بعد أشهر على بدء الحرب في قطاع غزة ومعها امتداد المعارك بين إسرائيل و”حزب الله” إلى جنوب لبنان وشرقه، يبدو أن فاتورة هذه المعارك الاقتصادية على لبنان المنهك والمثقل بأزماته بدأت تطول، خصوصاً أن لا بوادر للحل في غزة أو لأي هدنة مرتقبة، مما يعني استمرار المعارك الميدانية على الأراضي اللبنانية أيضاً.
وعلى رغم أن المعارك لا تزال نسبياً محصورة في البلدات الجنوبية الحدودية ومناطق في البقاع، لكن تأثيرها يطاول القطاعات الاقتصادية كلها وفي كل المناطق، وسط تهديدات ومخاوف من أن تتطور إلى حرب تشمل كل المدن والبلدات.
يؤكد الكاتب والباحث في الشؤون المالية والاقتصادية البروفيسور مارون خاطر في مقابلة صوتية مع “اندبندنت عربية” أن اقتصادات الدول تتأثر وتتعثر خلال الحروب عندما تدور في منطقتها أو في محيطها القريب، فكيف الحال إذا كانت هذه الحروب قائمة على أرض البلد نفسه، خصوصاً إذا كان يعاني مشكلات سياسية واقتصادية كارثية مثل التي يعانيها لبنان.
ويضيف خاطر أن الأحداث التي يشهدها قطاع غزة ومن ثم الجنوب اللبناني منذ أشهر، تلقي بطبيعة الحال بثقلها وبصورة مباشرة على اقتصاد لبنان، وهو بهذه التطورات تلقى ضربة إضافية بعد أعوام قاسية على الصعيد الاقتصادي، وبذلك أصيبت اليوم قطاعاته الحيوية بشكل مباشر، لا سيما القطاع السياحي والقطاع الزراعي الذي يعتاش منه الجزء الأكبر من سكان القرى الحدودية الجنوبية، حيث تدور المواجهات المباشرة.
أحداث البحر الأحمر
وعن الأحداث التي تدور في المنطقة، ومنها تأثر حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر، يقول خاطر إن للأحداث الدائرة هناك تداعيات أيضاً على الاقتصاد اللبناني، لا سيما ما يدور في البحر الأحمر، فعلى رغم أن لبنان لا يستورد النفط والمواد الغذائية عبر هذا الممر، لكن ارتفاع كلف الشحن والتأمين ينعكس زيادة في الأسعار في الداخل اللبناني، خصوصاً مع غياب تام للرقابة والمحاسبة.
ويضيف أن “الخسائر التي تكبدها لبنان تقدر منذ بدء الحرب في قطاع غزة بين 7 و10 مليارات دولار بحسب وزير الاقتصاد اللبناني، وهي أرقام ترتفع كل يوم مع استمرار المعارك والضربات الإسرائيلية”.
ويختم مشدداً على أن الخسائر “كبيرة” بشرياً ومادياً في الجنوب وعلى امتداد لبنان، وما يتكبده البلد اليوم يتعدى الاقتصاد إلى السياسة، قائلاً إن “هذه الحرب تمنع الحلول السياسية ومن ثم تؤجل انتخاب رئيس وتشكيل حكومة، بانتظار حسم الأمور في غزة”.