والأبرز على خط النازحين السوريين، هو الاستياء اللبناني المتزايد من المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في لبنان (UNHCR) بعد رفضها تزويد الحكومة بأرقام النازحين السوريين وتوزيعهم، وبعد إصدارها افادات سكن لهم خلافاً للقانون، ويُترجم الغضب حالياً بالبدء بإعداد عريضة نيابية تطالب بإقفال مكاتب المفوضية في بيروت إلى جانب تحركات لبعض الأحزاب المسيحية وبلديات قريبة من الثنائي الشيعي لضبط انتشار النازحين ومواجهة هذه الأزمة.
وأوضح عضو “تكتل الجمهورية القوية” النائب غياث يزبك “أن مفوضية شؤون اللاجئين أصبحت مفوضية سامية للتسويق للاحتلال السوري المستجد”، واصفاً ما يحصل “بالاجتياح السوري المنهجي الذي يهدد لبنان بعد سقوط كل المبررات التي تعطي صفة النزوح”.
ويتزامن الإعداد لتوقيع هذه العريضة مع أنباء عن قيام المفوضية بدفع رواتب شهرية للنازحين الجدد والنازحين غير المسجلين على لوائحها بمعدل 10 دولارات لكل نازح يومياً ما يعادل 300 دولار شهرياً.
ويستفيد من هذه التقديمات نحو 900 ألف نازح بمعدل 270 مليون دولار شهرياً، وهو ما يشجّع على بقاء النازحين السوريين في لبنان وعلى استدراج المزيد منهم في إطار الموقف المعلن للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة بضرورة بقاء النازحين في لبنان في الوقت الحالي ومساعدتهم إلى حين تأمين ظروف عودتهم بكرامة وطواعية.
غير أن بعض القوى السياسية اللبنانية ترفض هذا التوجه وتدعو لعودة السوريين ودفع التعويضات لهم في بلدهم أو توزيعهم على بلدان أخرى، انطلاقاً من الإحصائيات المقلقة لتعدادهم قياساً للبنانيين في الكثير من المناطق وخصوصاً في البقاع وعكار وبعض جبل لبنان، وكان لافتاً ما أعلنه محافظ البقاع كمال أبو جودة عن وجود نحو أربعة آلاف مؤسسة يديرها سوريون بين البقاع الأوسط والغربي بينها 1700 مؤسسة في برالياس وحدها من أصل ألفين و350 مؤسسة في تعلبايا من أصل 450.
لبنان مش للبيع
في غضون ذلك، خرج وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال بسام مولوي ليؤكد بعد اجتماع للمحافظين ورؤساء البلديات “أننا لن نسمح بالوجود العشوائي للسوريين وسيتم تحديد أعدادهم في الوحدات السكنية”، طالباً “من كتّاب العدل عدم تنظيم أي عقود لسوريين لا يملكون أوراقاً قانونية”، وقائلاً “كما يُطبق القانون على اللبنانيين سيتم تطبيقه على السوريين”. وأضاف “لن نقبل باستباحة بلدنا وتغيير ديموغرافيته مقابل المال”، محذراً “أي مختار يُعطي إفادة كاذبة أو مزوّرة “بلدنا مش للبيع” ولن نقبل بهذا الأمر”. وأشار إلى “أننا نعمل كخلية نحل دائمة ومستمرة لمعالجة الأزمة وللوقوف بوجه الأضرار الهائلة التي تلحق بلبنان واللبنانيين والديموغرافيا اللبنانية جراء الانفلات والتصرفات غير المقبولة بسبب النزوح السوري”.
وتواصلت المواقف من قضية النزوح، إذ اتهم رئيس حزب القوات اللبنانية النظام السوري بأنه “المسؤول عن كثير من المشاكل والأزمات التي يعيشها لبنان منذ سنوات”، ولدى سؤاله عن دعوة أمين عام حزب الله حسن نصرالله لوضع خطة موحدة لحل المشكلة قال “من الجيد أن يعطي نصر الله أهمية لقضية اللاجئين، لكن الكلمات لم تعد كافية، فالحزب يشكّل مع حلفائه، بما في ذلك التيار الوطني الحر حكومة تصريف الأعمال بأكملها. من هنا، بإمكان هذه الحكومة أن تجتمع لمناقشة هذا الموضوع العاجل لخطورته، وبالتالي أن تتخذ قرارين أساسيين: الأول، وقف أعمال المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في لبنان، ولاسيما أننا لسنا من ضمن الموقعين على الاتفاقيات المتعلقة باللاجئين، وهنا أذكّر بأن الحكومة اللبنانية أصدرت قراراً في عام 2002 يؤكد أن لبنان ليس بلد لجوء، فكيف تواصل المفوضية تقديم المساعدات والخدمات لأكثر من مليون لاجئ في لبنان؟. أما القرار الثاني على الحكومة أن تصدر الأوامر إلى الأجهزة الأمنية كافة، بغية التأكد من تطبيق القوانين المعمول بها في هذا المجال خصوصاً بما يتعلق بتصاريح العمل والإقامات الممنوحة للأجانب المقيمين في لبنان، وفي مقدمتهم السوريون”.
اقتراحات سعيد
من ناحيته، كتب رئيس “المجلس الوطني لرفع الاحتلال الإيراني عن لبنان” فارس سعيد على “اكس”: “كشف حزب الله عن خطته لاحتواء أزمة النازحين السوريين وحصرها: 1- برفع قانون قيصر حتى تعود الدورة الاقتصادية إلى سوريا. 2- او تنظيم ترحيل السوريين إلى البحر ومنه إلى أوروبا لاجبارها على ايجاد حلول. 3- طالب “أصدقاء” واشنطن والغرب في لبنان ممارسة ضغوط على “الأصدقاء”.
وأضاف: “الحل: 1- سقوط الأسد ودخول سوريا إلى مرحلة انتقالية وفقاً للقرار 2254. 2- انسحاب حزب الله من سوريا والذي ساهم في تهجير السوريين. 3- اقفال الحدود الشرقية. 4- نشر قوات دولية على الحدود مع سوريا وفقاً للقرار 1701 لمساندة الجيش. 5- تنظيم مخيمات على الحدود بإشراف الامم المتحدة”.
أما على خط التيار الوطني الحر، فيجري رئيس لجنة الصداقة البرلمانية اللبنانية الفرنسية وعضو لجنة الصداقة الاوروبية اللبنانية النائب سيمون ابي رميا اتصالات في باريس وستراسبورغ مع نواب أوروبيين وفرنسيين لشرح خطورة التداعيات السلبية للنزوح السوري، حاملاً معه ملفاً بالأرقام والوقائع لعدد السوريين في لبنان الذي تخطى المليونين ومئة ألف نسمة أي ما يساوي أربعين في المئة من سكان لبنان.
وتطرق ابي رميا في لقاءاته في البرلمان الأوروبي إلى تكلفة النزوح على لبنان التي ناهزت الخمسين مليار دولار من استهلاك مياه وطاقة وصرف صحي ومعالجة نفايات وتعليم في المدارس والجامعات حيث يساهم لبنان من ميزانيته بأكثر من 37 مليار دولار.
استغراب التيار
واستغرب المجلس السياسي للتيار البرتقالي “صمت حكومة تصريف الأعمال تجاه الإعلان الأمريكي والأوروبي الواضح برفض عودة النازحين السوريين إلى بلادهم”. وحمّل المجلس “الحكومة بوصفها صاحبة القرار السياسي عدم مسؤولية تنفيذ الأجهزة العسكرية والأمنية الإجراءات التي سبق اتخاذها في مجالس الوزراء لجهة ضبط الحدود لمنع التدفق المشبوه لآلاف النازحين”، مؤكداً “أن التيار سيستمر في رفع الصوت في الداخل وفي المحافل الدولية محذراً من مؤامرة إغراق لبنان بملايين النازحين السوريين بما يقضي على وجوده كدولة ويتسبب بتهجير أهله أو تذويبهم في تركيبة سكانية جديدة إرضاءً لمخططات جهنمية يجري تنفيذها على حساب سوريا ولبنان ولصالح من يريدون ضرب الإستقرار وتفكيك دولنا”.