صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast

لبنان يختبر العودة للأسواق الدولية بمبادلة الليرة

يخوض القطاع المالي اللبناني أولَ الاختبارات الجدية للعودة إلى الأسواق المالية الدولية، عبر الانطلاقة المرتقبة لمنصة «بلومبيرغ» الخاصة بالمبادلات النقدية بين الليرة والعملات الصعبة، بعدما تخلّت القيادة الجديدة للبنك المركزي عن وصفة «المنصة» المحلية التي ابتكرها الحاكم السابق رياض سلامة، مستهدفاً استعادة الدور الضائع في التحكّم بإدارة السيولة والحدّ من تَفاقُم الفوضى النقدية.

ومع الإقرار الحكومي المسبق بالتعقيدات والتشوّهات الناجمة عن تعددية أسعار الصرف وانكشافها على المضاربات وسوء الاستخدام نظراً لافتقار أسواق المبادلات إلى الشفافية والوضوح، يؤمل أن يَمنح الهيكلُ النقدي الجديد فرصةً غير مكتملة المقومات لحاكمية «المركزي» لتعديلاتٍ أوسع نطاقاً في السياسات النقدية، وبما يؤسس لاستعادة الثقة وكبْح جماح التضخم وانخفاض سعر الصرف، ووضْع آلية شفافة وتَعتمد على السوق في تحديد أسعار الفائدة والصرف.

وليس خافياً في الأوساط المالية والمصرفية تَواضُع التطلعات حيال تأثيرات هذه المبادرة على هدف استعادة الثقة المفقودة بالقطاع ومؤسساته، ما دامت رمزيةً بطبيعتها وأشبه بعزف محترف ضمن سيمفونية الفوضى التي تملأ بضجيجها المسرح النقدي، وبعدما آلت حقوقُ أكثر من مليوني حساب في البنوك المحلية إلى «فجوةِ» خسائر لقيطة وتائهة بين قيود ميزانية البنك المركزي وتَنَصُّل الدولة من قوائم ديونها.

وفي الشواهد التي تدنو من وصْف الإثباتات الدامغة، لا يَتوقع مسؤولٌ مالي معني عبر «الراي» أن تكشف المَهمة المتكررة لبعثة صندوق النقد الدولي التي تزور لبنان قريباً عن أيّ إشاراتٍ مغايرة لدى السلطات المحلية للخروج من حال «المماطلة والمراوغة» إلى الاستجابة الصريحة للمتطلبات التنفيذية والتشريعية الآيلة إلى استكمال موجبات الاتفاق الأولي الذي تم إبرامه أوائل أبريل 2022، مقروناً بتعهدات رئاسية لتسريع مسار الشروط المرفقة خلال أشهر قليلة.

ومن دون تخطي الربط الزمني الذي يكتسب جدارته بفعل التغيير الطارئ في توجهاتِ السياسات النقدية ومضاعفة جهود وزارة المال لإنجاز موازنة 2023 وإحالة مشروع قانون موازنة السنة المقبلة على مجلس الوزراء، يلفت المسؤول المالي إلى أن أيّ تقدُّم حقيقي في الملف «العالق» لدى الصندوق، سيظلّ الشرط الحاكم لفتح طريق عودة لبنان واقتصاده وقطاعاته كافة الى العالم، سواء في المحيط العربي أو الدولي.

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

بذلك لا يُمكن لنافذة منصة «بلومبيرغ» – المحدودة الاطلالة على العالم الخارجي عبر إدراج عمليات نقدية وتسعير يومي لليرة معزَّز بتدخل البنك المركزي عند الضرورة – أن تحاكي استهدافات تصويب انحرافات السياسات النقدية ما دامت هي خطوة معزولة في محيطٍ زاخرٍ بانكفاءِ حضور الدولة وفراغاتِ سلطاتها وشلل مؤسساتها العامة. وبالتالي، فإن السعي لإعلاء «الشفافية» في قنوات المبادلات النقدية، سيصطدم حُكْماً بوقائع «الفشل» المشهود في إدارة الأزمات المتفجّرة وانهياراتها على مدى 4 سنوات بالتوالي.

أما الباب الرحب الموصل إلى الردهات الإقليمية والدولية لبدء الصعود من الهاوية العميقة التي انحدر إليها الاقتصاد اللبناني بناتجه المحلي المتدهور من سقف 55 مليار دولار قبل انفجار الأزمات إلى أقل من 20 ملياراً حالياً مدفوعاً بانهيار هائل للعملة الوطنية، فلا يحتاج بحسب المسؤول المالي مطلقاً إلى «شطارة» الوصف، ويتمثل تحديداً وأساساً بالتزام حزمة الاصلاحات الهيكلية والتشريعية التي تُفْضي إلى بلوغ محطة الاتفاق النهائي مع إدارة صندوق النقد، وبما يشمل في نطاق التيسير المالي، الفوزَ ببرنامجٍ تمويلي بقيمةٍ إجمالية تصل إلى 3 مليارات دولار.

وقد سبق للحكومة في المجال النقدي أن تعهدت، قبل عامٍ بالتمام والكمال، في خطتها المرسلة إلى مجلس النواب بالسعي «إلى توحید أسعار الصرف في أقرب وقت»، مبيّنةً أن من المستحسن أن یتم ذلك بالتزامن مع تنفیذ جمیع الإصلاحات اللازمة، خصوصاً قانون وضع ضوابط استثنائیة وموقتة على التحاویل المصرفیة والسحوبات النقدیة (الكابیتال كونترول)، وذلك في سیاق برنامج إصلاحي متكامل بدعمٍ من صندوق النقد والمجتمع الدولي إذ «لا یُمكن السماح باستمرار وجود عدّة أسعار صرف لأن ذلك یؤدي إلى تشوّهاتدش كبیرة في الاقتصاد وعملیاتِ مُضارَبةٍ وحالاتٍ من عدم الیقین في الأسواق ما یعوق النشاط الاقتصادي».

ومع انطلاق المنصة البديلة للعملات والأدوات المالية، سيظل استهداف الوصول إلى سعر صرفٍ مَرِنٍ ومنضبطٍ لليرة بعيدَ المنال، ما لم يَجْرِ رفدُه بحزمات إصلاحية واسعة النطاق مالياً ونقدياً. وهو ما تتضمنه ورقة العمل التي سلّمها، بالتضامن والتكافل، نواب حاكم المركزي الأربعة الى لجنة الإدارة والعدل النيابية، مُرْفَقَةً ببرنامجٍ زمني تمّ تمديدُه، ولو من دون إشهارٍ معلَن، إلى نهاية السنة الحالية.

ويؤكد المسؤول المالي لـ «الراي» أن استعادة الانتظام المالي للدولة عبر إقرار مشروع موازنة 2024 في موعدها الدستوري خلال الشهرين المقبلين، وقبْلها إقرار موازنة العام الجاري، سيعكس دلالاتٍ ناطقةً بتحولاتٍ جدية وواعدة في النطاقين المالي والنقدي. أما الاستنساخُ المشهود في مجافاة موجبات الاستحقاقات الداهمة، فسيتكفل بإجهاضٍ محتّم لأيّ معالجاتٍ جانبية، وبالتالي لن تُصْلِحَ «بلومبيرغ» ما يُفسده أهلُ الحلِّ والربطِ في البلد المنكوب.

تابعوا أخبارنا على Google-News

نلفت الى أن منصة صدى الارز لا تدعي بأي شكل من الأشكال بأنها وسيلة إعلامية تقليدية تمارس العمل الإعلامي المنهجي و العلمي بل هي منصة الكترونية ملتزمة القضية اللبنانية ( قضية الجبهة اللبنانية) هدفها الأساسي دعم قضية لبنان الحر و توثيق و أرشفة تاريخ المقاومة اللبنانية منذ نشأتها و حتى اليوم

ملاحظة : التعليقات و المقالات الواردة على موقعنا تمثل حصرا وجهة نظر أصحابها و لا تمثل آراء منصة صدى الارز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading