أسبوع واحد يفصل اللبنانيين عن نهاية مرحلة حاكم مصرف لبنان رياض سلامة التي امتدت 30 سنة، وكانت نتيجتها حصول أزمة أواخر 2019 كشفت عن دمار مالي واقتصادي ومصرفي هائل ينفي سلامة مسؤوليته عنه، علماً أنه الآن قيد التحقيق داخلياً وخارجياً باتهامات تشمل الإختلاس والإثراء غير المشروع والتزوير والتهرب الضريبي وجرائم مالية أخرى.
ما من أحد مستعد اليوم لتحمّل مسؤولية الحاكمية نظراً الى التركة الثقيلة، إن لم نقل «اللعينة»، وفق مصدر مسؤول لـ «نداء الوطن». فالتململ بدأ علناً منذ أصدر نواب الحاكم بياناً في 6 تموز الحالي يطلبون فيه تعيين حاكم جديد، وإذا كان لا بد من تسلّمهم مهمات الحاكم فمطالبهم من الحكومة والبرلمان تتمثل بإجراء إصلاحات جذرية خلال عدة أشهر تنتهي معها مرحلة تمويل مصرف لبنان للدولة، وينطلق تحرير سعر صرف الليرة بالكامل. وقد هددوا بالاستقالة اذا لم يحصلوا على التزام بما طلبوه.
ويفترض أن يجتمع رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بنواب الحاكم اليوم أو غداً ليناقش معهم كيفية استمرارهم في عملهم، على أن يتولى النائب الأول وسيم منصوري مهمات الحاكم. لكن المعلومات تشير الى أنهم «يتجهون للاستقالة لا محالة كما لو أنّ الأمر مخطط سلفاً ومنذ زمن».
وشكّكت مصادر متابعة بنوايا 3 من نواب الحاكم، لأنهم «يتصرفون منذ أسابيع على قاعدة أنهم سيستقيلون، وذلك نزولاً عند رغبة رئيس مجلس النواب نبيه بري الرافض تسلم منصوري (الشيعي) الحاكمية موقتاً. وما الكتاب الذي أصدروه والاجتماعات التي عقدوها في مجلس النواب وخارجه، إلا من باب ذر الرماد في العيون، كما لو أنهم الأكثر حرصاً على الإصلاح، بينما فكرة الاستقالة متداولة منذ أشهر وبتسريبات من عين التينة أولاً، بحجة أنّ الطائفة الشيعية لا تتحمّل وزر الحاكمية في مرحلة الأزمة»!
وتضيف المصادر «أن بري يضع البلاد أمام خيارين: تعيين حاكم جديد، وهذا صعب جداً حالياً، أو طرح التمديد التقني لرياض سلامة ريثما ينتخب رئيس للجمهورية وتتألف حكومة، وبالتالي يتضح جلياً أنّ كل «الفيلم» الذي اسمه تحرك نواب الحاكم هو من سيناريو بري وإخراجه كونه يمون على منصوري طبعاً، وعلى النائب الثاني بشير يقظان (الدرزي) والكسندر مراديان الأرمني».
في المقابل، أكدت مصادر قانونية أنّ الاستقالة لا تعفي نواب الحاكم من المسؤولية، فمجلس الوزراء سيطلب منهم الاستمرار في عملهم كالمعتاد ريثما تبت تلك الاستقالة، وبالتالي فهم مسؤولون عن أعمالهم السابقة وكل الأعمال التي يقومون بها حتى قبول استقالاتهم رسمياً.
على صعيد آخر، سألت أنا فوستر مراسلة «بي بي سي» سلامة لماذا لم يحاول الذهاب إلى فرنسا للخضوع للاستجواب وتبرئة اسمه عندما علم أنهم يريدون استجوابه؟ فأجاب: «محاميّ أخبر القاضي كتابةً أنني أريد الذهاب إلى فرنسا. وقال له من فضلك حدّد لنا موعداً كي نأتي». وأكد أنه سيطير إلى باريس للخضوع للاستجواب في آب، بمجرد انتهاء فترة منصبه كحاكم لمصرف لبنان. لكن مصادر مطلعة استبعدت ذلك، لأنّه سيتم توقيفه فور وصوله الى الأراضي الفرنسية وهو لا يرغب في ذلك بطبيعة الحال، كما أنّ المنظومة السياسية والقضائية والأمنية في لبنان لن تسمح له بالسفر بذريعة أنّ محاكمته تجرى محلياً.