سوف نتأكد أن حقوق الإنسان ما هي إلا شعار فارغ ورنان اوجدته الدول العظمى لتحلم به شعوب الدول الصغرى، وأن مشاريع الصمود والتصدي باتت تعانق الخزي والعار والاستسلام، وأن جهنم عُبِدَتْ دروبها على أرضنا المقدسة، وأن الغوغائيين امطروا عقول الفقراء بالوعود والمشاريع الفارغة، وأن الدول الحليفة للطوائف حولت وطننا الى صندوق بريد لصراعاتها وطروحاتها الإقليمية والدولية. سوف ندرك ان قوات الردع ما كانت الا جيش احتلال، وإن منظمة التحرير ما كانت الا حصان طروادة لتهجير شعبنا وشرذمة الانتماء، وأن جيش الدفاع لم يكن الا جيش بَطِشْ بأطماع مبطنة، وأن الحرس الثوري لم يكن الا مشروع فارسي لفرض ولاية الفقيه على ارض القداسة والتعايش. سوف نتذكر أن تركيبة جيش شعب مقاومة دمرت لبنان، وأن شحنات الكيبتاغون خاضت الصحراء نحو الدول الشقيقة ومن خلال الجامعات الى أجساد طلابنا، وأن جحافل الموستيكات كانت تنقض على كل من يطالب بحقوقه كمواطن شريف ببلد حُرْ.
توبوا الى ربكم والى لبنان! دعونا نبني هذا الوطن، كما نحلم وكما نتمنى. وطن يشبه نجاح ابنائه وتفوقهم، وطن يعكس ايماننا بالله وبالمحبة التي تبشر بها الاديان. وطن أساسه العلم والتعاضد وحسن الضيافة والإبداع. دعونا نبنيه بعيداً عن السلاح والمؤامرات والمشاريع الغير لبنانية، نعيد إعماره بالنخب المثقفة والعقول النيرة والاخلاق الحميدة، بنظافة المصارف والمؤسسات واحترافيتها. دعونا ننهض به بالتخلي عن كل سلاح مرتهن للخارج وغير شرعي، بالإلتفاف فقط حول جيشنا الأبي، بشفافية التعامل وكرامة المواطن. دعونا ننيره على صورة عنفوان من صنعوا امجاده وعلى مثال عباقرته، على مثال الحنين والولاء التي تبثهم اغاني السيدة فيروز في قلوبنا أينما كنا. دعونا نرفعه الى مستوى تضحيات الشهداء الذين افنوا اعمارهم في سبيل الولوج الى الوطن المميز الذي طالما حلموا به.
شعبنا بات لا ينشد الا السلام والطمأنينة والعيش الكريم. شعبنا انهكته المغامرات التحريرية والإلغائية والإسنادية والمقاومتية. شعبنا هشمت صلابته عمليات النهب والفساد والسلبطة والتشبيح، كما دمرته عمليات وضع اليد على الايداعات والاراضي ومؤسسات الدولة. فإتعظوا مما آلت اليه الأمور وإتقوا الله قبل أن يتهدم الهيكل علينا جميعاً. فقد آن الأوان، بأن تتولى النخب المثقفة والشفافة زمام الأمور عندنا، اذْ أضحى من المستحيل أن يبقى مصير الوطن بين أيادي السعادين.