اقتنع القسم الأكبر من اللبنانيين بأن إسرائيل لن توقف حربها الموسعة على «حزب الله» والتي تطول لبنان بشكل أساسي في المدى المنظور، على الرغم مما يتردد ويروج عن إحراز تقدم في مساعي وقف إطلاق النار.
وقد «بق البحصة» وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس بقوله: «لن يكون هناك وقف لإطلاق النار أو أي تهدئة في لبنان حتى تتحقق أهداف الحرب».
ومضت الطائرات الحربية الإسرائيلية في استهداف المناطق اللبنانية كافة، وصولا إلى محافظة عكار في أقصى شمال لبنان بالإغارة على منزل يؤوي نازحين للمرة الأولى، بعد ضربات سابقة على معابر حدودية برية بين لبنان وسورية.
وبات واضحا انه في كل مرة يسقط عدد كبير من الضحايا المدنيين، يتفادى الجيش الإسرائيلي الإشارة إلى الهدف من الغارة، كما حصل في علمات بجرد جبيل وقبلها في برجا بإقليم الخروب والنويري والبسطا في العاصمة بيروت ومناطق أخرى.
في المقابل وعلى الجبهة، مضى «حزب الله» في قصف الشمال الإسرائيلي من الجليل إلى حيفا، بعدد أكبر من الصواريخ ومن مختلف المناطق الحدودية، ليظهر للرأي العام الإسرائيلي ان العمليات التي شنها الجيش الإسرائيلي، لم تحقق الغاية منها بوقف القصف من المناطق الحدودية.
وعلمت «الأنباء» من مصادر خاصة بتبلغ أركان الحزب تكفل إيران بإعادة إعمار الجنوب والضاحية الجنوبية وبعلبك – الهرمل، بعدما كانت أبلغت سابقا بتكفلها إعادة إعمار الضاحية الجنوبية فقط، وقت زيارة رئيس البرلمان الإيراني إلى بيروت.
وتأتي هذه الخطوة، والتي بدأ الحزب تعميمها على مناصريه وأبناء بيئته، كتأكيد على الدعم الواسع الإيراني، تحت شعار: ممنوع هزيمة الحزب وتاليا سقوطه.
وفي مقابل هذا الدعم، يدرك الحزب وجمهوره انه لا بد من دفع أثمان كبيرة، وقد دفعت سلفا باغتيال إسرائيل قادة الحزب وعلى رأسهم حسن نصرالله، ثم هاشم صفي الدين.
وقال مصدر كبير في «الثنائي» لـ «الأنباء»: «الحرب الإسرائيلية تستهدف الهوية اللبنانية، وان كان عنوانها الظاهر القضاء على الطائفة الشيعية بتدمير مقومات الحياة لبيئتها، والتركيز على فصلها عن المكون الوطني اللبناني من طريق عزلها».
ووسط تناقض المعلومات المتداولة حول وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، أكدت مصادر نيابية بارزة لـ «الأنباء» ان الساعات المقبلة «مفصلية حول المحادثات التي تجري في الولايات المتحدة والتي يتولاها المبعوث الخاص والوزير في حكومة نتنياهو رون دريمر مع المسؤولين الأميركيين، على الرغم من وجود الرئيس الإسرائيلي في الولايات المتحدة ولقائه الرئيس المنتخب دونالد ترامب». وأضافت المصادر: «أهمية المحادثات التي يجريها دريمر كانت في سعيه إلى الحصول من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد زيارته إلى موسكو قبل وصوله إلى الولايات المتحدة، على ضمانة بأن يكون لروسيا دور في منع تسريب الأسلحة من سورية إلى لبنان مستقبلا. ومن هنا يمكن الربط مع المساعي التي يبذلها الموفد الأميركي إلى المنطقة أموس هوكشتاين والذي يستعد إلى التوجه إلى الشرق الأوسط بعد الحصول على الضوء الأخضر من الإدارة الأميركية الجديدة، لدعم الخطة التي يعمل عليها بهدف التوصل إلى وقف لإطلاق النار وتطبيق القرار 1701 بكل مندرجاته، كما يؤكد المسؤولون اللبنانيون في كل مناسبة. والمطلوب تذليل العقبات التي تضعها حكومة نتنياهو أمام الاتفاق، من خلال الشروط التي تضيفها على قرار مجلس الأمن، بما تعتبره ضمانا لعدم خرق الاتفاق».
وأشارت المصادر «إلى أن المبعوث الإسرائيلي يحاول الحصول على ضمانة جانبية من المسؤولين الأميركيين، بحق التدخل العسكري تحت عنوان حماية أمن إسرائيل، اذا تم خرق وقف النار». وتنقل المصادر عن ديبلوماسي غربي «إن وقف النار سيأتي حصيلة لاتفاق قابل للاستمرار. وان إسرائيل وتحديدا حكومة نتنياهو، ليست في وارد التوقف عن الحرب قبل التوصل إلى تحقيق الأهداف المعلنة، وهي بحدها الأدنى توفير أمن المستوطنات الشمالية».
وأضافت: «نتنياهو وعلى رغم كل الانجازات التي حققها على الصعيد الميداني وتصفية القيادات في لبنان وغزة، لن يستطيع إعلان النصر من دون ضمانات بأن الشمال أصبح في منأى عن أي تهديد عسكري. ويعمل نتنياهو على تفادي مصير سلفه في حرب يوليو 2006 إيهود أولمرت، الذي دفع الثمن بالدخول إلى السجن، نتيجة إخفاقه في تحقيق وعده بالقضاء على حزب الله».
في الشأن السياسي المحلي اللبناني، قال وزير سابق مرشح للعب دور كبير في العهد الجديد المنتظر: «لا شيء على الصعيد السياسي الداخلي، قبل الوصول إلى وقف لإطلاق النار. ولا تساهل من «الثنائي» وحلفائه في الملف الرئاسي وغيره قبل تبيان الأمور، وخصوصا في مرحلة تعتبر الأشد خطورة في تاريخ المنطقة، وهي ستؤسس من دون شك لمرحلة طويلة لاحقة من الاستقرار. لذا يضع «الثنائي» ثقله لتثبيت موقعه وحضوره في المشهدين الإقليمي والداخلي اللبناني، من طريق صموده في الميدان، وتحقيق تفوق على الآلة العسكرية الإسرائيلية برا».
وقد بدل الجيش الإسرائيلي قبل ظهر الثلاثاء من عاداته اليومية، بالطلب إلى سكان الضاحية الجنوبية إخلاء مناطق معينة ليلا قبل قصفها، وكان التحذير قبل الظهر، ما أثار بلبلة في محيط الضاحية، ودفع بعدد من إدارات المدارس إلى الطلب من الأهالي اصطحاب أولادهم إلى المنازل. في حين استمرت الحركة بوتيرة عادية في بقية أرجاء العاصمة، لإدراك اللبنانيين أن الحرب طويلة، ولا بد من التكيف مع مجرياتها.
وفي سياق يمكن إدراجه بعنوان «الأمن الذاتي» من بوابة «الأمن الوقائي»، كتبت بلدية المزاريب وعرستا في «الشطيب الشمالي» الجبلي لبلاد جبيل على صفحتها على «فيسبوك»، انه «بعد الاجتماع التشاوري الذي حصل الأحد الماضي في صالون كنيسة ماريوسف، وحضره كل من رئيس بلدية الغابات والرويس وعدد من أعضاء المجلس البلدي، ورئيس بلدية المزاريب وعرستا والمجلس البلدي، بالإضافة إلى مختار المزاريب وعرستا ومختار سرعيتا وعدد من أهالي البلدتين، وبالتنسيق مع كاهن الرعية، تم التحدث والتشاور بين الحاضرين عن كيفية التعاون بين البلديات وتفعيل خطط أمنية تساعد على حماية بلداتنا ومنازلنا من أي تعد قد يحصل من غرباء عن مناطقنا».