة تاريخ المقاومة اللبنانية منذ نشأتها و حتى اليوم

ملاحظة : التعليقات و المقالات الواردة على موقعنا تمثل حصرا وجهة نظر أصحابها و لا تمثل آراء منصة صدى الارز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading