بين انفراج مرجو لأزمة الشغور الرئاسي المتعثرة منذ 31 أكتوبر 2022، والخشية من عدم بلوغ الأمور خواتيمها السعيدة، أسوة بتجارب لبنانية كثيرة سابقة، وبين حصول تدهور كبير في الحرب بين إسرائيل وحزب الله يطاول مناطق لبنانية واسعة.
بين هاتين النقطتين يحبس اللبنانيون الأنفاس متمنين حصول انفراج في الملف الرئاسي ينسحب تاليا على الحرب في الجنوب.
ويتطلعون بتفاؤل إلى الزيارة المرتقبة للمبعوث الفرنسي جان إيف لو دريان إلى بيروت هذا الأسبوع، علها تفتح الطريق إلى إنجاز الاستحقاق الرئاسي، ومد البلاد تاليا بجرعة أمل جراء بداية عهد جديد، يحرك عجلة الحياة في مؤسسات الدولة شبه المشلولة بالكامل، ويبعد شبح الحرب التي طالت منذ الثامن من أكتوبر الماضي، تاريخ إعلان حزب الله منفردا مساندة الجبهة في غزة.
ويأمل اللبنانيون مع مصادفة عيد التحرير من الاحتلال الإسرائيلي للجنوب والبقاع الغربي في 25 مايو العام 2000، يوم خروج الجيش الإسرائيلي من الأراضي اللبنانية (عدا مزارع شبعا وتلال كفرشوبا) ودحر عملائه، ان يحمل هذا اليوم انفراجا رئاسيا بـ «تحرير» كرسي رئاسة الجمهورية من الشغور، كما حصل في 25 مايو 2008 يوم انتخاب العماد ميشال سليمان رئيسا للجمهورية بعد «اتفاق الدوحة» بين الأفرقاء اللبنانيين، والذي اعتبر ملحقا لـ «وثيقة الوفاق الوطني» الموقعة في الطائف من قبل المجلس النيابي اللبناني المنتخب أعضاؤه في 1972.
يدرك اللبنانيون ان لو دريان سيحاول تحريك الملف اللبناني، من دون ان يملك بين يديه مفتاح الحل. ويعول في زيارته على جرعة الدعم التي تلقاها من الرئيس إيمانويل ماكرون.
وفي سياق متصل، علمت «الأنباء» انه ومواكبة لاحتمال حصول انفراج رئاسي، اسر مرجع روحي مسيحي كبير إلى مرجعية مماثلة لموقعه في طائفة مسيحية أخرى، باسم المدير العام لرئاسة الجمهورية انطوان شقير، كمرشح (ثان) مقبول منه للمنصب الأرفع في الجمهورية اللبنانية. إلا ان المرجعية الثانية استغربت الطرح، فيما بدا انها كانت تتوقع سماع أسماء مرشحين آخرين يضافون إلى المرشح الذي يحظى بقبول واسع وشبه حصري من المرجعية الأولى.
في أي حال، ينشط أهل السياسة في بيروت، كل لتحصيل ما يعتبره مكاسب قبل انفراج محتمل، وإن يكن البعض أخذ في الاعتبار التموضع وعدم الاندفاع كثيرا في مواقفه تحسبا للأسوأ، لجهة إخفاق المساعي والانتقال إلى مرحلة توسع الحرب الإسرائيلية في الداخل اللبناني.
ونقل عدد من النواب في مواقف جانبية لـ «الأنباء» خشيتهم «من ضياع فرصة التقاط بارقة الأمل والإنقاذ من الدخول في حرب شاملة تطال لبنان»، بحسبما ذكر أحد النواب العائدين من جولة خارجية شملت الولايات المتحدة الأميركية مع وفد نيابي كبير.
هذا في حين تحدث مصدر سياسي رفيع مؤيد لـ «محور الممانعة» لكنه رافض لـ «جبهة المساندة من البوابة اللبنانية» الى «الأنباء» عن «ان الحزب (حزب الله) يتعامل بهدوء مع التهديد بتوسيع إسرائيل الحرب في الداخل اللبناني، ويؤكد مرارا التزامه بالمعادلات التي رسمها سابقا، وفي طليعتها: تل أبيب مقابل الضاحية الجنوبية لناحية القصف والرد عليه».
وقال مصدر نيابي آخر لـ «الأنباء»: «لا مشاريع جاهزة لحل أزمة الاستحقاق (الرئاسي)، والبديل هو العودة إلى الحوار والتفاهم على اسم أو عدد محدود من الأسماء ما يشكل الخيار الوحيد، كما سبق وقال الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط».
وأضاف المصدر ان الرئيس نبيه بري «مرتاح لمسار المحادثات وهو يشكل مستودعا لخلاصة كل الأفكار والمساعي المحلية والخارجية، ويرى انه في نهاية المطاف سيعود الجميع إلى الجلوس إلى طاولة الحوار»، مشيرا إلى ان «دائرة المعارضين لها بدأت تضيق، وان كان البعض لا يجاهر بموقفه ويبحث عن مبررات وغطاء سياسي لتعديل هذه المواقف».
ولاحظ المصدر النيابي «ان الأميركي ليس على عجلة لفرض أي حل، مادام الوضع على الحدود لا يزال على حاله، مع الحرص على عدم توسعه. ومن جهته يدرك الفرنسي ان أي مبادرة لا يمكن ان ترى النور من دون مباركة اميركية».
على صعيد ملف النازحين السوريين، يشكل الاسبوع المقبل محطة مهمة في طرح هذا الموضوع، وكشف مصدر رسمي لـ «الأنباء» عن ان لبنان «يذهب إلى مؤتمر بروكسل للنازحين وهو في موضع قوة للمرة الأولى، من خلال الاجماع اللبناني على رفض الاستمرار في تحمل لبنان لهذا العبء الكبير، ومتسلحا بتوصية المجلس النيابي، والإجراءات التي بدأت تنفيذها الحكومة (تصريف الأعمال) حيال النازحين غير الشرعيين. كما ان لبنان انتقل في مواجهة المفوضية العليا للاجئين من الدفاع إلى الهجوم، بعد تراجعها في الفترة الأخيرة عن مواقفها».
كذلك أعلن المدير العام للأمن العام بالإنابة اللواء إلياس البيسري في حديث إلى قناة «إم تي ڤي» التلفزيونية، انه في حال تلكأت المفوضية الأوروبية عن تسليم «داتا» النازحين إلى الدولة، «فإن لدى الأمن العام خطة» ب «سيلجأ اليها»، مشيرا إلى ان لبنان لم يعد يقبل بطرح العودة الطوعية للنازحين، ومتحدثا عن «إجراءات ستتخذ لمعالجه هذا الملف، وان هذا الامر أبلغ إلى الأوروبيين خلال الساعات الماضية، وسيكون موضع بحث في الاجتماع مطلع الاسبوع المقبل».