يشهد لبنان منذ عام 2019 أزمة مالية طاحنة أدت إلى انهيار العملة المحلية (الليرة)، وإلى تضخم أسعار الغذاء والدواء بشكل غير مسبوق، مما تسبب في تفاقم الأوضاع المعيشية لمختلف فئات وشرائح الشعب، وعلى رأسهم كبار السن والمتقاعدون الذين يعدون الأكثر تضرراً جراء الأزمات السياسية والاقتصادية التي تشهدها البلاد، وفي مقدمتها الفراغ الرئاسي القائم منذ نوفمبر 2022.
ووسط تعدد أزمات لبنان، والتي يُعاني تداعياتها ملايين اللبنانيين، يشهد أداء أنظمة الحماية الاجتماعية والرعاية الصحية لكبار السن والمتقاعدين تراجعاً حاداً، وعجزاً عن تأمين احتياجاتهم الحياتية الأساسية، لا سيما من الدواء والغذاء.
وأوضح المحلل والكاتب اللبناني يوسف دياب، أن لبنان يمر بمرحلة حرجة وخطرة في تاريخه، تتعدد أزماتها السياسية والاقتصادية على نحو غير مسبوق، وتُعاني غالبية فئات الشعب تداعياتها، غير أن المعاناة الاجتماعية والصحية أكبر وأخطر وأشرس بالنسبة لمئات الآلاف من كبار السن والمتقاعدين الذين يشكلون نحو 15% من مجموع اللبنانيين.
وبحسب تقديرات مسح القوى العاملة في لبنان، للعام 2022، الذي أجرته إدارة الإحصاء المركزي ومنظمة العمل الدولية، فإن 46.7% من كبار السن محرومون من أي نوع من أنواع الضمان الصحي أو الحماية الاجتماعية.
وقال الكاتب والمحلل اللبناني لـ«الاتحاد»، إن مؤسسات الدولة اللبنانية في ظل ما تُعانيه من أزمات أصبحت عاجزة عن توفير إجراءات الحماية الاجتماعية والرعاية الصحية لنحو 852 ألف مسن تجاوزوا الـ64 من العمر، ما يجعل كبار السن يعيشون أوضاعاً قاسية جداً، لا سيما مع التراجع الحاد في أداء أنظمة الدعم والرعاية.
وحذر دياب من خطورة تفاقم تداعيات الأزمات التي يواجهها كبار السن في ظل ارتفاع معدلات الفقر والبطالة، ما جعل الأبناء غير قادرين على تلبية احتياجات آبائهم وأمهاتهم، إذ إن 80% من كبار السن يعتمدون على أسرهم في توفير متطلبات الحياة، لا سيما الدواء والغذاء.
وكانت المؤسسة الدولية لكبار السن قد أوضحت أن انهيار أنظمة الدعم والرعاية التي اعتمد عليها كبار السن في الماضي، من خلال البرامج الحكومية أو القطاع الخاص أو المنظمات غير الحكومية أو الشبكات الأسرية، جعل العديد منهم من دون أي مصدر للدخل، وما جعل بعضهم مجبرين على العمل بعد سن التقاعد.
ومن جانبها، أوضحت الكاتبة والمحللة اللبنانية، ميساء عبد الخالق، أن الآلاف من كبار السن اللبنانيين باتوا يواجهون صعوبات بالغة من أجل تأمين احتياجاتهم الأساسية في ظل أزمات وتحديات متشابكة.
وقالت عبد الخالق، في تصريح لـ«الاتحاد»، إن ارتفاع معدلات الفقر تجاوز نسبة 82%، وهو ما يضاعف حجمَ الأزمات المتفاقمة التي يواجهها كبار السن، والذين أصبحوا يعانون أوضاعاً حرجة، وربما مرشحة للتفاقم في الفترة المقبلة مع استمرار تداعيات الأزمات السياسية والاقتصادية، وبالأخص أزمة الفراغ الرئاسي، القائمة في لبنان.