ونقل «أكسيوس» عن مسؤولين إسرائيليين ومصدر مطلع على الملف، قولهم إن هناك «تفاهمات ستستند إلى مبدأ (التجميد)»، أي أن «حزب الله» لن يضطر إلى سحب قوات النخبة التي سحبها قبل أسابيع إلى مسافة 10 كيلومترات، بل «سيلتزم فقط بعدم إعادتها إلى المناطق الواقعة على طول الحدود، حيث كانت متمركزة قبل 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي». وأفاد «أكسيوس» بأنه «بدلاً من ذلك، سيرسل الجيش اللبناني ما بين 10 آلاف و12 ألف جندي إلى المنطقة الواقعة على طول الحدود مع إسرائيل»، كما سيحصل لبنان على امتيازات اقتصادية بضمانات دولية تقدمها الولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا.
جاء التسريب بعد زيارة وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وألمانيا بشكل متلاحق خلال الأسبوعين الأخيرين، وبعد يومين على زيارة المستشار الرئاسي الأميركي الخاص، آموس هوكستين، إلى تل أبيب، يوم الأحد الماضي.
لا مفاوضات حتى الآن
ونَفَت مصادر لبنانية منخرطة في المحادثات مع المسؤولين الدوليين بشأن تطورات الحرب في الجنوب أن تكون المعلومات التي سرَّبها موقع «أكسيوس» حول الصيغة للحرب الدائرة بين «حزب الله» وإسرائيل «صيغة حل»، مشددةً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على أن هذه المعطيات «لا أساس لها على الجانب اللبناني، وهي عبارة عن أفكار بالهواء ترضي الجانب الإسرائيلي». وقالت المصادر إن هذه الأفكار «ليست مطروحة لدى الجانب اللبناني الذي لم يبلغ الموفدين الدوليين إلا بطرح واحد يتمثل في تنفيذ كامل القرار (1701). ويجري تنفيذه بالتوازي بين الطرفين وعلى ضفتَي الحدود»، مؤكدة في الوقت نفسه أن لبنان لم يبلغ الموفدين بأي طرح إضافي، كما أن الموفدين الدوليين «لم يحملوا أساساً طرحاً صلباً، كما أننا لم نبدأ أي مفاوضات على أي شيء».
وينصّ القرار «1701» على سحب مقاتلي «حزب الله» من منطقة جنوب الليطاني، وانسحاب إسرائيل من المنازل التي تحتلّها داخل الأراضي اللبناني، وهي عبارة عن 13 نقطة حدودية متنازَع عليها، وأراضٍ محتلة في بلدة الغجر اللبنانية. وتنص المادة العاشرة من القرار على «ترسیم حدود لبنان الدولیة، خصوصاً فــي تلك المناطق، حیث هناك نزاع أو التباس، بما فـي ذلك معالجة مسألة مزارع شبعا، وتقدیم تلك الاقتراحات إلى مجلس الأمن في غضون 30 یوماً»، أي في شهر سبتمبر (أيلول)، عام 2006، وهو ما لم يحدث. ويطالب لبنان بالانسحاب من مزارع شبعا التي احتلتها إسرائيل في عام 1967، في حين تعدّها إسرائيل سوريّة.
وقالت المصادر اللبنانية إن لبنان ينطلق في موقفه من كون «المقاومة نتيجة للاحتلال»، وبالتالي، «على إسرائيل الانسحاب من سائر الأراضي اللبنانية المحتلة بالتوازي مع النقاش حول وجود المقاومة في المنطقة الحدودية»، مشيرة في الوقت نفسه إلى أن الموفدين الدوليين، وآخرهم وزير الخارجية الفرنسي الذي زار بيروت الثلاثاء «يؤكدون أنهم يعملون لتجنُّب انجرار لبنان إلى حرب، ويسعون لفرض تهدئة ويتمسكون بالقرار (1701)».
أما هوكستين الذي زار بيروت، الشهر الماضي، فأبلغ المسؤولين اللبنانيين بأفكار يجري تدارسها، ووعد بوضعهم في صورة أي مقترحات يجري بلورتها، لكن المصادر أكدت أنه «لم يظهر أن هناك شيئاً ملموساً حتى الآن».
تهديد إسرائيلي… ولا انسحاب
وتتفق معلومات المصادر مع مصدر لبناني آخر مواكب للمحادثات والطروحات الدولية، أكد لـ«الشرق الأوسط» أنه «لا جديد في أي طروحات منذ بدء الأزمة، حيث يحمل الموفدون الدوليون مطالب بانسحاب «حزب الله» من المنطقة الحدودية بمسافات تتباين بين موفد وآخر، كما يؤكدون ضرورة تطبيق الـ«1701»، وغالباً ما تنتهي الرسائل بتحذيرات من حرب إسرائيلية، في حال لم يطبق ذلك. المصدر الذي لا يزال على تواصل مع «حزب الله» الرافض للبحث بأي صيغة قبل توقف الحرب في غزة، قال إنه «من كل المباحثات، لم يظهر أن هناك أي شيء عملي، ولم يحدث أي اختراق، كما لا يحمل الموفدون الدوليون ضمانات بانسحاب إسرائيلي كامل من جميع الأراضي اللبناني المحتلة».
عقدة داخلية تمنع الاتفاق
وفي ظل الحراك الدولي باتجاه رئيسَي البرلمان اللبناني نبيه بري والحكومة نجيب مقاتي ووزير الخارجية عبد الله بوحبيب، لبلورة اتفاق، ظهرت عقدة لبنانية داخلية جديدة من شأنها أن تقوّض أي مسعى للتوصل إلى حل قريب، تتمثل في غياب رئيس جديد للجمهورية يمنحه الدستور حق المفاوضات الدولية، وذلك في ظل خلافات داخلية تحول دون الاتفاق على انتخاب رئيس، وتباينات حول أي شكل من الحوار الداخلي لإنهاء الشغور الرئاسي.
وعبّر عن هذا الموقف الأربعاء المطارنة الموارنة الذين حذروا من «المحاولات دولياً ومحلياً لتمرير ترسيم مشبوه للحدود بين لبنان وإسرائيل خالٍ من أي ضمانات دولية واضحة»، مؤكدين أن التفاوض في هذا الشأن «يبقى من اختصاص رئيس الجمهورية»، مؤكدين أن «ما يتم خارج رعايته وإدارته وموافقته باطلٌ ولاغٍ». وطالبوا بتعزيز الأجواء السياسية والدبلوماسية لتنفيذ القرار الدولي «1701».
ويلتقي حزب «الكتائب» مع المطارنة الموارنة في هذا الملف، حيث طالب مكتبه السياسي «بتطبيق القرار (1701) فوراً من الجانبين، وبتجميد أي مفاوضات حول الحدود من دون وجود رئيس للجمهورية مخوَّل حصراً بالتفاوض وإبرام الاتفاقيات الدولية، كما تطبيق القرار (1559) لاستعادة الدولة والقوى الشرعية حصرية حيازة واستعمال السلاح لضمان الاستقرار».