في غرفة هادئة داخل متحف في واشنطن، تركز الكاميرات والهواتف المحمولة على قطعة صخرية صغيرة قد تبدو غير مهمة، لكنها في الواقع عينة من الكويكب “بينو” الذي يدرسه العلماء على أمل اكتشاف ما إذا كانت الكويكبات جلبت بالفعل إلى الأرض عنصري الكربون والماء الأساسيين للحياة.
وأمس الجمعة، عرض الحجر الصغير للمرة الأولى أمام العامة في “سميثسونيان” بالعاصمة الأميركية داخل كبسولته الصغيرة.
وقال رئيس وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) بيل نيلسون، قبل دقائق قليلة من الكشف عن القطعة خلال احتفال إن “هذا الكويكب يحوي بلورات ماء وكربون العنصرين الأساسيين للحياة”.
“سيلفي” مع الصخرة
وأضاف نيلسون أمام الصحافيين ومحبي الفضاء المتحمسين لإخراج كاميراتهم والتقاط صور للقطعة الصخرية أن “المشروع الفضائي الجديد هو جزء من سعينا إلى فهم ومحاولة فهم من نحن، وما نحن عليه، وأين نحن، في هذا الكون الواسع”.
وحضر زوار آخرون إلى المتحف حاملين هواتفهم لالتقاط صور “سيلفي” مع القطعة الصخرية السوداء، ومن بينهم جين مان التي أتت من ولاية فرجينيا المجاورة برفقة حفيدها ليطلع أخيراً على قطعة من كويكب.
وقالت مان، وهي محللة أنظمة تبلغ 64 سنة ضاحكة “كنت أخشى أن تكون مجرد ذرة غبار، لكنها في الواقع أكبر بكثير مما كنت أعتقد”.
وأضافت، “كنت في الـ10 عندما وطأت قدما أول إنسان سطح القمر، وأعتقد بأن كل الأشخاص من جيلي يبدون اهتمامهم بهذا الموضوع لأنهم لا يتذكرون الحماسة التي كانت سائدة آنذاك”.
في 2020، تمكنت مهمة “أوزوريس- ريكس” التابعة لـ”ناسا” من سحب العينة من “بينو”، وهو كويكب يعود لـ4.5 مليار سنة ويبلغ قطره 500 متر، وكان على بعد أكثر من 300 مليون كيلومتر من الأرض في تلك المرحلة.
وعادت الكبسولة التي حملت القطعة الثمينة بنجاح إلى الأرض في سبتمبر (أيلول) الماضي، وهبطت في الصحراء الأميركية، ومنذ ذلك الحين يجري المتخصصون تحاليل في مركز “جونسون” الفضائي التابع لـ”ناسا” في هيوستن.
قارات ومحيطات وحياة
وعلى رغم أنها عملت مع الفريق العلمي في المشروع، فإن ناي كاسترو، وعلى غرار الزائرين الآخرين، كانت للمرة الأولى ترى بأم العين جزءاً من العينة.
وقالت كاسترو، وهي مديرة للعمليات تبلغ 36 سنة، واضعة بفخر شعار “ناسا” على قميصها، “إنه أمر مذهل، أنا متحمسة لاصطحاب عائلتي وأصدقائي كي يطلعوا على القطعة”.
وأضافت باسمة أن “النظر إلى هذه العينة أمر مثير للاهتمام لأن إحضارها تطلب جهداً كبيراً”.
ووصف المشرف على أحجار النيازك في المتحف الوطني للتاريخ الطبيعي تيم مكوي هذا الاكتشاف بأنه “إنجاز”، قائلاً للصحافيين، “لكوكبنا ميزات لم نجد مثلها في أي كوكب آخر في النظام الشمسي أو خارجه، لدينا قارات ومحيطات وحياة”.
وأضاف مكوي أنه “أمر حلمت به طيلة 20 عاماً واستحال اليوم حقيقة، لكنه في الواقع مجرد خطوة أولى”.
ولم تكتمل عملية فتح الكبسولة التي تحوي القطعة الصخرية، ونظراً إلى الكمية الكبيرة من المواد الموجودة خارج آلية الجمع نفسها، فإن العينة الرئيسة لم يتم فتحها بعد.
وسلمت العينة التي أحضرت إلى فريق من المحللين للعمل على التوصل إلى فكرة أولية عن تركيبة “بينو”.