صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast

صيف لبنان.. المغتربون يعودون رغم شبح الحرب

بقلم : أسرار شبارو - في ظل التحديات الأمنية والتهديدات المتزايدة باندلاع حرب شاملة بين حزب الله وإسرائيل، وتحذيرات سفارات عدة لرعاياها من السفر إلى لبنان، يستمر العديد من المغتربين في العودة إلى وطنهم لقضاء عطلة الصيف بين أحضان الأهل والأصدقاء

وشهد مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، في يونيو، أرقاماً غير مسبوقة منذ بداية العام 2024، سواء على صعيد أعداد المسافرين من وإلى لبنان، أو على صعيد الرحلات الجوية لشركات الطيران الوطنية والعربية والأجنبية المستخدمة لهذا المرفق الحيوي.

وقاربت أعداد المسافرين عبر المطار ذهاباً وإياباً، في يونيو، الأعداد المسجلة في الشهر ذاته من العام السابق 2023، حيث بلغ عدد الوافدين إلى لبنان (غالبيتهم من المغتربين) 406,396 وافداً، مقابل 427,854 وافداً في يونيو 2023، بنسبة تراجع 5%.

وبلغ عدد الوافدين إلى لبنان منذ مطلع العام وحتى نهاية يونيو، مليون و545,666 راكباً، في حين بلغ عدد المغادرين مليون و452,996 راكبًا.

أما مجموع الرحلات الجوية لشركات الطيران الوطنية والعربية والأجنبية التي استخدمت مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت خلال يونيو 2024، فبلغ 5,509 رحلات، بزيادة 0.3%، منها 2,751 رحلة وصول إلى لبنان، بزيادة 0.07%، و2,758 رحلة إقلاع من لبنان، بزيادة 0.5%.

ووصل مئات الآلف إلى لبنان غير مكترثين بتصاعد التوترات على الحدود الجنوبية لهذا البلد، والتي وصلت إليها شرارة الحرب الدائرة في غزة، عقب إعلان “حزب الله” تشكيله جبهة مساندة لحركة حماس عقب هجومها على إسرائيل في السابع من أكتوبر، يضاف إلى ذلك تعقيد المشهد اللبناني بسبب الوضع الاقتصادي الصعب والانقسام السياسي الداخلي.

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

شوق يفوق المخاوف

يشير العديد من المغتربين إلى أن زيارتهم لبنان، ولو لفترة قصيرة، هي فرصة لإعادة شحن طاقتهم النفسية وأن أهمية ذلك بالنسبة لهم تفوق المخاطر المحتملة.

وتقول هدى التي قدمت وطفلها قبل أيام من فرنسا، “لا شيء يمكن أن يضاهي شعور زيارة الوطن، خاصة في فصل الصيف حيث تجتمع العائلة ويعج لبنان بالحفلات والمهرجانات”.

وتضيف “اتفقت وشقيقي أن نلتقي في لبنان، حيث قدم هو من دبي، نعلم أن الأوضاع الأمنية ليست مثالية، لكن شوقنا لبلدنا ولأهلنا وأصدقائنا يجعلنا نتجاوز المخاوف، كما أن الأجواء جميلة جداً إلى حد الآن حيث يثبت اللبنانيون دائماً أن قدرتهم على التكيف والبقاء أقوى من كل شيء.”

وتؤكد هدى في حديثها لموقع “الحرة”: “أقصد لبنان كل عام أياً تكن الظروف والأحوال. كل معارفي استمروا على مخطط قدومهم ولم يلغوا رحلاتهم. ربما لأن المعارك مستمرة منذ تسعة أشهر وتأقلمنا على أخبار القصف التي نتابعها طوال الوقت مع عدم المبالاة بالشائعات وتجنب زيارة المناطق الساخنة”.

لكن اندفاع المغتربين لزيارة لبنان لا يلغي، كما تقول هدى، وجود بعض الهواجس حول كيفية مغادرة البلد في حال توسعت الحرب وتم قصف المطار، لاسيما بعد تقرير صحيفة “التلغراف” البريطانية، حول تخزين حزب الله كميات هائلة من الأسلحة والصواريخ والمتفجرات الإيرانية فيه.”

وفي أعقاب تقرير “التلغراف”، أصدر رئيس نقابة أصحاب مكاتب السياحة والسفر، جان عبود، بياناً يطمئن فيه بشأن الوضع الأمني في المطار، معتبراً كل ما جاء فيه “محض تزوير للحقائق”.

كما اعتبر عبود، الضجة التي حصلت بسبب التقرير الصحفي “زوبعة في فنجان بالنسبة إلينا، خصوصاً أن حجوزات السفر إلى لبنان لا تزال في تزايد مستمر، وحركة المطار لم تتراجع، بل على العكس، فهي في تزايد”.

وأكد أنه “ابتداءً من 4 و5 يوليو، ستكون حركة المطار في ازدياد وسترتفع الحجوزات والملاءة لتصل إلى 100%، حيث إن حركة الوافدين ستتعدى الـ12 والـ13 ألف راكب يومياً، وعدد الطائرات سيتعدّى الـ80 و85 طائرة يومياً”. وأشار إلى وجود “مؤشرات إيجابية جداً لوضع طائرات إضافية ليصبح العرض موازياً للطلب”.

وتمنى أن “يكون الصيف واعداً، وأن تشهد حركة المغتربين واللبنانيين الذين يعملون في الخارج ازدياداً، مما يساهم في دعم اقتصاد البلاد وماليّتها”.

إصرار ومواجهة

في خطوة تجسّد إصرار اللبنانيين على مواجهة التحديات والظروف الصعبة، قرر كامل (مغترب لبناني في افريقيا)، زيارة لبنان وقضاء شهر مع عائلته، رغم النصائح التي تلقاها من بعض معارفه بتأجيل حجزه حتى تتضح صورة ما ستؤول إليه الأوضاع.

ويقول كامل لموقع “الحرة” “لا أبالي بما سيحدث. حتى لو اندلعت الحرب، أفضّل أن أكون على مقربة من عائلتي، وأن يصيبني ما يصيبهم. نحن كلبنانيين اعتدنا على الأزمات المتتالية وعلى الحروب والنزاعات والتدهور الأمني والاجتماعي والسياسي والاقتصادي. لا شيء تغير”.

ورغم الأزمات والمعارك على الحدود الجنوبية للبنان، تبدو الحياة مستمرة بكل حيوية في باقي المناطق اللبنانية، حيث تزخر المطاعم والمقاهي بالرواد، وتنظم الحفلات الموسيقية والمهرجانات الفنية والثقافية، ما يوحي بأن اللبنانيين تأقلموا مع الظروف الصعبة ويعيشون حياتهم بشكل طبيعي.

ويقول كامل “أتمنى كما باقي اللبنانيين توقف المعارك وعودة كل المغتربين لزيارة وطنهم، فبعضهم يحجمون عن القدوم بسبب مخاوفهم من إغلاق المطار”.

حتى لو أحجم بعض المغتربين عن زيارة لبنان نتيجة الأوضاع الأمنية، إلا أنهم، كما يقول كامل، “يدعمون وطنهم عن بعد، ويرسلون الأموال إلى عائلاتهم وأقاربهم لدعمهم ودعم اقتصاد وطنهم “لبنان في قلبنا جميعاً وسنستمر بتقديم كل ما نستطيع لنهوضه من كبوته”.

وقدر البنك الدولي حجم تحويلات المغتربين الوافدة إلى لبنان بـ6.0 مليارات دولار أميركي في عام 2023، ليحتل بذلك المركز الثالث إقليمياً بعد مصر (19.5 مليار دولار) والمغرب (11.8 مليار دولار).

واحتل لبنان المركز الأول في المنطقة والثالث عالمياً من حيث مساهمة تحويلات المغتربين في الناتج المحلي الإجمالي، حيث بلغت 30.7% في عام 2023 (بعدما كانت 35.7% في عام 2022).

وأضاف البنك الدولي أن متوسط كلفة التحويلات الوافدة إلى لبنان من بلدان ذات دخل مرتفع من ضمن دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية لا يزال مرتفعاً جداً، حيث برز لبنان في اثنين من أغلى خمسة ممرات لتحويل الأموال.

فسيفساء من الدوافع

وصلت أسماء إلى لبنان قبل أسبوع، قادمة من أستراليا، بهدف أن تكون نموذجاً يُلهم اللبنانيين في الخارج للعودة إلى وطنهم والمساهمة في نهوضه. وتقول “نريد أن نظهر للعالم أن لبنان ما زال بلداً جميلاً وينافس أهم دول العالم في السياحة، وأننا مصممون على دعمه في مواجهة التحديات الكبيرة”.

وتضيف أسماء في حديث لموقع “الحرة”، “لم أتردد لحظة في السفر وابنتي رغم كل ما يصلنا من أخبار عن قصف ودمار وتهويل، أنا سعيدة جداً بقربي من عائلتي بعد غياب دام ثلاث سنوات، فقد اشتقت كثيراً لهم ولأصدقائي ولكل مكان في وطني”.

وأكدت أسماء أنها اتخذت جميع الإجراءات الاحترازية لضمان سلامتها وابنتها خلال وجودها في لبنان، وأنها ستزور الأماكن السياحية البعيدة عن المناطق المعرّضة للقصف.

تتعدد دوافع عودة المغتربين إلى لبنان، رغم الظروف الصعبة التي يمر بها، منها بحسب مديرة جمعية “مفتاح الحياة”، الأخصائية النفسية والاجتماعية، لانا قصقص، “مشاعر الحنين والانتماء للوطن والجذور، حيث ينتابهم شوق عميق لرؤية عائلاتهم، وزيارة الأماكن التي تحاكي ذكريات الطفولة، والشعور بالأمان العاطفي المرتبط بتلك الأماكن”.

كما يشكل الدعم الاجتماعي في لبنان عامل جذب قويّ للمغتربين، وفقاً لما تقوله قصقص لموقع “الحرة” “حيث تتيح لهم زيارة عائلاتهم وأصدقائهم فرصة لتعزيز العلاقات الاجتماعية، والشعور بالأمان والانتماء إلى بيئة داعمة”.

أما الدافع الثالث، فيتمثل “في السعي لربط الأبناء بالقيم الثقافية والتقاليد اللبنانية التي نشأ عليها الأهل. فهم يشعرون بالواجب تجاه أطفالهم لتجذيرهم في هذه القيم وتعليمهم إياها”.

وتقدّم قصقص تحليلاً لتأثير التجارب السابقة والأزمات التي مر بها المغتربون على قدرتهم في التعامل مع المخاطر الحالية، حيث تؤكد أن “هذه التجارب، سواء كانت إيجابية أو سلبية، تشكل إطاراً مرجعياً يؤثر على طريقة تفكير الفرد وسلوكه عند مواجهة الأزمات”.

وتشرح “يتفاعل الدماغ مع التجارب الصعبة ويشكل أنماطاً تفكيرية وسلوكية تستخدم لمواجهة المواقف المماثلة في المستقبل. يتمكن بعض الأفراد من التعلم من الأزمات واستخدام هذه الدروس لتعزيز قدرتهم على التكيف مع المخاطر المستقبلية. وفي المقابل، يعاني آخرون من آثار نفسية عميقة نتيجة الأزمات، مما يقلل من قدرتهم على المرونة في التعامل مع المواقف الصعبة”.

وتشير إلى أن “قدرة الأفراد على التعامل مع المخاطر تختلف من شخص لآخر، بناءً على شخصيتهم وتركيبتهم النفسية، ومدى الدعم الذي يتلقونه” وتنصح “الأشخاص الذين يشعرون بأن التجارب والأزمات أثرت سلباً على قدرتهم على التعامل مع المخاطر بطلب المساعدة والدعم من العائلة والأصدقاء أو من معالج نفسي مختص”.

كما تقدّم قصقص مجموعة من النصائح الهامة للمغتربين لمساعدتهم في الحفاظ على توازنهم النفسي، رغم التحديات التي يواجهونها. حيث تشير إلى أهمية التواصل المستمر مع الأحباء. وتشجع على الانخراط في أنشطة اجتماعية وممارسة الرياضة كونها تسهم بشكل كبير في تحسين المزاج وتقليل التوتر والقلق. كما تشدد على أهمية ممارسة الهوايات المحببة، مثل الرسم والغناء، كوسيلة للتعبير عن الذات وتخفيف التوتر، وكذلك التأمل الذي يساعد في تهدئة العقل وتحسين التركيز.

