فرح اللبنانيون بقدر فرحة السوريين بسقوط نظام بشار الأسد وحكم الأسد القائم منذ نحو 54 عاماً، انطلاقاً من واقع أن اللبنانيين أنفسم عاشوا عقوداً سوداء أيضاً من هذا الحكم، إن كان عبر القتل أو الاعتقال أو التحكم بسياسة الدولة وترهيب السياسيين.
ولكن ماذا عن مستقبل العلاقة بين البلدين ووفق أية مقاربة ستكون المرحلة المقبلة؟
يقول المدير التنفيذي لملتقى التأثير المدني زياد الصائغ في مقابلة صوتية مع “اندبندنت عربية” إن تقاطع التطرف والديكتاتورية في الشرق الأوسط تهاوى اليوم كأحجار الدومينو، وأوهام التوسعات الإمبراطورية الدينية قيد التفكك، ويضيف “حلف الأقليات آفل إلى غير رجوع، سقوط بعث الأسد في سوريا يحاكي انسحاب إيران من الشرق الأوسط بعد عقود من توافقها مع إسرائيل بغطاء دولي على تدمير الدول العربية ومجتمعاتها، فيما روسيا مرتبكة والغرب يعيد حساباته، وقضايا أدلجة الدين وعسكرته تتكسر الآن”.
ويشدد الباحث في السياسات العامة على أن ما جرى في سوريا تاريخي وشعبها معني في إعادة الاعتبار لقيام دولة الحق والقانون والانخراط في مرحلة انتقالية تسودها الحرية والديمقراطية والعدالة، فيما لن تكون هذه المرحلة سهلة، ومخاض التطهر من الديكتاتورية قاسٍ لكن في سوريا طاقات وأحلاماً.
وعلى الجانب اللبناني، يعتبر الصائغ أن “ما جرى في سوريا أزاح عن كاهل الشعب اللبناني ما أذاقه النظام الديكتاتوري من قهر وذل وعذاب وإخفاءات القسرية واغتيالات، وكذلك كابوس ظلمة وظلام قاومه أحراره ببسالة على مدى عقود خمسة مع أحرار سوريا”.
وأردف الصائغ مؤكداً على أن الشعب اللبناني معني بالفرح لكنه معني أيضاً بحسم خيار تطبيق اتفاق الطائف الذي جوفه “الديكتاتور السوري” وأتباعه في لبنان وحسم تطبيق القرارات الدولية، كما أنه معني باستكمال مسار بناء دولة المواطنة الحرة السيدة العادلة المستقلة وضبط حدوده بالسيادة الشرعية وإطلاق مرحلة عودة النازحين السوريين إلى بلدهم، وكشف مصير المعتقلين اللبنانيين والمخفيين قسراً في سوريا، والانخراط في ترميم الذاكرة اللبنانية- السورية المجروحة بالاستناد إلى مصارحة ومصالحة أساسها احترام سيادة لبنان واستقلاله ونهائية كيانه، مع التذكير بالمصالح المشتركة على قاعدة الندية تمنع أي تدخل في شؤون كل من البلدين.