… وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام (الحكومية) «أن العقيد الياس البيسري من الجيش اللبناني أُصيب بجروحٍ خطِرة في الانفجار».
هذا الخبرُ كان دوّى في بيروت يوم محاولة اغتيال الوزير (سابقاً) الياس المر في 12-7-2005، في عزّ «موسم» إراقة الدم على الطرق في لبنان الذي استباحتْه عملياتُ الاغتيال ومحاولات الاغتيال الرهيبة بين 2004 و2013.
وإذا كان الجميعُ في الوطن المُصاب اليوم بجروحٍ لا تُحصى يردّد وبلسانِ السواد الأعظم «تِنْذِكِر وما تِنْعاد»، فإنه لا يمكن للمرء أن يُجالِسَ اللواء البيسري و«نضارة» حضوره من دون أن تَستحضر الذاكرةُ من أرشيفها صورةَ الوجه المهشَّم لضابطٍ لم يَعْرِفْ منذ تخرُّجه في المدرسة الحربية في العام 1986 إلا «الشرف والتضحية والوفاء»، المعادلةُ الذهبيةُ التي صارتْ على صدره أوسمةً وميداليات.
… «الضربة اللي ما بْتِقِتْلَكْ… بِتْقَوّيك».
هكذا خَرَجَ البيسري من بين حُطام سيارةِ انفجار الـ 2005 وأشلائها ليصبح في الـ 2023 مديراً عاماً للأمن العام بالإنابة، تتويجاً لمشوارٍ مع المرقّط جَعَلَ حياتَه مرصعةً بالعطاءات من دون صَخَبٍ أو جَلَبَةٍ أو ضوضاء… وها هو الآن يدير واحداً من أهمّ الأجهزة التي تُعنى بالأمن والسياسة في الداخل ومع الخارج، في «مسك ختام» تجربةٍ تمتدّ لنحو أربعة عقود.
في مكتبه في المديرية التي تَزَيَّنَ مَدْخَلُها بصورٍ للمديرين العامين السابقين للأمن العام الذين تَركوا بصماتٍ في تاريخ لبنان، التقتْ «الراي» اللواء البيسري في اليوم نفسه الذي صادَفَ الذكرى 18 للانفجار الذي قَذَفَ به إلى… حافة الموت.
عناوين عدة تَطَرَّقَ إليها الحوارُ… من العُمر الجديد الذي كُتب للواء البيسري، إلى الواقع الأمني في لبنان والتحديات التي يواجهها، مروراً بالصيف العامر والآمِن، والتعاون عالي المستوى والعلاقة التاريخية المتجذّرة والمتجددة مع الكويت، وصولاً إلى ملفات ساخنة كالنازحين، وليس انتهاءً بما بات «قضيةً شائكةً» يشكّلها «الفوزُ» بجواز السفر.
• يتزامن حديثُنا مع ذكرى 12 يوليو 2005 التي حَفَرَتْ في الذاكرة وتَرَكَتْ ندوباً… ويُقال إن «الضربة اللي ما بْتِقِتْلَكْ بِتْقَوّيك»، فما العِبرة الشخصية من الإفلات من فم الموت والمضيّ في «خدمة الوطن» حتى بلوغكم أعلى الهرم في واحدة من المؤسسات الأمنية الأكثر تعدُّداً في مهماتها الأمنية والسياسية والإدارية؟
– عندما يتخذ المرء قراراً بالانخراط في السلك العسكري يدرك عن وعيٍ بأن مسيرتَه لن تخلو من الأخطار والمجازفات كما من الإنجازات، وهي مسيرةٌ تُراوِحُ بين النجاح والموت وما بينهما. ولذا يكون كل شيء وأي شيء متوقَّعاً وغير مفاجئ.
وما تعرّضتُ له كان في إطار مَهمة عسكرية أؤديها، وتالياً لم يكن ثمة أي بُعْدٍ شخصي في الأمر، وذلك كأيّ عسكري يؤدي واجباته بناء لتوجيهاتٍ أو تعليماتٍ أو أوامر.
والكثير من رفاقنا الضباط والعسكر أصيبوا أثناء تأديتهم مهماتهم، وبينهم مَن استشهد وآخَرون أصيبوا بجروح بالغة بقيت مفتوحة أو بتشوّهات، وبعضهم تَضَرَّرَ نفسياً. ومن هنا فإنني أعتبر ان ما تعرّضتُ له قبل 18 عاماً أمر طبيعي لأنه حَدَثَ أثناء تأديتي مَهمتي العسكرية.
أما سؤال هل هذه الضربة تقوينا أو تضعفنا، فيمكني قول إن قوّتَنا مستمَدَّةٌ من الإيمان الراسخ بأن ما نقوم به هو الواجب الذي التزمْنا به من أجل وطننا، الالتزام الذي لا يعتريه أي ضعف لأنه مبنيّ على قناعات ثابتة وعلى إيمانٍ لا يتزعزع، ما يجعلك قوياً ومرتاحَ الضمير.
الضربات التي قد تصيبنا ما هي إلا أحداث ظرفية لا تغيّر القناعات وصلابتها لجهة خدمة الوطن والدولة والمواطن. وأمامنا دائماً المبدأ الذي يقوم على don’t give up، أي لا تستسلم أو تتراجع بل إلى مزيدٍ من العطاء.
• تم تعيينكم مديراً عاماً للأمن العام بالإنابة في ظل أزمات هائلة وغير مسبوقة تستوطن لبنان وتجعل أوضاعَه أشبه بـ«طنجرة ضغط»… أي تحديات تواجهونها وهل أنتم مُطْمَئنون إلى الوضع الأمني؟
– الاطمئنانُ يجب ألا يقود في أي حال إلى استرخاء الأجهزة الأمنية.
وحتى في الظروف الطبيعية لا يمكن للمسؤول الاطمئنان الكامل، فالأمن هاجس دائم سواء كانت الأوضاع عادية أو استثنائية كما هي حالُنا غير المسبوقة اليوم.
من المعروف أن الدولَ تقوم على مؤسسات سياسية وإدارية وأمنية وقضائية.
ومشكلتنا الآن أن لا رأس للدولة مع تَمادي الشغور في رئاسة الجمهورية، وتالياً فإن الحكومة هي لتصريف الأعمال وعملُها محكوم بضوابط معينة رغم أن رئيسها يبذل جهوداً حثيثة للحفاظ أقله على الحد الأدنى من تسيير الأمور الحياتية للمواطنين وحماية الاستقرار الأمني وديمومة عمل الدولة.
كما أن مجلس النواب الذي تحوّل إنفاذاً للدستور هيئةً ناخبة لا يقوم إلّا ببعض التشريعات التي لها طابع الضرورة. والإدارة العامة في شللٍ شبه كامل بسبب الإضرابات وشحّ الموازنات.
هذه هي حال الدولة ومؤسساتها، أما المجتمع وأزماتُه فحدِّث ولا حرج.
فالليرة فقدت نحو 98 في المئة من قيمتها أمام الدولار ما تَرَكَ تداعياتٍ كارثيةً على المستويات الاجتماعية والاقتصادية وعلى الصعد كافة.
وهذا الواقع يحمل في ذاته بالنسبة لكثيرين بذورَ اهتزاز أمني.
لكن الحقيقة غير ذلك، فالأمن مستتبّ ونجحْنا كأجهزة أمنية وعسكرية في حفظ الأمن والاستقرار رغم ما تعانية هذه الأجهزة كسائر المواطنين من أزمة مالية خانقة ومصاعب اقتصادية.
لقد نجحْنا حتى الآن في الحدّ من مفاعيل هذه الأزمات على طريقتنا وبتدابير ذاتية كي نستطيع القيام بواجباتنا في العمل على صون الأمن. فنسبة الجريمة في لبنان مقارنةً بدولٍ أخرى ما زالت مقبولةً، وخصوصاً أننا في ظروف ما فوق استثنائية وغير مسبوقة.
ولذا فإن استتبابَ الوضع الأمني يوحي، ورغم كل الأزمات، وكأننا في أحلى حالاتنا، وهذا يشكل إنجازاً غير متوقَّع وغير مرئي، ومن نتائجه الصيف الواعد الذي ننعم ببشائره، وهو صيف يشبه ما كان عليه في العام 2019، أي قبل الأزمات الشاملة التي عصفتْ بالبلاد… لا يمكن للسائح الأجنبي أو العربي وللمغترب أن يأتي إلى لبنان لو لم يكن ينْعم بنسبةٍ عالية جداً من الأمن هي ثمرةُ عَمَلِ جميع الأجهزة. وهذا لا يراه الناس لكنهم يعيشون في كنف نتائجه.
• ألا ينبغي إظهارُ الجانب غير المرئي من جهدِ المؤسسات الأمنية لطمأنة مَن هم في الخارج وتشجيعهم على المجيء إلى لبنان؟
– من طبيعة الجهد الأمني أنه غير مرئي، أما تظهير نتائجه فمن مهمة الإعلام. الحال الأمنية في البلاد مستقرّة بشهادةِ الإحصاءات والواقع المُعاش.
وإذا أردْنا إبرازَ أهميةِ ما ينعم به لبنان من استقرارٍ على المستوى الأمني، علينا أن نذكّر بأننا نستضيف مليوني نازح سوري ومئتي ألف لاجئ فلسطيني، وغالبيتهم في حال فقر مدقع ينتظرون المساعدات الشهرية للعيش في بلدٍ يعاني أزمات اقتصادية… وعندما تنجح في ضبْط هذا الواقع وإبقائه تحت السيطرة، يعني أنك تحقق إنجازاً باهراً.
• ثمة إجماعٌ على أن الاستقرارَ الأمني يشكّل بقعةَ الضوء ربما الوحيدة في لبنان حالياً والتي يعود لها الفضل في تشجيع السياح والمغتربين على المجيء… هل مِن إحصاءاتٍ لأعداد الوافدين هذا الصيف؟
– لا نريدُ استباقَ الموسم السياحي.
لكنني أتوقع أن يكون شبيهاً بما كان عليه صيف 2019 الذي سَجَّلَ أرقاماً قياسية. وتشير حركةُ المطار إلى دخولِ وخروجِ نحو 35 ألف شخص يومياً.
وهناك نحو مئة طائرة وأكثر تهبط ونحو مئة طائرة وأكثر تقلع يومياً.
أي كل يوم تسجّل حركةُ الطيران ما بين 200 و 210 طائرات، بين إقلاع وهبوط، أي في حدود 8 أو 9 طائرات كل ساعة، وهذا رقم غير مسبوق.
• هل تلاحظون إقبالاً خليجياً على المجيء إلى لبنان كما كان في السابق؟
– لم ينقطع مجيءُ الخليجيين إلى لبنان، لكن السؤالَ يبقى حول نسبة الآتين، وهذا أمر يرتبط بالظروف السياسية وتأثيراتها، لكنهم يأتون وأمنُهم محفوظٌ كاللبنانيين وأكثر.
فالحوادث التي تحصل مع الأجانب والرعايا العرب أقل بكثير من تلك التي تحصل مع اللبنانيين وتكاد أن تكون قليلة أو نادرةً.
وإذا حصلتْ، لا سمح الله، تتخذ أبعاداً واهتماماً وأصداء… قد يَحْدث أن يُخطف لبنانيّ ويَستغرق الجهد لإطلاقه أكثر من أسبوع من دون أي ضجة أو جلبة، لكن إذا صودف وخُطف أيٌّ من الرعايا العرب أو الأجانب لـ 15 دقيقة فالأصداء ستكون كبيرةً وتداعياتُها بالغة السلبية.
• تطرقتم إلى وجود مليونيْ نازح سوري في لبنان… مِن اللافت ان الحديث عن هذا الملف في بيروت يتقدّم تارةً ويتراجع تارةً أخرى. هل مِن تَصَوُّرٍ واضح لسبل معالجته؟
– لا يمكن النظر إلى ملف النزوح السوري – بمعزل عن تَقَدُّمِه أو تَراجُعِه – إلا في إطاره العام، أي من ضمن الصورة الكبرى. فهو نتيجة للحرب التي وقعت في سورية وأدت إلى نزوحٍ في اتجاه الأردن وتركيا ولبنان والعراق، وفي اتجاه أوروبا، وبأعداد أقلّ في دول عربية معيّنة.
ثمة اهتمامٌ دولي بقضية النازحين التي ترتبط بثلاثة عوامل، بالدولة السورية وبالحال اللبنانية وبالإرادة الدولية، ولذا فإن الأمر يحتاج إلى توافق سياسي بين المرجعيات الثلاث من أجل التوصل إلى حلول في هذا الملف.
• بعدما طالب لبنان بالحصول على داتا النازحين من مفوضية اللاجئين في الأمم المتحدة… أين أصبح الأمر؟
– أي أمر مشروط في الحياة يكون صعباً، حتى ولو كانت المسألة ترتبطُ بهبةٍ. وكل أمرٍ مرهونٌ الحصول عليه بشروط معينة يثير لديك الحذر ويستدعي المزيدَ من التفكير في شأنه.
من هنا فإن تزويدنا بـ «الداتا» لقاء شروط يخضع لمناقشةٍ وتفكيرٍ، ليس من الأمن العام إنما الأمر يتعلق بالحكومة صاحبة القرار السياسي، ونحن جهازٌ تنفيذي بيدها.
• من الواضح أن الأجهزةَ الأمنية اللبنانية حققتْ إنجازاتٍ مشهودةً في مكافحة المخدرات التي شكّلت أحد المطالب الرئيسية في المبادرة الكويتية – الخليجية – العربية – الدولية حيال العلاقة مع لبنان… هل يمكن طَمْأنة الخارج إلى الإجراءات المُتَّخَذَة لكبْح جماح هذه الجريمة؟
– آفةُ المخدرات عالميةٌ وتضرب دول العالم قاطبة، وما من بلد على هذا الكوكب لا يعاني من تهريب المخدرات.
ومكافحتها تحتاج إلى تعاونِ دولي وعلى نطاق واسع.
الجهدَ الأساسي للقوى الأمنية ينصبّ اليوم على مكافحة المخدرات كأولويةٍ قصوى، لِما للأمر من تأثيرٍ مباشر على مجتمعنا… أهلنا، أولادنا، مدارسنا، عاداتنا وعلى علاقاتنا مع الدول العربية.
ونحن بدايةً نعمل لإبعاد الأذية عن شعبنا، إذ يصحّ المثل القائل «الأقربون أوْلى بالمعروف»، وبالأهمية عيْنها نعمل على حماية سمعة البلد وإبعاد الخطر عن مجتمعاتِ أشقائنا وأصدقائنا الأقربين والأبعدين.
سمعةُ بلادنا مبنيةٌ على ضبْط الأمور وعدم تحول لبنان منصةً لإيذاء الآخَرين أو ممراً للتهريب إلى بلاد أخرى. لقد قمنا أخيراً برفقة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووزير الداخلية بسام مولوي بزيارةٍ لمطار رفيق الحريري الدولي للاطلاع على الـ«سكانير» وإجراءات التفتيش وتحسينها لإعطاء تطميناتٍ للدول العربية بأننا عيْنٌ ساهِرة. فمستوى التفتيش عالٍ جداً وكذلك مستوى الأمن.
وتمّ في اليوميْن الماضييْن الكشف على الـ «سكانير» في نقطة المصنع على الحدود اللبنانية – السورية للتأكد من حُسْنِ سير العمل هناك بغية الطمأنة إلى أن الشاحنات التي تقصد الدولَ العربية آتيةً من لبنان خاضعة للتفتيش، وكذلك الأمر بالنسبة إلى مرفأ بيروت.
كل هذه الإجراءات مردّها إلى أننا نولي مسألة مكافحة المخدرات أهميةً قصوى، فسمعة بلادنا على المحك ومجتمعنا على المحك، لذا لن ندّخر جهداً من أجل كبح جماح هذه الآفة التي تشكّل عدواً لا هوادة في مقاومته.
• كان للتنسيق الأمني اللبناني – الكويتي الفضل في إحباط أكثر من عملية تهريب مخدرات إلى الكويت… هل يمكن القول إن التنسيق بين لبنان والكويت على ما يرام؟
– التعاون الأمني مع الكويت لا يقتصر على مكافحة المخدرات بطبيعة الحال، وهو تَعاوُنٌ بكل معنى الكلمة وعلى غرار تنسيقنا مع جميع الدول.
فلبنان كان معروفاً بأنه صلة الوصل بين الشرق والغرب، ومن الدول التي تحرص على أعلى مستويات التعاون مع الجميع بحُسن نية وانضباطية وروح المسؤولية.
الكويت من الدول التي تحظى باحترامنا ومحبّتنا وتقديرنا.
وهناك تَعاوُنٌ عال مع فريقها الأمني المولج بالتنسيق، وهم يعرفون أننا نولي اهتماماً فائقاً لتنسيقٍ مفتوحٍ خارج أي حساباتٍ سوى التقدير والمحبة والحرص وحفْظ العلاقة التاريخية المتجذّرة والمتجددة مع الإخوة الكويتيين.
ونحن ندرك عمقَ محبة الكويتيين للبنان وتوْقهم للمجيء إليه وإلى بيوتهم وأملاكهم. فالمحبة بين الكويت ولبنان تتوارثها الأجيال جيلاً بعد جيل.
النزوح الاقتصادي من سورية… وارتفاع نسب الجريمة
– ملتزمون عدم إعادة النازحين الذين لديهم مشكلات سياسية أو أمنية في سورية
أشار اللواء البيسري في حديثه عن قضية النازحين السوريين إلى أن ثمة مفارقات كثيرة في ملف النزوح السوري، وقال: «لا شك في أن بعض النازحين يعانون مشكلاتٍ سياسيةً أو أمنيةً في سورية وعلينا التزاماً بالقانون الدولي وبالمعايير الإنسانية عدم إعادتهم إلى سورية، لكن المشكلة تكمن في (النزوح الاقتصادي) الذي تختبئ خلفَه أعدادٌ كبيرة ممن يأتون إلى لبنان للعمل ما يؤثر على مجمل الحركة الاقتصادية والتجارية في البلاد، وهي منافسةٌ يدفع شعبُنا ثمنها باهظاً».
وأضاف: رغم المساعدات التي تأتي من المجتمع الدولي على خلفية ملف النازحين، فإننا نتحمّل أعباء مُكْلِفة في المقابل، خصوصاً إبان سياسة الدعم التي كانت معتمَدة لسلع وخدماتٍ أساسية كالخبز والكهرباء والأدوية والمحروقات والمواد الغذائية.
فالنازحون كانوا جزءاً من الذين يستفيدون من دعْمٍ مدفوع من الدولة ما يجعل ما يتحمّله لبنان يوازي ما يحصل عليه من مساعداتٍ من المجتمع الدولي.
