صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast

قيود وإشكاليات و”معايير كوبنهاغن”.. ماذا يفصل تركيا عن عضوية الاتحاد الأوروبي؟

عادت قضية انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي إلى دائرة الضوء مجددا بعد سنوات على إغلاق المفاوضات بشكل نهائي من قبل الكتلة.

وهذا الأسبوع، اشترط الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، إعادة إطلاق مفاوضات انضمام بلاده إلى الاتحاد الأوروبي للتخلي عن اعتراضه على ضم السويد إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو).

لكن إردوغان الفائز بولاية جديدة رئيسا لتركيا، سرعان ما تخلى عن شرطه، مما يمهد لانضمام السويد لحلف الناتو.

ومع ذلك، تظل هناك قيود أمام تركيا حتى يتم قبولها في الاتحاد الأوروبي على اعتبار أن عليها الوفاء بأهلية الحصول على العضوية.

ويقول الخبير في القانون الأوروبي، إيلي حاتم، إن الدول التي ترغب في الانضمام للاتحاد الأوروبي يجب أن تلتزم بالمبادئ الرئيسية التي يفرضها حتى تحصل على العضوية.

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

وفي حديثه لموقع “الحرة”، يشرح حاتم ذلك بقوله إن الدولة الراغبة بالحصول على العضوية، عليها أن تقوم بتغيير قوانينها الداخلية لتتناسب مع قوانين الكتلة.

واستشهد بقبرص، التي غيرت مادة في قوانينها كانت تجرم المثلية الجنسية وتحاكم المثليين بالسجن المؤبد، وذلك حتى تتطابق مع القوانين الأوروبية.

وأوضح حاتم أن أهم المعايير التي يطلبها الاتحاد الأوروبي تتعلق بحقوق الإنسان والمساواة والحريات.

ما هي “معايير كوبنهاغن”؟

وتسمى المبادئ التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على الدول الأعضاء بـ “معايير كوبنهاغن”.

وجاءت هذه التسمية بعد اعتمادها من المجلس الأوروبي عام 1993 بعد قمة عقدت بالعاصمة الدنماركية، ولهذا سميت باسمها.

وتنص “معايير كوبنهاغن” على أن الدول المرشحة يجب أن يكون لديها مؤسسات تضمن الديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان وحماية الحريات الأساسية، بما في ذلك حقوق الأقليات، بالإضافة إلى سوق اقتصادي يعمل بشكل جيد، والقدرة على التعامل مع الضغوط التنافسية وقوى السوق داخل الاتحاد الأوروبي.

علاوة على ذلك، على تلك الدول الالتزام بأهداف الاتحاد السياسية والاقتصادية والنقدية.

ومنذ أن خلص مجلس الاتحاد الأوروبي – اجتماع رؤساء الحكومات في الكتلة – عام 2018 إلى أنه “لا يمكن النظر في فصول أخرى (بالقضية) لفتحها أو إغلاقها”، توقفت مفاوضات انضمام تركيا فعليا.

ولطالما كانت تركيا ترغب في الانضمام للاتحاد الأوروبي، لا سيما منذ أن تولى إردوغان (وهو إسلامي محافظ) السلطة عام 2003.

وأطلق الرئيس التركي مشروعا واسعا للإصلاحات السياسية والاقتصادية على أمل الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، لكن المفاوضات التي استمرت لسنوات دائما ما تشهد تقلبها إلى أن أقفلت الصفحة بشكل نهائي.

ولكن عودة فتح هذا الملف تطرح تساؤلات بشأن مسائل حقوق الإنسان في تركيا التي دائما ما تخضع لتدقيق من قبل الدول الغربية والجماعات الحقوقية.

تركيا “ضد مجتمع الميم”

ويتصدر تلك المسائل حقوق مجتمع الميم الذين يواجهون معارضة شرسة من قبل الحزب الحاكم المحافظ، بما في ذلك الرئيس إردوغان.

ويرى الصحفي التركي، هشام جوناي، أن بلاده لا تستوفي المعايير التي يطلبها الاتحاد الأوروبي لانضمام للكتلة، بما في ذلك الاعتراف بحقوق مجتمع الميم.

وقال جوناي لموقع “الحرة” إنه من غير المرجح أن يقر الرئيس إردوغان، والبرلمان الذي تسيطر عليه الأحزاب المحافظة حقوق مجتمع الميم في تركيا.

وأضاف: “لا أظن أنهم سيتراجعون لأنهم روجوا لذلك في الحملة الانتخابية ضد هذه الفئة المجتمعية”.

وكان إردوغان صرح بشكل مباشر أمام تجمع حاشد قبل الانتخابات الرئاسية التركية في مايو الماضي، قائلا: “نحن ضد مجتمع الميم”. وأضاف: “الأسرة مقدسة بالنسبة إلينا. الأسرة القوية تعني أمة قوية. بغض النظر عما يفعلونه (..)”.

وكانت القضية غذت الجدل بشأن التجاذبات الثقافية في تركيا التي يقطنها 85 مليون نسمة. ورغم أن الدولة تبقى علمانية رسميا، لكن التيار الإسلامي شهد تصاعدا على مدى الأعوام الماضية، خصوصا منذ وصول إردوغان وحزبه العدالة والتنمية إلى الحكم قبل عقدين من الزمن.

