صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast

هكذا ولد “حزب الله” في الحاضنة الإيرانية (1)

بقلم : حامد الكيناني - نشأة "حزب الله"، دوره والصراع حول المرجعية العليا للمذهب الشيعي في لبنان والمنطقة، كلها أتت في ملف كامل ضمن عشرات الوثائق البريطانية التي تضمنت مراسلات سرية لوزارة الخارجية البريطانية في لندن وبعثاتها الدبلوماسية في لبنان وسوريا وإسرائيل وواشنطن عام 1994. هذا الملف السري الذي يحمل اسم "حزب الله" ومؤرشف تحت رقم الاستدعاء :FCO 93/7781، والذي كشف عنه الأرشيف البريطاني في مارس (آذار) الماضي، تنشر "اندبندنت عربية" ضمن أربعة أجزاء مضمونه وتضيء على أبرز ما يكشفه عن "حزب الله"، والذي يعد حضوره لبنانياً وعربياً وحتى عالمياً مسألة جدلية

لم يعرف لبنان والعالم منظمة “حزب الله” حديثاً، وإن كان نشاطها على الأرض أمنياً ووجودها في الحياة السياسية قد ازدادا في السنوات الماضية، وتحديداً بعد انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية (1975 – 1990).

فهي نشأت في بداية ثمانينيات القرن الماضي في خضم أحداث الحرب اللبنانية الدامية، واستفادت من دعم الحكم في إيران عقب الثورة التي أطاحت بالشاه محمد رضا بهلوي عام 1979، وأعادت الخميني إلى طهران.

تعتبر العديد من الدول الغربية اليوم، وعلى رأسها الولايات المتحدة الأميركية “حزب الله” منظمة إرهابية، وتفرض عقوبات على مسؤولين بداخله، إن لتورطهم بأحداث إرهابية أو عمليات غسيل أموال وتهريب مخدرات، فيما ينظر إليه جزء كبير من اللبنانيين على أنه دولة غير شرعية داخل الدولة اللبنانية لا سيما لناحية سلاحه المنتشر في مناطق ببيروت وبلدات جنوبية.

وراهناً، يشارك الحزب على خط حرب غزة مباشرة عبر جبهة إسناد أطلقها بعد ساعات من أحداث السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهي جبهة أدت إلى مقتل وإصابة مئات اللبنانيين، وتدمير غالبية قرى الجنوب الحدودية.

نشأة “حزب الله”، دوره والصراع حول المرجعية العليا للمذهب الشيعي في لبنان والمنطقة، كلها أتت في ملف كامل ضمن عشرات الوثائق البريطانية التي تضمنت مراسلات سرية لوزارة الخارجية البريطانية في لندن وبعثاتها الدبلوماسية في لبنان وسوريا وإسرائيل وواشنطن عام 1994.

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

هذا الملف السري الذي يحمل اسم “حزب الله” ومؤرشف تحت رقم الاستدعاء :FCO 93/7781، والذي كشف عنه الأرشيف البريطانيفي مارس (آذار) الماضي، تنشر “اندبندنت عربية” ضمن أربعة أجزاء مضمونه وتضيء على أبرز ما يكشفه عن “حزب الله”، والذي يعد حضوره لبنانياً وعربياً وحتى عالمياً مسألة جدلية.

وتنطلق الوثائق من بدايات تشكيل “حزب الله” الذي ظهر مع ظهور نظام الجمهورية الإسلامية في إيران، وتتطرق لبرنامجه السياسي الذي يعمل على تعزيز الأيديولوجية الخمينية وإقامة جمهورية إسلامية في لبنان، كما تتحدث عن الدعم الإيراني والسوري للحزب خدمة لمصالحهما في لبنان والمنطقة، لا سيما تهميش تجمعات وشخصيات شيعية كانت تتبنى الخطاب الشيعي المعتدل في لبنان.

وكذلك تشير الوثائق إلى انتقال المرجعيات بعد وفاة المرجع الشيعي الأعلى أبو القاسم الخوئي، وهو مرجع دين شيعي، كان يترأس الحوزة العلمية بمدينة النجف بالعراق، عام 1992 وتوجه الأنظار إلى ترشيح العلامة محمد حسين فضل الله، وهو رجل دين شيعي لبناني، لتولي المرجعية التقليدية في النجف، وهو الأمر الذي أثار أتباع ولي الفقيه في إيران وعرض فضل الله لهجوم إعلامي من جانب التيار المتشدد والمقرب من علي خامنئي.

بداية “حزب الله”

حول خلفية تشكيل “حزب الله” وأهدافه، يذكر التقرير البريطاني السري المعد في 20 أبريل (نيسان) 1994 من قبل قسم البحوث والمعلومات في وزارة الخارجية البريطانية، أنه في لبنان، المنظمة الأصولية الشيعية الرائدة هي “حزب الله” الموالي لإيران. ويهدف الحزب إلى تعزيز أيديولوجية الثورة الإيرانية وإقامة جمهورية إسلامية في لبنان بنهاية المطاف. ويضيف التقرير “قدمت الثورة الإيرانية للمجتمع الشيعي نموذجاً وراعياً خارجياً، مما مكن الحزب من خلق دور لنفسه في الساحة السياسية حيث كان السنة هم المجتمع الإسلامي المهيمن. وبانتهاء الحرب الأهلية عام 1990 بات الحزب الميليشيات الوحيدة التي لديها قدرة عسكرية فعالة في لبنان”.

عن دور السوريين في دعم الحزب، تقول الوثائق إن السوريين سمحوا للحزب بالاحتفاظ بأسلحته عندما أجبروا جميع الميليشيات الأخرى على التخلي عنها، لأن السوريين رأوا مدى فائدته في ضمان أن يدفع الإسرائيليون ثمن استمرار جودهم في جنوب لبنان.

تتوقف الوثائق عند أول انتخابات أجريت في لبنان، وتحديداً في أغسطس (آب) 1992، أي بعد 20 عاماً من توقفها، وقد شارك الحزب وفاز بـ 8 مقاعد من أصل 128، ما شكل بداية دخوله الحياة السياسية في لبنان.

السلام أحرج الحزب

وضع توقيع إعلان المبادئ بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، الذي يعرف باتفاقية أوسلو الأولى الموقعة في حديقة البيت الأبيض بواشنطن في سبتمبر (أيلول) عام  1993 برعاية وحضور الرئيس الأميركي حينها بيل كلينتون، الحزب في موقف حرج. وفي هذا الإطار يقول التقرير البريطاني إن قيادة الحزب ترى، لسبب وجيه، نهايتهم في عملية السلام. ويضيف “إنهم يدركون أنه إذا توصلت سوريا إلى اتفاق سلام مع إسرائيل، فإن نظامها العلماني لن يتورع عن التعاون مع السلطات اللبنانية في نزع سلاح الحزب الله”.

في تلك الفترة وتحديداً في 15 يونيو (حزيران) 1994، زودت السفارة الإسرائيلية في لندن الحكومة البريطانية بتقرير موجز عن “حزب الله” في لبنان.

وقد ذكرت السفارة في هذا التقرير أن‏ “حزب الله” هو منظمة جامعة لمختلف الجماعات والمنظمات الشيعية المتطرفة التي تتبنى الأيديولوجية الخمينية الإيرانية. تأسست المنظمة عام 1982 في لبنان، مع تزايد الوجود والنفوذ الإيراني في لبنان، وقد ظهر الحزب كهيئة تنظيمية للأصوليين الشيعة، بقيادة رجال الدين، الذين يرون في تبني العقيدة الإيرانية حلاً للأزمة السياسية اللبنانية. وشمل ذلك استخدام الإرهاب كوسيلة لتحقيق أهداف سياسية، بحسب التقرير.

ويتابع “في نهاية عام 1982، أرسلت إيران مقاتلين من الحرس الثوري الإيراني للمساعدة في تأسيس حركة إسلامية ثورية في لبنان يشارك أعضاؤها في “الجهاد”، الحرب المقدسة ضد إسرائيل”، ويكشف أن هذه القوات التي تمركزت في منطقة بعلبك في وادي البقاع الشمالي شرق لبنان، أضفت على المنطقة طابعاً إيرانياً إسلامياً وشكلت نواة تنظيم الحزب  في لبنان.

أما من الناحية العسكرية، فيكشف التقرير أن الحزب كان يمتلك حينها جهاز تدريب في لبنان له فروع في جميع أنحاء القرى ومحيطها، وكذلك خارج لبنان. ويهدف التدريب إلى بناء مصدر موثوق للقوى العاملة لقواته العسكرية، فيما يحدد التقرير الشيخ محمد حسين فضل الله على أنه الأب الروحي للحزب، والذي يعد مجتهداً رئيسياً للشريعة الإسلامية، ضمن الطائفة الشيعية في لبنان.

تشكل الخمينية الأساس الأيديولوجي للحزب، بحسب التقرير، كما أن هدفه في النهاية هو تأسيس جمهورية إسلامية في لبنان على غرار النظام القائم في إيران، يرأسها رجال دين.

وفيما يتوقف كثيرون عند عام 1982 على أنه العام الذي نشأ فيه “حزب الله”، لكن الإعلان الرسمي عن نشأة الحزب، أتى في الـ16 من فبراير (شباط) 1985 عندما نُشر “الخطاب المفتوح” وفيه كشف رئيس المجلس السياسي لـ”حزب الله” (حالياً) إبراهيم أمين السيد من ضاحية بيروت الجنوبية عن وثيقة الحزب السياسية الأولى وفيها:

–  حل مشاكل لبنان هو عبر إقامة جمهورية إسلامية، لأن هذا النوع من الأنظمة هو وحده القادر على تأمين العدالة والمساواة لجميع المواطنين اللبنانيين.‏

–  ‏تعتبر منظمة “حزب الله” أن الكفاح ضد “الإمبريالية الغربية” والقضاء عليها من لبنان هدف مهم. وتسعى المجموعة جاهدة من أجل الانسحاب الأميركي والفرنسي الكامل من لبنان، بما في ذلك جميع مؤسساتهما.‏

–  الصراع مع إسرائيل هو  مصدر قلق رئيسي. وهذا لا يقتصر فقط على وجود الجيش الإسرائيلي في لبنان. بدلاً من ذلك إن تدمير دولة إسرائيل الكامل وإقامة حكم إسلامي على القدس هو هدف معلن.

النهج العسكري ضمن الأيديولوجية المتطرفة

تقرير السفارة الإسرائيلية في لندن، توقف كذلك عند النهج العسكري لجماعة “حزب الله” كجزء من هذه الأيديولوجية المتطرفة، والذي يعني استخدام الإرهاب كوسيلة لتحقيق أهدافها. ويعتبر الحزب تدمير إسرائيل وتحرير القدس واجباً دينياً.

ومما جاء في التقرير “في محاولة للعمل على الخطوط الأيديولوجية المحددة سلفاً وتحقيقها، يخطط قادة الجماعة بنشاط ويقومون بشن هجمات إرهابية ضد الجيش الإسرائيلي وجيش لبنان الجنوبي (بقيادة سعد حداد ثم أنطوان لحد والمدعوم من إسرائيل)، ويبشرون بالتطرف الديني ضد إسرائيل وينشرون الأيديولوجية الإيرانية”.

الدور السوري بين الدعم والإملاءات

مع توقيع “اتفاق الطائف” في السعودية عام 1989 بين القوى اللبنانية المتحاربة برعاية عربية، والذي أنهى الحرب الأهلية في لبنان، بقيت سوريا في الداخل اللبناني عبر جيشها المنتشر في بلدات وقرى عدة، وبذلك اضطر الحزب إلى الامتثال للإملاءات السورية.

وهنا تقول الوثائق البريطانية إن الاهتمام السوري باستمرار الهجمات الإرهابية في جنوب لبنان مكن “حزب الله” من الحفاظ على قدراته وعزز موقعه على الساحة اللبنانية بوصفه القوة العسكرية الرئيسية الوحيدة التي لم يتم نزع سلاحها، مع نزع سلاح مجموعات أخرى منها “القوات اللبنانية”.

وتضيف “لقد منع السوريون الحكومة اللبنانية من المس بالقدرات العسكرية للحزب، بحجة معارضة الاحتلال الإسرائيلي، وفي الوقت نفسه فرضوا إملاءاتهم على المنظمة خلال الفترات التي كانوا فيها مهتمين بتهدئة الوضع في جنوب لبنان”، مثل الفترة التي تزامنت مع اجتماع الرئيسين السوري حافظ الأسد والأميركي بيل كلينتون في يناير (كانون الثاني) 1994، في جنيف لمناقشة عملية السلام السورية- الإسرائيلية، من دون تحقيق أي خطوة عملية.

 انتشار “حزب الله” بين البقاع والجنوب

عسكرياً وتسليحاً، تكشف الوثائق السرية كيف أنشأ الحزب، بمساعدة إيرانية وسورية، شبكة عسكرية واسعة النطاق في منطقة بعلبك. لتنتشر بعدها مجموعاته المسلحة في الأحياء الشيعية في جنوب وغرب بيروت وكذلك في جنوب لبنان.‏

‏وتكشف أن “هذه الشبكة هي القاعدة الرئيسية لأنشطة الحزب وكذلك لأنشطة الجماعات الشيعية المتطرفة الأخرى. ويوجد الآلاف من نشطاء الحزب وأعضائه في وادي البقاع وبيروت وجنوب لبنان. وتوفر هذه المناطق أيضاً قاعدة لتجنيد نشطاء ومقاتلين إضافيين بين السكان الشيعة المحليين”.