وبيّن أنه «لا يمكن إغفال تأثير هذا الحجم من النازحين السوريين على الأمن، فنسبة الجريمة ارتفعت على نحو يُرْهِقُ القوى الأمنية ويستنزفها، إضافة إلى انه أصبحنا أمام جرائم غير معهودة في المجتمع اللبناني ولم تكن موجودةً إلا في ما نَدَرَ وصارت إشاعةً وهي ظواهر مُفْجِعة ناجمة عن ظروف لا يُحسد عليها النازحون الذين يعانون أوضاعاً مأسوية بعيداً عن بلادهم وبيوتهم».
لا أزمة في «الباسبورات»… بل أزمة ثقة وتهافت
– جوازات السفر متوافرة ونجحنا بتأمين التمويل للسنوات المقبلة
– الجواز البيومتري اللبناني من الأكثر مراعاة لمعايير الأمان ومنذ اعتماده لم يتم تزوير أي جواز
قال اللواء الياس البيسري رداً على سؤال عن أزمة جوازات السفر اللبنانية وتَماديها رغم محاولاتِ وَضْعِ حدّ لها: لا أزمةَ جوازات سفر.
الـ «باسبورات» متوافرة وبَذَلْنا جهداً كبيراً من أجل تأمينها.
ولكن هناك أزمة ثقة بالبلد هي التي تقف وراء اندفاع المواطنين وتَهافُتِهم للحصول على جواز السفر لاعتقادهم أنه عامِلٌ مُطَمْئِنٌ لهم. وكانت لدينا رؤيةٌ قاربْنا من خلالها موضوع الباسبورات وقامت على الحاجة لطباعة ما بين 800 إلى 1000 جواز سفر يومياً، والآن ارتفع العدد إلى ثلاثة آلاف في اليوم، والمواطنون ما زالوا يتهافتون طلباً للحصول على الـ «باسبور».
ويأتي هذا التهافت رغم محاولات عدة لوضع أولوياتٍ تأخذ في الاعتبار الضرورات الأكثر إلحاحاً، مثل التعليم والاستشفاء وحاملي الإقامة في الخارج والتجارة وغيرها.
حتى أننا أَوْقَفْنا العمل بالمنصة الإلكترونية لمزيدٍ من إراحة الأجواء والطمأنة مع تأكيد أن هناك كميات كافية ولا نقصَ في جوازات السفر، ولكن التهافتَ استمر.
وهنا أكرر أن لا أزمة جوازات بل أزمة تَهافُت. والباسبورات متوافرة لدينا ونعطيها ولم ننقطع يوماً عن ذلك.
وما وعدْنا به ننفذه من دون أي مشكلات، علماً أننا باشرنا اتصالاتٍ مع دول شقيقة وصديقة لمزيد من التمويل بما يضمن تأمين الجوازات من دون أي عوائق للسنوات المقبلة، ويمكن القول إن المهمة نجحتْ وسنحصل على التمويل.
مع الإشارة إلى أن لا مشكلة إطلاقاً بالنسبة إلى توفير الجوازات للفترة المتبقية من السنة الحالية والسنة المقبلة حيث انطلقْنا من مليون باسبور لمنْحها للراغبين.
ومعلوم أن جواز السفر البيومتري اللبناني هو من الأكثر مراعاة لمعايير الأمان، ومنذ اعتماده لم يتم تزوير ولو باسبور واحد. ويمكن القول إنه الوحيد الذي لم ينجح أحد في تزويره.
متى نصل إلى لبنان الذي نريده؟
عن مفارقة توليه منصب مدير الأمن العام اللبناني – المسيحي الأول منذ نحو ربع قرن – رغم أن ذلك بالوكالة، يشدد اللواء البيسري على أن الأمن العام لبنانيّ ونحن لبنانيون «بدنا نفكّر لبناني ليطلع معنا إنتاج لبناني، ما بدنا نفكّر طائفياً لَما يطلع معنا إنتاج طائفي.
الإنتاج اللبناني أهمّ من الإنتاج الطائفي… بدّك تحكي لبناني وتفكّر لبناني وتعمل لبناني». وعندما نصل إلى هذه المعادلة نكون وَصَلْنا إلى لبنان الذي نريده.