بعد 48 ساعة من كلمة له ألقاها يوم الأربعاء، عاد الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله الجمعة ليلقي كلمة ثانية زاد خلالها من وتيرة التهديدات التي يشكك محللون في تنفيذها، وهو ما يبدو أنه محاولة لإنقاذ سمعة الحزب وحليفته إيران من خذلان غزة وعجزه عن حماية صالح العاروري، نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، الذي اغتالته إسرائيل وهو في حماية الحزب.
وقال الأمين العام لجماعة حزب الله إن لبنان سيصبح “مكشوفا” للمزيد من العمليات الإسرائيلية إذا لم يرد الحزب على مقتل صالح العاروري في بيروت.
وجدّد نصرالله التأكيد على أن الرد على اغتيال العاروري في الضاحية الجنوبية لبيروت “آت لا محالة”، وأن مقاتلي الحزب “على الحدود” هم الذين سيردون.
ولا يُعرف ما الذي دعا نصرالله إلى إلقاء كلمة جديدة بعد يومين من كلمته السابقة التي تزامنت مع مقتل العاروري. وبدا أن المناسبة مفتعلة، وأن الكلمة رُتّبت على عجل، وربما هدف نصرالله إلى تسجيل الحضور وطمأنة أنصاره بأنه موجود ويتفاعل مع التطورات.
ولإسكات انتقادات ما يصفه عادة بـ”جمهور المقاومة”، سعى نصرالله إلى تقديم إحصائيات لمشاركة حزب الله في الحرب، متهما إسرائيل بأنها لا تعترف بخسائرها.
وقال نصرالله إن حزبه نفّذ منذ اندلاع الحرب في غزة نحو 670 عملية استهدفت 48 موقعًا حدوديّا مع إسرائيل و11 موقعا خلفيّا. واتهم إسرائيل بإخفاء “الأعداد الحقيقية للقتلى والجرحى”.
ويجعل اغتيالُ العاروري حزبَ الله في وضع حرج؛ إذ يتوجب عليه أن يجد طريقة يفي من خلالها بتعهده مع ضمان عدم خروج الأعمال العدائية عن السيطرة.
وقال نصرالله في كلمة تم بثها عبر التلفزيون خلال حفل تأبيني لمسؤول في الحزب إن قتل إسرائيل لنائب “خرق كبير وخطير”، مضيفا “قطعا هذا لن يكون بلا ردّ وبلا عقاب”.
وتابع “عندما يكون الاستهداف في لبنان وفي الضاحية الجنوبية لا نستطيع أن نسلّم بهذه المعادلة”، مردفا “لن نستخدم عبارة في المكان المناسب وفي الوقت المناسب، القرار في الميدان، الميدان سيرد، والميدان لا ينتظر، والرد آت حتما”.
وقُتل العاروري الثلاثاء في ضربة صاروخية من طائرة حربية، وفق مصدر أمني لبناني، استهدفت مكتبا لحماس في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله، في أول استهداف يحصل في العاصمة اللبنانية منذ بدء الحرب في غزة. وقالت السلطات اللبنانية والحزب وحماس وواشنطن إن إسرائيل نفذت العملية.
وسبق لنصرالله أن أكدّ في خطاب الأربعاء أن الاغتيال “لن يمرّ أبدا من دون رد وعقاب”.
ومنذ اندلاع الحرب بين حماس وإسرائيل في قطاع غزة في السابع من أكتوبر الماضي تشهد الحدود اللبنانية – الإسرائيلية تبادلا يوميا للقصف بين حزب الله والجيش الإسرائيلي.
ويعلن الحزب الحليف لطهران أنه يستهدف بشكل رئيسي في عملياته اليومية مواقع عسكرية إسرائيلية قرب الحدود، مُدرجا ذلك في إطار دعم قطاع غزة و”إسناد مقاومته”. في المقابل تشن إسرائيل غارات جوية وتقصف بالمدفعية عدة مناطق في جنوب لبنان، مؤكدة استهداف “بنى تحتية” للحزب.
وأشار نصرالله إلى أن حزبه فرض “معادلات الردع التي أسس لها”، وقال “بعد طي هذه المرحلة ووقف العدوان على غزة (…) نحن أمام فرصة تاريخية الآن للتحرير الكامل لكل شبر من أرضنا اللبنانية (…) وأمام فرصة حقيقية لتثبيت معادلة تمنع العدو الإسرائيلي من اختراق سيادة بلدنا”.
تأتي تصريحات أمين عام حزب الله متزامنة مع توافد دبلوماسيين غربيين على بيروت سعيًا لضبط النفس والتهدئة، وإيجاد حلول قد تشمل تسوية لنقاط حدودية خلافية بين لبنان وإسرائيل.
وأسفر تبادل القصف على الحدود عن مقتل 175 شخصا على الأقل في الجانب اللبناني، من بينهم 129 عنصرا من الحزب.
ومن جهته أحصى الجيش الإسرائيلي مقتل 14 شخصًا، من بينهم تسعة عسكريين.