مع انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان عام 1985، عززت منظمة “حزب الله” نفسها، وهنا تقول “قامت الجماعة بإنشاء مستودعات للأسلحة، وتجنيد الناشطين والمقاتلين، وتقديم مساعدات واسعة النطاق للسكان في جنوب لبنان، مثل التبرع بالمال والمعدات والإمدادات الطبية، وما إلى ذلك، وكان الغرض من المساعدات هو كسب دعم السكان المحليين لمصلحة أنشطة المنظمات في الجنوب”.

وقد نفذ “حزب الله” سلسلة من الهجمات البارزة ضد أهداف إسرائيلية في جنوب لبنان وأهداف للقوات الأميركية والمتعددة الجنسيات في لبنان. وفي وقت لاحق أصبحت هجماته، بحسب الوثائق البريطانية، أكثر كثافة وأظهرت تخطيطاً أفضل.

وتكشف بالأرقام، أنه عام 1991، كان الحزب مسؤولاً عن 52 هجوماً، مقارنة بـ 19 نفذه في عام 1990. وفي عام 1992، شن 63 هجوماً.

أما في عام 1993، فقد شن الحزب 158 هجوماً، عندما أطلق خلال “عملية المساءلة” مئات صواريخ الكاتيوشا على المنطقة الأمنية والأراضي الإسرائيلية”.

انتقادات داخلية شيعية لنصرالله

في سياق آخر، يكشف السفير البريطاني في بيروت حينها في تقرير أرسله إلى مرجعيته في لندن بتاريخ 16 ديسمبر (كانون الأول) 1994 عن بيان صادر عن شيوخ “حزب الله” في البقاع انتقدوا فيه قيادة حسن نصرالله واتهموه بتخصيص الموارد المالية لمصلحة من يدعمه ويدعم توجهاته السياسية والإيديولوجية.

ومما جاء في التقرير “في مؤتمر صحافي عدائي في بعلبك، قال الشيخ صبحي الطفيلي الأمين العام السابق لـ “حزب الله” إن المقاومة ستستمر حتى لو انسحب الإسرائيليون ووعد بأنه لا يمكن احترام تصريح الرئيس الياس الهراوي بأنه عندما ينسحب الإسرائيليون لن يتم إطلاق رصاصة واحدة. وتعليقاً على المساعدات السورية، قال إن هذا كان كبيراً في الماضي من الناحية الأخلاقية والمالية، لكنه الآن سياسي. وإذا توقف هذا الدعم بفضل المساعدات الإيرانية يمكنهم مواصلة نشاطهم الاقتصادي والعسكري”. وفي أعقاب هذا المؤتمر، أصدر شيوخ الحزب في البقاع بياناً انتقدوا فيه قيادة نصرالله واتهموه باستخدام الموارد المالية للحزب، على رغم الأزمة المالية الحادة، لمصلحة المؤسسات التي دعمته شخصياً. كما أعلنوا تفضيلهم لحكومة طائفية على حكومة تتميز بوضوح بتطورها السياسي.

وهنا يعلق السفير البريطاني في تقريره قائلاً “الطفيلي يعرف بالتصريحات الجامحة. إن السيطرة على أي فصيل متمرد من الحزب بعد الانسحاب سوف يكون أمراً صعباً… قد يشير بيان شيوخ البقاع إلى تصريحات نصرالله الأخيرة التي تدعم لبنان المتحرر من الطائفية وتقاربه الواضح مع الحكومة. كما أن التنافس بين البقاع والفصائل الجنوبية أمر وارد إلى حد ما”؟

تابعوا أخبارنا على Google-News

نلفت الى أن منصة صدى الارز لا تدعي بأي شكل من الأشكال بأنها وسيلة إعلامية تقليدية تمارس العمل الإعلامي المنهجي و العلمي بل هي منصة الكترونية ملتزمة القضية اللبنانية ( قضية الجبهة اللبنانية) هدفها الأساسي دعم قضية لبنان الحر و توثيق و أرشفة تاريخ المقاومة اللبنانية منذ نشأتها و حتى اليوم

ملاحظة : التعليقات و المقالات الواردة على موقعنا تمثل حصرا وجهة نظر أصحابها و لا تمثل آراء منصة صدى الارز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading