في انتظار ما ستحمله زيارة الموفد الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين لبيروت غداً بالتزامن مع بدء السفيرة الأميركية الجديدة ليزا جونسون مهماتها، بدا واضحاً أنّ فريق الممانعة بكل تلاوينها، انخرط في محاولات لحرف مسار الحل الدولي في شأن جبهة الجنوب المشتعلة. ووفق معلومات ديبلوماسية لـ»نداء الوطن»، توسّل «حزب الله» عبر وسطاء توجيه رسائل الى الدول المعنية التي تنشط لنزع فتيل الاشتعال في الجنوب، مفادها أنّ هناك نافذة مفتوحة للحل، وأنّ «الحزب»على استعداد للتجاوب معها على قاعدة ربط تطبيق القرار 1701 الذي تتمسك به إسرائيل بترتيبات سياسية في الداخل اللبناني.
في المقابل، أكدت مصادر مواكبة لحراك هوكشتاين أنّه «لا يحمل جديداً، بل مجرد عرض أفكار وتقطيع وقت»، ما دامت الجهة المعنية بالترسيم وتطبيق القرار الدولي أي «حزب الله» ترفض أي بحث قبل نهاية حرب غزة.
ومن أبرز ما جاء في المعلومات الديبلوماسية أنّ «تسويق» رسائل «الحزب» ينطلق من رغبة في إطالة أمد المحادثات الجارية في شأن تطبيق القرار 1701 في انتظار انتهاء حرب غزة، وهو مطلب أعلنه أخيراً السيد حسن نصرالله، مقابل الشروع في مساعٍ لانجاز الاستحقاق الرئاسي وما يليه من قيام حكومة جديدة.
وقالت أوساط قيادية في المعارضة تسنّى لها الحصول على هذه المعلومات: «يحاول «حزب الله» كسب الوقت، والحصول على مكاسب في السلطة التنفيذية. كما أنّه يضع نفسه في موضع المفاوض القوي. وهذا ما دفع بالمعارضة الى مباشرة تعبئة سياسية لمواجهة هذا التطور الذي قد يؤدي الى قيام سلطة تدور في فلك الممانعة. وأبلغت مراجع قيادية في المعارضة الأقنية الديبلوماسية المعنية بلبنان رفضها بقوة ما تتطلع اليه الممانعة. وأُبلغ بذلك الأميركيون.
وما جاء في موقف المعارضة بلغ مسامع الجهات الديبلوماسية المعنية: «المطلوب اليوم بقوة ألا يكون «حزب الله» في موقع فارض الشروط فيما هو فعلياً في موقع من يجب أن يمتثل لتطبيق القرار 1701». وحذّرت المعارضة من أنه «إذا سيطر «الحزب» على مفاصل السلطة الجديدة، فلن تنفّذ عندئذ القرارات الدولية. هذا ما سنصل اليه إذا ما انتخب رئيس للجمهورية على مقاس الممانعة، وعندها ستدور الدولة برمتها في فلك «الحزب».
وماذا عن مشروع الحل الذي سيحضره غداً هوكشتاين، والذي ينطلق من تصور للترسيم البري بدءاً من الناقورة ساحلاً، وصولاً الى مزارع شبعا جبلاً؟ بحسب المعلومات الديبلوماسية أيضاً، حاول وسطاء الممانعة ذرّ الرماد في العيون في شأن التسوية المرتجاة لمزارع شبعا التي ما زالت حتى اللحظة ضمن ملف الأراضي التي احتلتها اسرائيل في حرب عام 1973، والتي صدر في شأنها القرار 338 وصنّفها ضمن الأراضي السورية. وبدا أنّ الممانعة، بإرشاد من «الحزب»، تسعى الى الوصول الى ما يسمى «تطبيعاً أمنياً» يؤدي الى ربط نزاع يسمح لـ»الحزب» بمواصلة التمسك بسلاحه بذريعة استخدامه لاحقاً في تحرير المزارع.
في المقابل، يبدو أنّ الملف الرئاسي لن يشهد جديداً في ظل الوضع الضاغط جنوباً. وقالت مصادر سياسية أنّ الموفد القطري مستمر في حراكه في ظل ظرف غير مؤاتٍ. ويتوقع وصوله الى بيروت، أو ربما يكون وصل اليها فعلاً، ولكن لم يظهر أي أثر له بعد. أما اللجنة الخماسية، فلا أثر لحراكها. واستبعدت مصادر سياسية أي تحرك قريب لها في انتظار تشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة.
على صعيد متصل، تابع عدد من النواب المستقلين والمعارضين حراكهم من أجل خلق أجواء رئاسية، فعُقد مساء أمس اجتماع ضم نواب «الاعتدال الوطني» و»لبنان الجديد» والنواب عبد الرحمن البزري وحليمة قعقور والياس جرادة، بهدف تأسيس نواة كتلة وازنة ومؤثرة في الاستحقاقات، ولا سيما الإستحقاق الرئاسي. وعلمت «نداء الوطن» أنه تم التأكيد على مواصلة اللقاءات للاتفاق على كل الموضوعات. والأهم هو الدفع في اتجاه انتخاب رئيس.
ميدانياً، وفي أوضاع متفاقمة باستمرار، قال المتحدث العسكري الإسرائيلي مساء أمس، أنّ الجيش قتل قائد الوحدة الجوية لـ»حزب الله» في جنوب لبنان علي برجي، مستنداً الى استهداف إسرائيل بصاروخ مسيّرة سيارة في خربة سلم تزامناً مع تشييع قائد فرقة «الرضوان» في «الحزب» وسام الطويل ظهراً. لكن «الحزب» نفى هذه المزاعم ليلاً.
من ناحيته أعلن «حزب الله» أنه استهدف مقر قيادة المنطقة الشمالية للجيش الإسرائيلي «في إطار الرد» على اغتيال الطويل ونائب رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» صالح العاروري. وكان «الحزب» أعلن السبت استهداف قاعدة مراقبة جوية في شمال إسرائيل في إطار «ردّ أولي» على اغتيال العاروري ورفاقه.