يدعو بعض أبرز الباحثين في الذكاء الاصطناعي في العالم إلى وقف البحث في هذا المجال، زاعمين أنه تجب أولاً معالجة قضايا السلامة على وجه السرعة، إذ قد تكون النتائج مدمرة للبشرية ما لم نستدرك الأمر.
يقول آخرون إن أي توقف مؤقت في التطوير لن يكون فقط غير قابل للتطبيق على نطاق عالمي، بل قد يصبح عقبة في طريق التقدم الذي يمكن أن يحسن حياة الناس وينقذها.
يتمتع الذكاء الاصطناعي المتوفر حالياً بالقدرة على تغيير المجتمع بشكل جذري بطرق جديدة نراها كل يوم. إذن، كيف يمكن أن يتقدم خلال السنوات المقبلة؟ نستعرض هنا خمس طرق يستطيع الذكاء الاصطناعي من خلالها تحسين العالم وخمساً أخرى قد تجعله أسوأ حالاً بشكل فظيع.
أتمتة الوظائف
تعمل التكنولوجيا على أتمتة الوظائف منذ الثورة الصناعية، على رغم أنها لم تحدث من قبل بالحجم الذي نشهده اليوم حيث يتعرض الجميع، من سائقي الشاحنات إلى الفنانين، لخطر استبدالهم بالذكاء الاصطناعي.
وجدت دراسة حديثة أجرتها شركة “أوبن إيه آي” التي ابتكرت روبوت المحادثة “شات جي بي تي”، أن أكثر من 30 وظيفة بقليل فقط تعتبر آمنة في وجه الأتمتة في المستقبل القريب. وهي تتراوح من فنيي تصليح السيارات إلى الرياضيين، على رغم أنهم يمثلون شريحة رفيعة فقط من سوق العمل الحالي. وفي حين ستُنشأ وظائف جديدة، هناك احتمال كبير بأن تجد غالبية السكان نفسها عاطلة عن العمل. قد يؤدي هذا إلى أحد أمرين:
– النظرة المتفائلة: ظهور طبقة اجتماعية مرفهة جديدة، تعيش على دخل أساسي شامل ممول من الضرائب المفروضة على الروبوتات والشركات التي تديرها.
– النظرة المتشائمة: تؤدي البطالة الجماعية إلى اضطرابات اجتماعية، على غرار ما حصل لمّا حطم عمال المصانع المسرّحون الآلات التي حلت محلهم. وفي ظل تعرض عديد من الوظائف للخطر واحتمال حدوث تفاوت كبير في الثروة، يخشى البعض أن يؤدي ذلك في النهاية إلى انهيار مجتمعي.
اكتشافات علمية
يساهم الذكاء الاصطناعي بالفعل في التقدم العلمي المهم، ويختزل بشكل كبير الوقت الذي تستغرقه الاكتشافات.
يستخدم الذكاء الاصطناعي لابتكار ملايين المواد التي لم تكن موجودة من قبل، والعثور على جزيئات دوائية محتملة بسرعة تفوق الأساليب الحديثة السابقة بألف مرة، ولتحسين فهمنا للكون. إليكم أفضل النتائج وأسوأها:
– النظرة المتفائلة: يتم علاج السرطان وجميع الأمراض الأخرى المهددة للحياة، ما يؤدي إلى عصر جديد من الصحة والازدهار. يستخدم العلماء بالفعل أدوات الذكاء الاصطناعي لتحقيق اكتشافات في طب إطالة العمر الهادف إلى إنهاء الشيخوخة أو حتى عكس مسارها.
– النظرة المتشائمة: يمكن استخدام التكنولوجيا المدعومة بالذكاء الاصطناعي نفسها لأغراض خبيثة، ما سيؤدي إلى ظهور أمراض وفيروسات جديدة تماماً. يمكن استخدام هذه كأسلحة بيولوجية قادرة على تدمير السكان غير القادرين على الوصول إلى العلاجات أو التكنولوجيا اللازمة لتطويرها.
الروبوتات المشغلة بالذكاء الاصطناعي
يمكن للآلات المزودة بأدمغة الذكاء الاصطناعي الذهاب إلى أماكن والقيام بأشياء قد تكون مستحيلة من الناحية الجسدية على البشر.
لكون الروبوتات غير مقيدة بحاجتها إلى الأكسجين أو المغذيات أو حتى محدودية العمر، تستطيع الانطلاق في مهمات إلى الفضاء الخارجي أو أداء مهام خطرة من دون المخاطرة بحياة الإنسان.
قد تكون لهذا الأمر نتيجتان متطرفتان:
– النظرة المتفائلة: تساعد الروبوتات المشغلة بالذكاء الاصطناعي البشر على استكشاف واستعمار أجزاء من الكون من أجل تحويلنا إلى أنواع قادرة على العيش في كواكب متعددة. من شأن هذا أن يضمن بقاء البشرية لملايين السنين، وربما لفترة أطول من عمر الشمس.
– النظرة المتشائمة: تشكل روبوتات الذكاء الاصطناعي مجتمعات خاصة بها على كواكب أخرى، أو تكتفي بالمناطق ذات الظروف البيئية القاسية مثل القارة القطبية الجنوبية أو تحت المحيط. وعند تقدم حضارتها وازدهارها، تتفكك حضارتنا.
البشر المدعومون بالذكاء الاصطناعي
تعمل عشرات من الشركات الناشئة حالياً على إيجاد طرق لدمج أجهزة الكمبيوتر في أدمغتنا، بعضها يهدف بوضوح إلى مساعدتنا على التنافس مع الذكاء الاصطناعي المتقدم.
اختبرت شركة “نورالينك” التي يملكها إيلون ماسك التكنولوجيا بالفعل على الخنازير والقرود، ما مكنها من لعب ألعاب الفيديو بأذهانها.
اختبرت شركات أخرى التكنولوجيا على بشر مصابين بالشلل من أجل ترجمة الأفكار مباشرة إلى نص مكتوب. إليكم كيف يمكن أن يحسن هذا الجانب حياة البشر أو يدمرها:
– النظرة المتفائلة: تسمح لنا شرائح الذكاء الاصطناعي المثبتة في الدماغ بالتقدم التكنولوجي بمعدل لا يمكن أن نتصوره كمجتمع. وحين يحدث هذا إلى جانب التقدم في الرعاية الصحية، يمكن أن يؤدي إلى عصر الإنسان المسير آلياً ما بعد البشر.
– النظرة المتشائمة: إذا لم تكن تكنولوجيا الواجهة الآلية للدماغ متاحة – أو مقبولة – للجميع، فقد تؤدي بسرعة إلى مجتمع يحتوي طبقتين إحداهما ممكّنة بالذكاء الاصطناعي والثانية عاجزة من دونه.
تفوق الذكاء الاصطناعي على الذكاء البشري
قد يحدث ما يسمى بالتفرد التكنولوجي في أي لحظة في فترة تتراوح بين بضع سنوات وبضعة عقود، اعتماداً على المصدر الذي تستقون منه معلوماتكم.
بمجرد أن يتجاوز الذكاء الاصطناعي العام أو الذكاء الخارق أذكى إنسان، سيكون من المستحيل بالنسبة لنا متابعة معدل تقدمه، سيصبح التطور التكنولوجي خارجاً عن السيطرة ولا رجعة فيه. إليكم النتيجة المحتملة:
– النظرة المتفائلة: سنجد أنفسنا نعيش في عالم حيث تُلبى جميع احتياجاتنا ورغباتنا بواسطة خوادم وواجهات الذكاء الاصطناعي، ما يسمح لنا بمتابعة شغفنا في العالم الحقيقي من دون القلق من الأعمال أو المهام الدنيوية، أو الدخول في جنة افتراضية مصممة حسب احتياجاتنا الفردية تجعلنا نعيش في حالة نعيم تشبه تناول دواء مخدر يأخذنا إلى عالم آخر.
– النظرة المتشائمة: سرعان ما نصبح زائدين عن حاجة متطلبات الذكاء الاصطناعي، ويُنظر إلينا كطفيليين على الموارد ونُمحى من فوق وجه الأرض.
انتوني كاثبرتسون – الخبر من المصدر