المعركة الرئاسية باتت على أشدها، بعد أن انحصرت المنافسة -حتى اللحظة- بين مرشح أكثرية قوى المعارضة والتيار الوطني الحر، الوزير الأسبق جهاد أزعور، ومرشّح الثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل، الوزير الأسبق سليمان فرنجية رئيس تيار المردة.
في غضون ذلك، يرجح مراقبون عدم انتخاب الرئيس الجديد للبلاد في الجلسة المقبلة المقررة في 14 يونيو/حزيران الجاري، في ظل احتمال لجوء نواب الثنائي الشيعي وحلفائهما إلى تعطيل النصاب بالدورة الثانية.
ويحظى أزعور بدعم كتل نيابية أبرزها “القوات اللبنانية”، و”الكتائب” و”التجدد الوطني”، إضافة إلى “التيار الوطني الحر”، وعدد من نواب قوى التغيير والمستقلين.
فيما تّتجه الأنظار إلى كتلة “اللقاء الديمقراطي” المؤلّفة من 8 نواب ويتزعمها نجل الزعيم وليد جنبلاط، النائب تيمور جنبلاط، والتي لم تحسم بعد موقفها النهائي بشأن دعم أزعور.
ومن المقرر أن تعقد الكتلة اجتماعاً مساء الخميس المقبل لتحديد موقفها النهائي، علما أنها في الجلسات الـ11 السابقة لمجلس النواب كانت تصوت لصالح ميشال معوض.
وبحسب بيان تلاه، قبل أيام، النائب مارك ضو، باسم 32 نائباً معارضاً، من منزل النائب ميشال معوض، أعلنت المعارضة دعم أزعور للرئاسة، وقال البيان إن الأخير “اسم وسطي غير استفزازي لأيّ فريق في البلاد، وهو ليس مرشح المعارضة فقط، وليس مرشحاً حصرياً لأيّ من الكتل، ولديه القدرة على جَمع 65 صوتاً في جلسة انتخاب الرئيس المقبلة”.
ويمتلك أزعور، بحسب ما أشار البيان المشترك لقوى المعارضة، “مواصفات شخصية ومهنية وسياسية ويتمتع بفرصة جدّية للوصول إلى سدة الرئاسة، وبقدرة على مساعدة لبنان للخلاص من الأزمة التي نحن فيها”، إذ يعرف عنه تمكّنه من نسج شبكة علاقات واسعة عربياً ودولياً، إضافة إلى علاقته الوطيدة مع البطريركية المارونيّة.
ثقة ومخاوف
تتحدث المعارضة بثقة عن قدرتها على تأمين أصوات 65 نائبا اللازمة لدعم أزعور للوصول لقصر بعبدا.
ويقول النائب وضاح الصادق، عضو تكتل قوى التغيير، في تصريح خاص لـ”العين الإخبارية”: “نحن اليوم حسب الاتفاق وحسب المناقشة والتداول مع باقي الكتل والنواب، نحن لدينا أكثر من 65 نائبا، ما يعني أن المعارضة قد تصل بجهاد أزعور رئيسا للجمهورية”.
ولم يستبعد “الصادق” أن يمارس حزب الله وحلفاؤه خلال الفترة المقبلة الكثير من الضغوطات على النواب المستقلين والكتل التي لم تحدد موقفها بعد، لمحاولة إسقاط جهاد أزعور.
وفي غضون ذلك، ألزم المجلس السياسي للتيار الوطني الحر اللبناني عقب اجتماع، مساء أمس، نوابه بمجلس النواب بالتصويت للمرشح الرئاسي جهاد أزعور في الجلسة الانتخابية التي دعا لها رئيس مجلس النواب نبيه بري.
وقال بيان التيار، إن “خيار التصويت لجهاد أزعور هو حتمي وبديهي، لتأكيد رفض وصول المرشح المفروض الذي لا يؤمل منه إصلاح، أو تغيير المنظومة المتحكمة بالبلاد؛ وفي ظل قرار التيار منذ فترة بعدم اللجوء إلى الورقة البيضاء كونها أصبحت تعبيراً عن عجز باتخاذ القرار المناسب، لا بل يتم تصويرها كعملٍ تعطيلي يؤدّي إلى إطالة أمد الفراغ مع كل مساوئه”.
وتعول المعارضة اللبنانية على أزعور القادم من عالم المال والأعمال، ويترأس حاليا دائرة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، لمساعدة لبنان لتجاوز ما اعتبره مراقبون أسوأ أزمة اقتصادية مرت به في التاريخ الحديث، نظرا لما يتمتع به من علاقات واسعة عربيا ودوليا.
ارتباك
في المقابل، قال رئيس مجلس النواب ورئيس حركة “أمل” المتحالفة مع حزب الله، نبيه بري: “سنصوّت لسليمان فرنجية. كلنا سنصوّت له. نحن وحلفاؤنا. لم يقل أحد منا إنه سيصوّت بورقة بيضاء. صوّتنا بالورقة البيضاء قبل إعلان ترشيحنا لفرنجية، ولو قبلوا بالحوار الذي دعوت إليه مرتين لما وصلنا إلى ما نحن عليه اليوم”.
وبسؤاله عما إذا كان موقفه قاطعاً ونهائياً، أجاب بري في تصريحات إعلامية: “ألم نرشحه؟ رشّحناه. إذا لم نصوّت له فسنكون قد تخلّينا عنه. قد تكون هناك كتل أخرى تريد التصويت بورقة بيضاء لأنها غير راضية عن المرشحين. هذا موقف سياسي. نحن لسنا في هذا الوارد”.
ويسود ارتباك شديد بصفوف الثنائي الشيعي، وتصلب بموقفهما، بعد اصطفاف المعارضة حول “أزعور”، وانضمام الحليف السابق لحزب الله، التيار الوطني الحر للمعارضة في الملف الرئاسي بحسم التصويت لوزير المال الأسبق.
وأكد نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، في كلمة له خلال حفل تأبيني نظمه الحزب، أن “الحوار هو الخيار الوحيد الذي يمكن أن يصل إلى نتيجة في سبيل انتخاب رئيس للجمهورية”.
لكن ورغم حديث “قاسم “عن ضرورة الحوار لحل أزمة الاستحقاق الرئاسي، اعتبر أن “مرشح التحدي لا يمكن أن يفرضه أحد على أحد”، في إشارة إلى أزعور.
ووفقا لوسائل إعلام محلية، أكد مصدر رفيع في “الثنائي الشيعي” أن ترشيح أزعور خطة تصعيدية لن تؤدي إلا لمزيد من التأزيم، وعرقلة انتخاب الرئيس وإطالة أمد الفراغ”.
كما حذر المصدر أيضا من أن “اللجوء إلى خيار التصعيد ضد شريك أساسي في الوطن، سيؤدي إلى تخريب البلد والعبث بالأمن والاستقرار السياسي والشراكة الحقيقية”.
وقال إن “جميع الخيارات موضوعة على الطاولة بدءاً بمقاطعة الجلسة (المقبلة)، أو تعطيل النصاب، مع علمنا بأن ترشيح أزعور ليس جدياً، وأن الهدف منه هو ترسيم الأحجام وحجز أصوات لأزعور تفوق الأصوات التي يحصل عليها فرنجية”.
وعقدت آخر جلسات البرلمان اللبناني، الـ 11، المخصصة لانتخاب رئيس جديد في 19 يناير/كانون الثاني الماضي، ليتوقف بعدها رئيس المجلس عن الدعوة لجلسات جديدة، لإعطاء فرصة للسياسيين للتوافق على مرشحين جدد للانتخابات.
إلا أن جلسة الانتخاب الـ12، جاءت بعد يوم من إعلان المعارضة وعدد من النواب المستقلين والتغييريين التوافق حول دعم أزعور كـ”مرشح وسطي غير استفزازي” للرئاسة.