فتحت منظمة الأغذية والزراعة (فاو) نافذة جديدة لتمويل الأمن الغذائي في لبنان الذي يمر بأزمة مالية غير مسبوقة جعلته عاجزا عن توفير المواد الأساسية للمستهلكين.
وأبرم وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال عباس الحاج حسن وممثلة منظمة فاو في لبنان نورة أورابح حداد الجمعة بالعاصمة بيروت وثيقة مشروع زراعي ممول من الحكومة الكندية بقيمة 20 مليون دولار.
ويعزز المشروع الشراكة الإستراتيجية بين لبنان وكندا ومنظمة الأغذية والزراعة لدعم استدامة القطاع الزراعي في لبنان.
وقالت فاو في بيان أوردته وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية إن المشروع يهدف إلى تحسين أداء سلاسل قيمة الفاكهة والخضر وزيادة الاعتماد على الممارسات الزراعية الجيدة والذكية مناخيا والمراعية للبيئة”.
وبالإضافة إلى ذلك، سيعمل المشروع على “تحسين البيئة المواتية التي تعمل فيها الجهات الفاعلة في سلاسل القيمة”.
كما سيساهم المشروع في زيادة القدرة على الصمود في مواجهة الصدمات المناخية والاقتصادية لسلاسل قيمة الفاكهة والخضر من أجل تعزيز الأمن الغذائي في البلاد.
وسيتم دعم المنتجين والتجار لتطوير إستراتيجياتهم وأنشطتهم التجارية لتبني تقنيات مبتكرة وحديثة على مستويات الإنتاج والتسويق والتجهيز، ليصبحوا أكثر قدرة على المنافسة وأكثر شمولية واستدامة واستجابة لاحتياجات المزارعين.
ومن المتوقع أن يتم تمكين المزارعين وجمعياتهم وتعاونياتهم لتنسيق إستراتيجياتهم وأنشطتهم لتنفيذ خطط اقتصادية واجتماعية وبيئية مستدامة، وبالتالي توفير أغذية صحية أكثر أمانا وبأسعار معقولة، والحفاظ على الأمن الغذائي وزيادة قدرة المزارعين على الصمود.
ويعيش لبنان على وقع أزمة اقتصادية ومالية خانقة، فيما فقدت بعض المواد الأساسية من الأسواق مع انهيار العملة وارتفاع الأسعار، لتزيد أزمة القمح من الواقع الصعب جراء مشاكل الإمدادات المنجرة عن الحرب في شرق أوروبا.
وتسبّبت الأزمة الداخلية التي تفاعلت مع عوامل خارجية منها الأزمة الصحية والحرب في أوكرانيا في ارتفاع معدل التضخم إلى مستويات تجاوزت 170 في المئة وجعلت قرابة نصف السكان تحت خط الفقر.
وخلصت دراسة أجرتها فاو وبرنامج الأغذية العالمي ووزارة الزراعة اللبنانية في وقت سابق هذا العام إلى أن مليوني شخص في لبنان يواجهون انعدام الأمن الغذائي من تعداد سكان يبلغ نحو 6.5 ملايين نسمة.
وخلال العام الماضي انضم لبنانيون مرغمين إلى جحافل الفقراء ليشكلوا دليلا آخر على مدى الصعوبات التي يعاني منها معظم الناس، في بلد ضلّ طريقه نحو الخروج من المأزق المالي والاقتصادي بفعل طبقته السياسية الفاسدة.
ويدعم برنامج الأغذية العالمي وحده ثلث سكان لبنان بالغذاء والمساعدات النقدية، في حين أن تكاليف العلاج والدراسة وحتى رواتب العاملين بالأجهزة الأمنية يمولها بنسبة كبيرة مانحون دوليون.
وتشير أرقام وزارة الزراعة إلى أن حجم إنتاج لبنان من القمح سنويا يتراوح ما بين 100 و140 ألف طن، بينما تبلغ حاجة البلد من هذه المادة ما بين 450 و550 ألف طن سنويا.
وتعد كلفة دعم استيراد القمح الأقل قياسا بالمشتقات النفطية والأدوية حيث تبلغ في المتوسط 135 مليون دولار سنويا، في حين يصل دعم توريد الوقود أكثر من ملياري دولار، بينما يكلف دعم استيراد الأدوية حوالي 1.1 مليار دولار.
وكانت فاو قد عززت في نوفمبر 2021 مبادراتها الداعمة للمزارعين اللبنانيين بهدف تذليل العقبات أمام اختناق قطاع حيوي للكثير من الأسر بعد أن طالته تبعات الأزمة المالية والاقتصادية.
وباتت معظم المدخلات الزراعية كالبذور والأعلاف الحيوانية واللقاحات والمواد البيطرية وغيرها، من الصعب الحصول عليها جراء هبوط قيمة الليرة إذ باتت خارج متناول المزارعين الذين لم يعد بوسعهم تحمل ارتفاع التكاليف.
واضطر الموردون اللبنانيون منذ تدمير صوامع مرفأ بيروت البالغة سعتها نحو 120 ألف طن في انفجار صيف 2020 للاعتماد على مرافق تخزين خاصة أصغر لمشترياتهم.
وثمة إجماع بين الخبراء والمنظمات الدولية المعنية بالغذاء على أن استعراض المؤشرات لا يكفي وحده دون تدخل دولي مستمر. كما أن المسؤولين عليهم وضع حد للتقاعس لحل المشكلة بشكل جدي.