أكد رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع في مقابلة مع قناة “Lebanese DNA” على يوتيوب مع الإعلامي فادي شهوان ان “المعطيات تظهر بأن “الحزب” غير قادر على محاربة اسرائيل، اما الجيش اللبناني فيتمتع بوحدات كفؤة ومدربة ومجهزة، وشدد جعجع على ان اي حرب شديدة على لبنان هي “حرب على البلد برمته”، وتصب تبعاتها والنتائج كلها في الداخل اللبناني”.
وفي ذكرى تفجير كنيسة سيدة النجاة، قال جعجع: “يتحدث “جماعة الممانعة” عن جرائم ومجازر كثيرة، ولكن في حينه، عمدت الدولة، اي النظام الامني اللبناني السوري، بشكل رسمي ومقصود الى تفجير كنيسة كي تنال من حزب معارض من دون سواه، سعيا الى حله، وقد قضى ضحيته أحد عشر مصلّيا، فضلا عن الجرحى والصدمة النفسية التي طالت المجتمع بأكمله، وهذا أمر يفوق التصوّر. ان هذا المحور ملعون، وهذا الوصف لا ينطلق من الخصومة السياسية، ولا اقصد محور الممانعة الحالي، بل مختلف تفرعاته واسلافه واجداده، اذ إن لديهم الممارسة والاخلاقية ذاتهما”.
تابع: “على الرغم من آلام هذه الجريمة وأوجاعها وتفاصيلها، الا ان الأهم هو رفضُ اهالي الشهداء الرضوخَ لضغوط مديرية المخابرات بهدف الإدعاء على القوات ورئيسها، لاقتناعهم ببراءتنا، حتى وصلنا الى جلسات المحاكمة من دون اي ادعاء شخصي. وهذه الشهادة الاكبر لنا كخط سيادي حر”.
انطلاقا من هذه الحادثة، رأى جعجع “ان تعاطي المحور الحالي القائم هو ذاته، لأنه قادر دائما على اللجوء الى الاجرام والاغتيالات وتبديل الوقائع”، وقال “على سبيل المثال، يدّعون وجود كلمة “مقاومة” في وثيقة الوفاق الوطني واتفاق الطائف، وهذا امر غير صحيح باعتبار ان “الوثيقة” و”الاتفاق” يلحظان اتفاقية الهدنة عام 1948 وانتشار الجيش وحده في الجنوب. والدليل الآخر، تعاطيهم مع الاستحقاق الرئاسي، فهذا المحور يطالب منذ سنة بالحوار حتى “صمٌخوا دينينا ودينين اللبنانيين”، الى درجة ان البعض صدّقهم، ولكننا نعرفهم جيدا فهم “لا جماعة حوار ولا آمنوا به يوما” بل يريدون حرف الانظار عن الانتخابات الرئاسية وتحميل الجميع مسؤولية التعطيل”.
اما عمّن يتحمل مسؤولية ما يجري في الجنوب ان كانت اسرائيل ام الحزب، أجاب: “أكيد اسرائيل بتتحمل المسؤولية، بس “حقك مش على عدوك، حقك على يلي عم يسهل لعدوك الحاق الاذى فيك”. فنحن كلبنانيين وحكومة وسلطة ودولة يجب ان يكون هدفنا الحفاظ على الاراضي اللبنانية وامن اللبنانيين، قبل التفكير بالآخرين ومساعدتهم وفق قدراتنا وليس العكس. فماذا كان سيحدث لو انتشر الجيش اللبناني بدلا من “الحزب” في اماكن تواجده اليوم وتعاون مع “القوات الدولية” في الجنوب عند الحاجة، وهو ما تؤيده دول العالم كلها”.
وسُئل: “على ماذا يعوّل “رئيس القوات” فيما وزير الدفاع موريس سليم صرّح بأن الجيش غير قادر على القتال، بعد الحادثة الاخيرة بين اليونيفيل وافراد محليين”، علّق جعجع قائلا: “رأي وزير الدفاع سياسي بامتياز، فلو اردنا ارسال الجيش لمقاتلة “الحزب” يجوز عندها السؤال، ولكن نحن نرسله ليمثل الدولة والشرعية اللبنانية ما يسقط ذريعة اسرائيل في الحرب.”
واستطرد: “القضية الفلسطينية عزيزة على جميع العرب الا ان معظمهم اتبع سياسة الحياد باستثناء بعض التصريحات على خلفية ان من يتصدر هذه القضية ومن يحارب باسمها هي حركة حماس المرفوضة من العالم العربي، لسبب او لآخر يعالج في بحث آخر. وهذا ما ينطبق على معظم دول العالم، على الرغم من احقية هذه القضية والتماهي مع الشعب الفلسطيني.
انطلاقا من هنا، ومع استمرار “الحزب” في الجنوب، فما من احد سينظر الينا، بل سيحددون موقفهم انطلاقا من هذه المعادلة وهذا “مش طبيعي أبدا”، من هنا ضرورة ارسال الجيش للحصول على الاعتراف بالشرعية، الامر الذي يغير المشهدية كلها”.
ولجهة “موازين القوى”، لفت جعجع الى ان “المعطيات الموضوعية امامنا تثبت ان “الحزب” غير قادر على محاربة اسرائيل، والخسائر البشرية والمادية المذكورة في التقارير الدولية خير دليل على هذا الكلام. بالتالي ما من توازن قوى عسكري بينهما، فيما انا متأكد ان الجيش اللبناني، الذي يتمتع بوحدات كفؤة ومدربة في دول عدة ومجهزة جيدا، قادر على مواجهة اسرائيل، ولو ان البعض سخّف دوره بمساعدة بعض السياسيين ومنهم وزراء دفاع سابقون”.
اما ان كان لديه خشية من اتفاق “اميركي – ايراني يشارك فيه الحزب،” يبدأ من الحدود ويمتد الى الداخل، أجاب: “من الممكن ان تخطو الاطراف كلها هذه الخطوة، ولكن حتى اللحظة لم تفعل. طهران و”الحزب” يستطيعان القيام بذلك من خلال تنازلات خارجية، مقابل ما يمكن ان تقدمه اميركا بدورها في الداخل، الا ان هذه الاخيرة لن تفلح بذلك. باختصار في الداخل اللبناني هناك “الحزب” وحلفاؤه من جهة والمعارضة من جهة أخرى، علما ان قرار المعارضة حر وواضح ولن تبدّله، ولا يمكن للولايات المتحدة “المونة” عليها. اذا هذا الاتفاق قد يحصل نظريا ولكن عمليا لن يسري”.
وردا على سؤال حول ما إذا كان احتمال لاندلاع حرب قوية على لبنان بهدف اضعاف “الحزب” فيضطر الجلوس إلى الطاولة للوصول الى استراتيجية دفاعية، أكد جعجع ان “اي حرب قوية على لبنان هي حرب على البلد برمته، وعدا ذلك فستصب كل التبعات والنتائج كلها في الداخل اللبناني. لذا ارفض ربط الامرين ببعضهما”. وشدد على ان حل مشكلتنا الداخلية يكون في السياسة وهو بيدنا كلبنانيين، ولو ان البعض يحاول طرحها على انها مشكلة اقليمية.
جعجع الذي عاد بالذاكرة الى حرب تموز الـ 2006 حين اعلن رئيس الحكومة آنذاك فؤاد السنيورة صراحة “اننا لم نعرف بها ولا نريدها ولا نؤيدها”، وفاوض حتى الوصول الى القرار 1701، اوضح ان الحكومة الحالية “مش موجودة” وهي تتحمل تبعات اي ضرر يعانيه لبنان”.
واردف: “في خلاصة ما نشهد في الجنوب، نرى ان غزة لم تستفد، بينما في المقابل تضرر لبنان. وفي وقت يعتبر “جماعة الحزب” بأن الاولوية لديهم هي غزة ولو ادى ذلك الى تدمير لبنان، لا يرى اللبنانيون الآخرون ان غزة اولوية، بل يهمهم بناء لبنان اولا ومن ثم تقديم المساعدة قدر المستطاع”.
وعن موقف رئيس الجمهورية السابق ميشال عون لجهة رفض مبدأ “وحدة الساحات” وامكان تقريبه المسافة بين “القوات” و”التيار الوطني الحر”، اجاب: “”الواحد بيتعلم من مرة وحدة”، ولكن اكثر ما لفتني في هذا السياق ما جاء على لسان الصحافي سالم زهران حين سئل عن رئيس “التيار” جبران باسيل، فقال ما معناه “اذا الحزب ارضى باسيل ومنحه ما يريد، عندها سيبرر له المشاركة في حرب غزة وفي تانزانيا ايضا…”.
وحول مبادرة “تكتل الاعتدال الوطني”، اشار رئيس “القوات” الى ان “اللجنة الخماسية كانت في هذا الاتجاه منذ الزيارة الاخيرة للموفد الفرنسي جان ايف لودريان، الذي لم يزر لبنان مرة اخرى لأن الامور لم تذهب في هذا المسار، ما دفع الى تعليق المبادرة الخماسية ايضا.”
اضاف: “رأى تكتل الاعتدال الوطني ان الفراغ الرئاسي يجب ألا يستمر، لا سيما بعد التصعيد في الجنوب، فكان طرحه المنطقي القائم على: “اننا “نتداعى كممثلين عن الكتل النيابية الى المجلس ونقوم بلقاء حواري طويل للخروج بتوصية لرئيس مجلس النواب نبيه بري من اجل الدعوة الى جلسة مفتوحة بدورات متتالية حتى انتخاب رئيس”، وهذا طرحنا. وهنا نوضح ان اللقاء المقترح ليس جلسة حوار، لذا قبلنا بهذا الطرح. وفي حال تم الاتفاق عندها على مرشح فهذا امر جيد، اما إذا لم نفلح، نطرح أسماء مختلفة، واذا فشلت المساعي كلها، تتوجه كل كتلة الى خوض الاستحقاق بمرشحها الاساسي”.
واذ اشار الى انه “حين وافقنا على ذلك، بدأ فريق الممانعة بالتراجع والمطالبة بترؤس بري “اللقاء الحواري”، اوضح ان “الرئيس بري هو الرئيس الاداري لمجلس النواب وليس “رئيس النواب”، خصوصا ان كل كتلة نيابية تتمتع بحرية في مواقفها وخياراتها ومبادئها ومشروعها السياسي”.
وشدد على ان “هذه المبادرة كشفت لعبة الممانعة واظهرت من يؤيد فعلا الحوار الجدي وليس جلسات الحوار الفولكلورية بهدف الهاء الناس وحرف النظر عن الانتخابات الرئاسية وتحميل المسؤولية للمشاركين في طاولة الحوار”.
وردا على سؤال، امل جعجع ان “يكتب النجاح لهذه المبادرة ولكن يبدو انها كشفت اوراق محور الممانعة”، متمنيا ان يتمكن اصحاب المبادرة من تبديل موقفه.
وفي سياق الحديث عن التركيبة التي تؤمن بها “القوات”، استشهد جعجع بمقولة المفكر البارز ومؤسس الحزب السوري القومي الاجتماعي انطون سعادة: “من الذي جرّ على أمتي هذا الويل”، ليؤكد ان اي بحث يجب ان ينطلق من السبب الذي أوصلنا الى هنا.
تابع: “هناك سياسيون فاسدون ومتواطئون، ولكن ليس الجميع، الا ان ما اوصلنا الى هذه الحالة هي تركيبة الدولة كما هي، والتي تمنع اللعبة الديمقراطية والتفاعل الفعلي بين الدولة والشعب من اجل ان تذهب الامور نحو الامام، فضلا عن معضلة “الحزب”. انطلاقا من هنا، وكوننا نرى ان الصراع بين الطوائف مدمر، علينا حصره ضمن الطائفة الواحدة فيصبح صراعا ديمقراطيا ويجنب الطوائف الاستنفار على بعضها البعض. هذه الطريقة تطبق من خلال الحفاظ على لبنان في حدوده الدولية المعترف بها وضمن الشعب الواحد، ولكن في نظام لا مركزي موسع. فاللامركزية الموسعة جزء كبير من الحل لمعظم المشاكل”.
وحين سئل عما اذا حان وقت الانفصال على أثر ممارسات “الحزب”، قال: ” لا اتحدث عن انفصال لأن هناك عوامل مشتركة اخرى يجب الا نضيعها. “لا مركزية” او “فدرالية” او “نصف لا مركزية”، نختار الأنسب بعد التفاهم بين الفرقاء اللبنانيين، ففي البداية علينا رفع الصوت والاعتراف بأن هذه التركيبة “مش ماشي حالها”. هذا الطرح يتم التداول به منذ فترة مع الاطراف السياسية والاصدقاء باعتبار ان هذا النمط من التفكير جديد على السياسة اللبنانية، وهو بحاجة الى الحد الادنى من الوقت لتحضير الناس وانتظار الظروف الملائمة والوقت المناسب لطرحه من الباب العريض، وحتى ذلك الحين سنستمر بالعمل لتحسين حياة المواطن اللبناني”.
وسأل: “لماذا لا يتم تخصيص ملف الكهرباء، على سبيل المثال، خصوصا ان معظم طرقات لبنان باتت مظلمة؟ أجاب: نحن نعمل على مشروع في هذا الخصوص لطرحه في اقرب وقت ممكن، ويتمثل بإشراك القطاع الخاص في الحل، وهذا يتطلب تضافر الجهود لتحقيقه”.
”رئيس القوات” الذي طمأن الشعب اللبناني إلى اننا نسير في الطريق الصحيح والمسألة ترتبط بالظرف والوقت الملائمين والمستقبل امامنا، اعتبر ان “الظروف المنتظرة تتعلق بمختلف الاوضاع ولا سيما الاقليمية والدولية منها، الى جانب الاحداث التي قد تحصل وتنعكس داخليا، خصوصا ان المتغيرات يمكن ان نشهدها في اي لحظة”.