ولم تكن عابرةً شراسةُ المواجهات بين «حزب الله» وإسرائيل على مدى الأيام الأخيرة بالتزامن مع «حرْق الأعصاب» في انتظار الردّ الإسرائيلي على إيران… في إيران أو في إحدى ساحاتها، وهو الأمر الذي يجعل لبنان وجنوبَه أمام خطرٍ مزدوجٍ، عبر انخراطِ الحزب كما سائر «محور الممانعة» في الردّ على الاستهداف المحتمَل لطهران، أو اختيارِ تل أبيب تصفية الحساب مع إيران من خلال الحرب الواسعة على احتياطها الإستراتيجي في المنطقة أي على الحزب الذي يملك ترسانةً لا يُستهان بها.
وعلى وهج هذه الاحتمالات يَمْضي جنوب لبنان في يومياتٍ انقلبتْ رأساً على عقب غداة «طوفان الأقصى» واندلاع حرب مُسانَدةٍ لم تغيّر في مجريات المصير المشؤوم لغزة. فالمواجهاتُ التي بدأت «مدروسةً» وفي نطاقٍ جغرافي ضيّق تحولتْ حرباً شرسة مع تمدُّد قواعد الاشتباك في الجغرافيا، والارتقاء بالأسلحة كمّاً ونوعاً. ولم يكن أدلّ على ذلك من القرى المهدّمة والأرض المحروقة والمناطق المنكوبة والوقائع التي يرويها «الشهود العيان» من مراسلي محطات التلفزيون المحلية والعربية.
مع بداياتِ الحرب في الجنوب كانت لـ «الراي» جولة على المراسلين الميدانيين الذين يتولون تغطية المواجهات الدائرة على الحافة الحدودية في جنوب لبنان. حينها كانت العيون كلها مصلتة على المنطقة وكان هؤلاء أشبه بـ «نجوم شاشات» يرصدون ساعةً بساعةٍ ما يجري من أحداث عسكرية على الأرض، يتنقلون بين قرى الشريط الحدودي ويقفون مباشرة في مواجهة مواقع العدو الإسرائيلي لبثّ رسائلهم.
اليوم تَغَيّرَ الوضعُ واختلفت التغطيةُ لأن واقع الأرض تَبَدّلَ والاشتباكاتِ المحدودةَ تحوّلت «ميني حرب» كاملة الأوصاف.
… على الخطوط الأمامية
محمد فرحات مراسل قناة «الجديد» أعدّ من جنوب الجنوب وقراه المدمرة تقريراً تلفزيونياً مميزاً. غامَرَ بنفسه للوصول إلى نقاطٍ لم يعد ممكناً بلوغُها من المدنيين، في أرضٍ محروقة ومدمّرة على نحو شبه كامل ومعرّضة للقصف والقنص والاستهداف في كل لحظة.
من العديسة ومن المسافة صفر، وخلْف سيارات «اليونيفيل» وقف ينقل مشاهداته. فرحات روى لـ «الراي» كيف تبدّل الوضعُ الجنوبي قائلاً: «بلداتُ الشريط الحدودي خاليةٌ تماماً ولم يعد فيها وجود للمواطنين ما خلا القليل القليل. الدمارُ في القرى كبيرٌ، لكن المشهدَ العام ليس مشهدَ دمار كامل كما في غزة، لأن البيوت المهدَّمة رغم عددها الكبير موزَّعة بين القرى. ومشهد غزة المدمرة بالكامل يمكن رؤيته في بلدتيْ بليدا وعيتا الشعب. أما القرى الأخرى مثل ميس الجبل ومركبا وحولا وكفركلا والعديسة فالدمار فيها كبير لكنه ليس شاملاً. علماً أنه في ميس الجبل حي البركة صار على الأرض».
هي قرى كان المراسلون في بداية الحرب يتنقّلون بينها، لكن على امتداد 120 كيلومتراً، من بوابة فاطمة إلى الناقورة، لم يعد بالإمكان التنقل على طرق القرى وفي أحيائها لأن كل النقاط فيها معرّضة للقصف ولا يمكن التكهن متى يحدث تَبادُل إطلاق النار فيها، ناهيك عن أن الطيران المسيَّر يحلّق فوقها في شكل دائم. أهلُها ينتظرون مراسم تشييعٍ لشهيد سقط فيها لزيارة بيوتهم وحمْل ما تبقى لهم من أغراض فيها، هذا إذا كانت ما زالت واقفة. وقد بات معروفاً أنه خلال مراسم التشييع لا يتم تبادل لإطلاق النار ويمكن للمواطنين التنقّل عبر الطرق الفرعية الداخلية التي لا تتعرّض للقصف عادةً. أما الطرق الرئيسية فأصبحت خطرة جداً للجميع.
ويقول فرحات: «تركْنا النوم في الجنوب وبتْنا ننتقل من بيروت إلى القرى الجنوبية الخلفية لتأمين التغطية التلفزيونية لأن المشوار من العاصمة أسهل من التنقل المحفوف بالأخطار بين القرى الجنوبية. في الشهرين الأخيرين كنا في إبل السقي حيث يُعتبر الخطر أقل نسبياً. ففي القرى الخلفية الواقعة على الخط الثاني بعد الشريط الحدودي تبدو الحياة والحركة شبه طبيعية، أهلها موجودون فيها ومحلاتها التجارية مفتوحة لكن لا يمكن التكهن متى تُقصف هذه البلدات التي كانت حتى الأمس القريب غير معرّضة. مرجعيون الآمنة تعرّضتْ لغارةٍ في وسط أحيائها، وقبْلها أرنون. وياطر التي لا تُعتبر قريةً حدودية سقط فيها 12 بيتاً من 12 غارة. لسنا خائفين فلبنان كله معرّض وعلينا أن نتابع تغطيتنا لكن الحسرة الأكبر أنه لم يعد ممكناً لنا التواجد في نقاط متقدّمة».
كثيرة هي الأمور التي تغيّرت وفق ما رواه فرحات لـ «الراي» فقد «سقطت قواعدُ الاشتباك التي سادت في فترة الحرب الأولى، والقصفُ الإسرائيلي ازداد حدة وشراسة، وفي حين كانت إسرائيل سابقاً تردّ على مصادر النار، صارت اليوم تشن غارات وتقصف المنازل بعد مراقبتها حرارياً ومن خلال الطيران الاستطلاعي. كما باتت تعتمد سياسة الاغتيال إما عبر عبوات ناسفة أو صواريخ تطلق من الطائرات، وتستعمل صواريخ ذكية لاستهدافات معينة كما حدث في النبطية. وحدة القصف تَصاعدتْ، فالصواريخ المستخدَمة في الغارات تدمر أحياء وليس بيوتاً فقط وقد تتساقط بيوت قريبة من عصف الانفجار وتتفتت حجارتها، وكذلك توسعت رقعة القصف جغرافياً لتطول مناطق خلفية وتصل حتى إلى البقاع».
من جهة «حزب الله» تطوّرت طرق الاشتباك وإن كانت ما زالت مضبوطةً، وتطورت أسلحته وبات يستخدم بعد صواريخ الكورنيت الموجَّهة صواريخ بركان وفلق ومسيَّرات انقضاضيةً وصواريخ يعتمّد إبقاءها «مجهولة باقي الهوية» يمكن أن تبلغ مسافات طويلة في الداخل الإسرائيلي.
حكايا مثيرة من خلف الخطر
دارين الحلوة مراسلة Sky news عربية صارت شبه مقيمة في جنوب لبنان. فهي لم تفارق المنطقةَ منذ ستة أشهر، واليوم تتنقل بين إبل السقي ومرجعيون، القريتان اللتان لا تبعدان كثيراً عن الشريط الحدودي. تؤمّن تغطيةً يوميةً لكل ما يَجْري وتبحث عن حكايا مثيرة خارج مناطق الخطر التي بات يصعب الوصول إليها وتغطيةِ ما يجري فيها.
وتقول حلوة لـ «الراي»: «صرنا مكبَّلين كمراسلين، لأنه لم تعد هناك حدود جغرافية للهجمات والهجمات المضادّة كما للقصف المتبادل. في مرجعيون كنا نظن أنفسنا آمنين باعتبار أنها منطقة لا تُقصف في العادة، لكن الغارة عليها فاجأتْنا في شكل كبير. أسلك الطريق بين مرجعيون وإبل السقي مرات عدة في اليوم لكنه لم يَعُدْ آمناً وصار معرَّضاً للقصف لا ندري متى. قرية السلطانية التي تهجّر الناس إليها من الشريط الحدودي تمت الإغارة عليها، ومناطقُ فيها نازحون مثل أرنون وفنيدق قُصفت، وكأن ثمة عبثية في الاستهداف لا نفهمها لكنها مفهومة بلا شك بالنسبة للطرفين».
بحسب مشاهداتها روت دارين كيف صارت قرى الحافة الأمامية باستثناء رميش وعلما الشعب مدن أشباح وكأنه فيلم رعب يملأه الدمار والأسى حتى الكلاب والقطط نزحت منها لأنها لم تعد تجد ما تأكله. وتقول: «قرى الجنوب انفرزت بفعل واقعها. فالقرى المشمولة بالتصعيد العسكري ربْطاً بالعمليات التي تجري على أرضها، نسبة النزوح منها أكبر. أما القرى غير المنخرطة بالتصعيد فقادرة على حماية نفسها وأهلِها مثل مرجعيون، القليعة، الميري وحاصبيا».
وتضيف: «في القرى الخلفية الحركة صارت أكثر نشاطاً وكأن امتداد فترة الحرب جعل الناس يتعايشون مع الظروف. كما أن صعوبة النزوح وترْك الممتلكات والأشغال، عوامل ساهمت في إبقاء الناس في قراهم ولو كانوا معرّضين للخطر. ففي شبعا مثلاً لم ينزح السكان لأن ثمة طرقاً عدة يمكن سلوكها للوصول إليها. وحتى الرعاة في الوزاني تعايشوا مع الخطر، وكانت ثمة وعود من الصليب الأحمر و «اليونيفيل» بعدم التعرّض لهم لكن رغم ذلك قد تتعرّض المنطقة لقذائف مدفعية فيضطرون للهرب. ورغم كل الترهيب فإن المزارعين مصرون على الذهاب إلى أراضيهم. وفي الخيام ورغم استهدافها بالقصف ثمة مطعم أبوابه مفتوحة، وقد طلب منه بعض المراسلين إفطاراً رمضانياً عن طريق الديلفري. وفي مرجعيون كل المحلات فاتحة أبوابها حتى محلات الزينة مثلاً».
وتتابع: «الناس ليسوا خائفين من القصف بل من طول أمد الحرب. سابقاً كان الخوف أكبر، خوف من الأرض المحروقة خوف على مستقبل المنطقة. اليوم توضحت الصورة أكثر وبعض مَن نزحوا أو سافروا عادوا إلى قراهم غير المنخرطة في نشاط عسكري. أما القرى التي تشهد هذا النشاط فتتعرض لتدمير ممنهج».
وتشير إلى أنه «في تغطيتنا للأحداث لا مجال للروتين فقد تحدث غارة خارج النطاق الجغرافي المعهود أو عملية إستهداف لشخصية ما، الأمر الذي يدعونا للذهاب والتقصي عن المستهدَف وعدد الإصابات. لكن رغم ذلك بات للحرب وحتى الاشتباكات التي تُعتبر خارج السياق اليومي نمطاً معيّناً نستطيع تلمُّسه، فأي مساس بسلاح الجو الإسرئيلي كأن يُسْقِطَ حزب الله مثلاً مسيّرة معادية نعرف ان الرد سيكون في البقاع ويليه رد على الجولان من حزب الله».
قلق وتعب و… إصرار
منذ ستة أشهر لم تغادر محطة «الجزيرة» المنطقة وما زالت تغطيتها للأحداث مستمرةً كما في اليوم الأول، وإن كانت ازدادت صعوبة ودقة. مُراسِلها جوني طانيوس يَعترف بأن التعب صار واقعاً بعد ستة أشهر سواء بالنسبة إلى المراسلين أو إلى الناس في المنطقة.
ويقول طانيوس لـ «الراي»: «الناس بدأوا يشعرون بالتعب هنا، فالمسألة طالت والكل يريد نهاية، شعباً ومسؤولين. لكن ما يبدو جلياً أن الناس رغم تعبهم يتحمّلون ويصبرون في انتظار حلٍّ ما. في الخطوط الخلفية، مَظاهر الحياة موجودة، والأهالي يُجْرون تقويماً ذاتياً للوضع. بعضهم غادروا وآخرون بقوا في قراهم في انتظار المستجدات، لكن غارة مرجعيون (وبعدها غارة راشيا الفخار) تسبّبت بنقزةٍ قويةٍ وبقلق وخوف عند الأهالي الذين لم يكونوا يتوقّعونها نظراً لشدّتها. وعموماً الحرب كلها ازدادت حدّتها. وشدة القصف الذي تتلقاه المنطقة لم تشهده حتى في حرب يوليو 2006».
المراسلون يعيشون قلق السكان نفسه. فالتنقل بات صعباً ومحفوفاً بالخطر. وبعض القرى التي كانت تتم التغطية منها سابقاً مثل الضهيرة بات من المستحيل الوصول إليها. في القرى الأمامية يقول طانيوس «لم تعد المعارك مجرد اشتباكاتٍ كما كانت في البداية، بل صارت المنطقة كلها مسرح مواجهات مفتوحة. المعارك توسعت، وحدةُ المواجهات ارتفعتْ وصارت أخطر وأعنف، وازداد الدمار. فالعدو بات حين يرصد أي حركة في الشريط الحدودي يبادر إلى قصف المنطقة، وقد أثّر ذلك على حركة الناس كما على على تنقل الصحافيين، وصار التواجد في النقاط الأمامية خطراً مباشراً على الحياة».
ويضيف:«رغم الخطر نحن ملتزمون بعملنا وتغطيتنا. نلتزم الحذر، ولكن الخوف ليس هاجسنا الأول بل ملاحقة الحدَث. بتنا نقف في مواقع تَظْهر منها نقاط المواجهة الأمامية فنرى ماذا يحدث ولو من بعيد. نحاول قدر الإمكان الوصول إلى أماكن كاشفة مع مراعاة أساسياتِ السلامة. وأحياناً ندخل القرى خلال مراسم تشييع لشهداء سقطوا لننقل الوضع داخلها أو لنعرف من خلال أشخاص موجودين فيها معلومات حول الضحايا والاستهدافات. صحيح أننا مقيمون في فندق في مرجعيون ونتحرك ضمن محددات معينة، لكن ما دام ما زال بإمكاننا التنقل فنحن مستمرون بالتغطية ولو باتت أكثر صعوبة ودقة».
ينقل طانيوس لـ «الراي» أجواء مراسم التشييع في القرى حيث الناس يزدادون صلابةً مع كل شهيد يسقط. يعرفون أن أرواحهم ضريبة يدفعونها، ويعبّرون عن ذلك في رثاء الشهيد. وحين يكون التشييع لمقاتلٍ سقط تكون الأجواء أكثر صلابة وعزماً على البقاء والصمود والتمسك بالمقاومة. لكن يبقى أمر لا يمكن إنكاره ان مَن هم مع الحزب يؤيّدون موقفه حتى الشهادة ومَن لا يدعمونه يتململون ويطلبون انتهاء الحرب».
الناس تعبوا رغم معنوياتهم العالية
«لم تكن التغطيةُ التلفزيونية لحربِ الجنوب سهلةً في بداياتها فالحربُ كانت مفاجئةً وفي منطقةٍ لا يتردد إليها المراسلون ولا يعرفونها جيداً. وكان عليهم بداية أن يحفظوا المناطق وأسماءها وأن يتابعوا دقيقة بدقيقة ما يَحدث هناك مع ما تتضمنه المنطقة من حساسيات وأمور دقيقة يجب التعاطي معها». هكذا تصف لارا الهاشم مراسلة محطة LBCI اللبنانية بدايات الحرب. فالمحطة الحاضرة الى جانب الناس أرادت نقل واقعهم ومعاناتهم في تقارير يومية إضافة الى التغطية الميدانية للأحداث العسكرية.
وتقول لـ «الراي»: في الأسبوعيْن الأولين للحرب كان الناس يجاهدون لإكمال حياتهم اليومية. في عيتا الشعب قابلنا رجلاً يقوم بتعبئة المياه وتوصيلها الى المقاومين وأهل القرية. وفي كفركلا سيدةٌ تخبز داخل الفرن لإطعام أهل قريتها. اليوم هذه الملامح تغيّرت وأصبحت القرى الأمامية فارغة.
وتضيف: «الناس هناك لم يعرفوا بدايةً أن الحرب ستطول الى هذا الأمد وأنه سيتم استهداف بيوت المدنيين والطواقم الطبية والمسعفين والمراسلين وحتى العابرين على الطرق. واكتشفوا مع الوقت أن إسرائيل لا ترحم أحداً وأن الحرب ليست لها قواعد أو خطوط تماس. هي حرب خبيثة غدّارة تطول كل المناطق وليس الساخنة فقط. حتى نحن كمراسلين كنا نظن أننا بمجرد ارتداء الخوذة والدرع والوقوف في أماكن آمنة، يمكن أن نكون محميين، لكن بعد استهداف الصحافيين واستشهاد عصام عبدالله وبعده طاقم «الميادين»، بتنا نشعر بالخوف أو بالحذر ولا نعرف بالضبط كيف نتصرف وأين نقف. فقد نكون نحن كبش محرقة في استهدافٍ لا نعرف طبيعته. وحتى المناطق الآمنة نسبياً التي كانت خارج نطاق الاشتباك صارت معرّضة ما جعل مهمتنا أصعب».
من خلال متابعتها ليوميات الناس تعترف لارا الهاشم بأنه رغم معنوياتهم العالية وإصرارهم على الصمود فإن الناس تعبوا ولا سيما أولئك الذين تهجّروا من قراهم وقصدوا إما مراكز إيواء أو نزحوا الى القرى الخلفية حيث استأجروا بيوتاً أو سكنوا عند أقارب لهم. فأولادهم بلا دراسة حقيقية، أراضيهم مهملة وبيوتهم مدمرة. ويعرفون أنهم سيعودون الى قراهم وسينتصرون، لكنهم لا يستطيعون إخفاء القهر الذي يشعرون به والغصة التي في قلوبهم. فهم الذين عايشوا حروب اسرائيل كلها، ها هم يعيشون من جديد أصعب الحروب وأقساها.
وتقول الهاشم إن «التهجير صعب والوضع المالي والاجتماعي للأهالي يزداد قسوة. فهم المزارعون المكتفون في قراهم أصبحوا مضطرين لقبول الإعانات او للعمل في أعمال متفرقة لتأمين دوائهم وخبزهم. الوضع الاجتماعي اليوم في الجنوب هو الأصعب. الجنوبيون مشرّدون خارج بيوتهم وقراهم، وقد لا يجدون منازلهم عند عودتهم. لكن ما يحزّ في القلب أن الجنوب يبدو كمنطقة معزولة لا يشعر بها أحد وحتى التغطية الإعلامية تراجعت. فالصورة التي كان ينقلها الإعلام غابت، والخبر بلا صورة لا يعطي وقْعاً. لقد طال أمد الحرب والناس تعبوا وما عادوا يعرفون ماذا ينتظرهم».