وسبق لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” انتقاد الحكومة التركية بعدما “زادت من خطابها الحكومي البغيض ضد مجتمع الميم، وتقاعست عن حماية النساء من العنف الأسري وعن دعم حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين”.

في المقابل، يصر السياسي التركي عضو حزب العدالة والتنمية، يوسف كاتب أوغلو، على أنه “لن يكون هناك تنازلات في مثل هذا الموضوع”، في إشارة لحقوق مجتمع الميم.

وقال أوغلو لموقع “الحرة” إن “إردوغان والحكومة عازمين على التأكيد وتحسين مفهوم الأسرة التي هي لبنة المجتمع.. المناداة بمجتمع الميم أمر مرفوض بالنسبة للحزب الحاكم في تركيا وغالبية المجتمع التركي، الذين صوتوا لإردوغان في الانتخابات الأخيرة”.

وتابع: “تركيا دولة علمانية، ولكن هناك قيما محافظة”. لكن هذه القضية ليست الوحيدة التي تبقى عائقا أمام استيفاء تركيا للمعايير الأوروبية.

“القضاء فقد سلطته”

ويلفت حاتم، الذي عمل مستشارا لملف انضمام قبرص للاتحاد الأوروبي، إلى أن بعض دول القارة العجوز ترى بأن تركيا “ليس لديها حضارة أوروبية” رغم وجود جزء منها في أوروبا، لكن الجزء الأكبر يعتبر في آسيا.

بالإضافة إلى ذلك، تواجه تركيا “إشكالية سياسية” تتمثل في قضايا حقوق الإنسان، وفقا لحاتم، مما قد تشكل عائقا آخرا أمام طموحات أنقرة إذا ما أرادت إحياء المفاوضات مجددا.

وقال إن هناك “بعض الخروقات” المتعلقة بمسائل حقوق الإنسان لدى تركيا، لكنها هذه الأمور تختلف من دولة لأخرى، وفق تعبيره.

وبينما يذهب جوناي في اتجاه مماثل، يختلف أوغلو كليا مع ذلك مبررا أن العلاقات الدولية يجب أن تأتي بناء على “الاحترام المتبادل” و”عدم التدخل في الشؤون الداخلية”.

وقال أوغلو إن سبب تعثر المفاوضات السابقة “ليس بأن تركيا دولة غير ديمقراطية أو عدم حمايتها حقوق الأقليات كما يتم الادعاء، بل إن تركيا لم تسمح بالتدخل في شؤونها الداخلية فيما يتعلق بمكافحة الإرهاب”.

وأضاف أن “المعايير الديمقراطية واضحة للعيان مع التغييرات الدستورية الجذرية التي تجرى على قدم وساق”، مشيرا إلى قرب إطلاق دستور جديد مدني بالكامل يتطابق مع كامل الحقوق المدنية والإنسانية.

وأشار إلى أن بلاده “لا تعادي الأقليات، وإنما بالعكس منذ مئات السنيين وهي ملجأ لكل المظلومين بسبب المعايير الإنسانية العالية التي تتحلى بها تركيا”.

وقال إن “الاتحاد الأوروبي بحاجة إلى تركيا أكثر من حاجة تركيا للاتحاد الأوروبي”، مدللا على ذلك بعضوية بلاده في حلف الناتو ومجموعة العشرين.

وكرر أوغلو تصريحات إردوغان السابقة بشأن عضوية الكتلة الأوروبية التي قال فيها إن “معايير أنقرة تحل بديلا عن “معايير كوبنهاغن”.

وفي 2019، قال إردوغان إن “تطوير الحقوق والحريات الأساسية لمواطنينا يمثل أولوية رئيسية بالنسبة لنا، وإذا لزم الأمر سنطلق على الخطوات الواجب اتخاذها في هذا الاتجاه معايير أنقرة وليس كوبنهاغن، ونواصل طريقنا”، بحسب ما نقلت وكالة أنباء “الأناضول”.

في الناحية المقابلة، يرى جوناي أن القضاء التركي يقبع “تحت تأثير الحكومة بشكل مباشر ولا يمكن الحديث عن حرية التعبير .. القضاء فقد سلطته ولا يمكن محاسبة المسؤولين الأتراك ولا نرى الوزراء يحاكمون بتهم الفساد”.

وقال الصحفي التركي إنه “لا توجد سلطة تحاسب الرئيس إردوغان ضمن (نظام) الحكم الحالي”، مضيفا أن “كل هذه الأمور لا تطابق معايير الاتحاد الأوروبي”.

تابعوا أخبارنا على Google-News

نلفت الى أن منصة صدى الارز لا تدعي بأنها وسيلة إعلامية بأي شكل من الأشكال بل هي منصة الكترونية ملتزمة القضية اللبنانية ( قضية الجبهة اللبنانية) هدفها الأساسي دعم قضية لبنان الحر و توثيق و أرشفة تاريخ المقاومة اللبنانية منذ نشأتها و حتى اليوم

ملاحظة : التعليقات و المقالات الواردة على موقعنا تمثل حصرا وجهة نظر أصحابها و لا تمثل آراء منصة صدى الارز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading