ساورتني نفسي للحظات أن تكون الموازنة حدثاً تاريخياً يخرجنا الى النقطة الصفر ليضعنا على طريق الاصلاح، فوجدت أنني أمتدحُها لو قلت «أحلى من بلاش». لكنني ثمَّنت حرمان الحكومة من فوضى السِلف والاقتراض وتغريم الذين أثروا من المدعوم أو من منهبة صيرفة التي ابتدعها السيئ الذكر رياض سلامة. وقدَّرتُ مداخلات نواب ذكّرت بثورة 17 تشرين التي اغتالها تحالف فساد وسلاح نجحَ في ترسيخ وقاحته وهيمنته في الحكومة والبرلمان.
ثم قلتُ لعلَّني أعثر على ضالتي في قصر العدل، حصننا الحصين وملاذنا الأخير مهما اعترته شوائب ومطبات. فوجدت المدَّعي على زميل مارسَ حقَّ استقصاء الفساد شريكاً لـ«المنظومة» في ضرب تحقيقات القاضي بيطار لطمس جريمة تفجير النيترات وحرمان أهالي ضحايا مرفأ بيروت من الحقيقة وتكريس سياسة الافلات من العقاب. فصرفت النظر إذ تدخل هذه الممارسات في باب التكرار المثير للغثيان.
حاولتُ تعويض خيبتي بحكم محكمة العدل الدولية المتعلق باتهام جنوب أفريقيا الشجاع لإسرائيل. ومع ان القرار جيدٌ وتاريخي، فإنه لم يشفِ غليلي كونه حذّر الدولة العبرية من تحول عملها العسكري الى إبادة في حق الفلسطينيين، فيما هي ترتكبها فعلياً على مرأى عيون العالم والمجتمع الدولي. وفي المناسبة تذكرت – ولاتَ تنفع الذكرى – المحكمة الدولية لأجل لبنان، وقرارات المجلس الدستوري، وبعض مَن نهلوا من نبع العدالة العضّومي…
أكثر ما لفتني في زواريب السياسات المحلية تصريحات وليد جنبلاط. رأيت من حسنات أخطائه إظهارها شجاعته في التصحيح أو التراجع أو الاعتذار. وهي فضيلة مطلقة أساساً حتى وإن سرَت في مسارب متعددة ومتناقضة خلال نصف قرن من معاركه السياسية على رأس طائفة لا تقلُّ قلقاً عن خصومها ومَن تخشاهم، وفي بلد مستقر على فوهة بركان.
تراجُع وليد جنبلاط عن اعتبار «لبنان أولاً» شعاراً سخيفاً، ناجمٌ حتماً عن إحراج مريديه على كل المستويات، ناهيك عن بداهة تلقّف الاعلام تصريحاً مهيناً لنصف اللبنانيين ولذكرى شهادة كبار مع اقتراب 14 شباط. وتلك مواقف تثير تحليلات ويتصيَّدها أصحاب المخيّلة الضعيفة ليكرروا خبرية «انتينات» جنبلاط، فيما الأكثر ذكاء بقليل يكتشفون ان «وراء الأكمة ما وراءها»!
وبصراحة، فكرت خصوصاً في مأزق تيمور، وكيف أنه تسلّم الطائفة وعبء عباءتها وحزبها وكتلتها البرلمانية بصلاحيات حامل التاج البريطاني، خصوصاً أنّ «الوالد المرشد» لا يزال يحدد المسار ويسرق الأضواء والأدوار.
بدون منازع، أفضل ما حصل الأسبوع الماضي وثائقي it´s ok الذي أطلقته «نتفليكس» متناولاً مسيرة إليسا «ملكة الإحساس» في الفن والحياة، وفي موازاته ارتداء جنيفر لوبيز زيّاً من توقيع ايلي صعب. نموذجان صارخان لا يتركان لنا مجالاً للسؤال عما لا تزال ترتكبه المنظومة وفروعها في حق اللبنانيين، وعمّا يمكن أن يختزنه الإبداع اللبناني من آمال…