وتنصح المغتربين الذين يعانون من صعوبات نفسية باللجوء إلى معالج أو اختصاصي نفسي، حيث يمكن للمختص تقديم الدعم والتوجيه اللازم لتعلم مهارات فعّالة لمواجهة الضغوط، مشددة على أهمية التفكير الإيجابي، حيث تشير إلى ضرورة تعويد النفس على التركيز على الأمور الإيجابية بدلاً من الانشغال بالأفكار السلبية.

وتؤكد على “أهمية التركيز على اللحظة الحالية للاستمتاع بالحياة وتقليل القلق بشأن المستقبل، ووضع خطط واقعية وقابلة للتحقيق للشعور بالسيطرة على الحياة وتقليل التوتر”.

نبض الاقتصاد

في بداية يوليو الحالي، شهدت واجهة بيروت البحرية احتفالاً رسمياً للإطلاق الرسمي للحملة الوطنية للسياحة تحت عنوان “مشوار رايحين مشوار” للموسم الصيفي 2024، وذلك برعاية رئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، وبدعوة من وزير السياحة، وليد نصار.

وألقى الرئيس ميقاتي كلمة خلال الاحتفال أكد فيها على الإرادة الصلبة لدى اللبنانيين للعيش وتحدي الظروف الصعبة، مشيراً إلى تفاؤله بالأيام المقبلة وحل المشكلات الراهنة.

وقال ميقاتي “إرادة اللبناني أقوى من أي مشكلة، ونحن شعب يريد العيش بكل ما للكلمة من معنى رغم التحديات”. وأضاف “رغم الدعوات من بعض الدول لرعاياها بعدم المجيء إلى لبنان، فإنني متأكد من أن هؤلاء يرغبون في القدوم. المواطنون العرب والأجانب يحبون لبنان ونحن نحبهم، وأنا مطمئن بإذن الله أننا سنصل إلى حل في الأيام المقبلة”.

من جانبه، شدد نصار على أهمية السياحة كأحد أهم القطاعات الداعمة للاقتصاد الوطني، وقال “السياحة تساهم في توفير فرص العمل وزيادة الحركة الاقتصادية، ما ينعكس إيجاباً على حياة الأفراد والجماعات”، لافتاً إلى أن “الحفاظ على نظافة واستدامة مواقعنا السياحية هو مسؤولية جماعية”.

ووفق تقرير لاتحاد المصارف العربية، شهد القطاع السياحي في لبنان العام الماضي لغاية 7 أكتوبر 2023، نشاطاً لافتاً، حيث قدِم إليه نحو 3 ملايين و600 ألف زائر وسائح، مما شكّل ارتفاعا بنحو 26 % عن الفترة عينها من العام 2022.

كما أن الإيرادات المباشرة للقطاع السياحي بلغت بحسب التقرير 5 مليارات و300 مليون دولار في العام 2022، “وفي حال إضافة الإيرادات غير المباشرة، فإن الإيرادات السياحية ستتجاوز هذا الرقم بكثير” وتوقع اتحاد المصارف العربية أن تناهز الإيرادات المباشرة للقطاع السياحي في العام 2023 إيرادات العام 2022، “رغم التباطؤ الاقتصادي والأحداث الراهنة في الأشهر الأخيرة”.

وأحرز لبنان تقدماً في مؤشر تطوّر السياحة والسفر للعام 2024، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، إذ حلّ في المرتبة 79 عالمياً من بين 119 دولة، بينما احتل المرتبة الثامنة بين 12 دولة عربية. ويمثل هذا التصنيف تحسناً ملحوظاً مقارنة بنتائج عام 2021، إذ ارتقى لبنان 7 مراكز على المستوى العالمي ومركزا واحدا على مستوى الدول العربية.

تابعوا أخبارنا على Google-News

نلفت الى أن منصة صدى الارز لا تدعي بأي شكل من الأشكال بأنها وسيلة إعلامية تقليدية تمارس العمل الإعلامي المنهجي و العلمي بل هي منصة الكترونية ملتزمة القضية اللبنانية ( قضية الجبهة اللبنانية) هدفها الأساسي دعم قضية لبنان الحر و توثيق و أرشفة تاريخ المقاومة اللبنانية منذ نشأتها و حتى اليوم

ملاحظة : التعليقات و المقالات الواردة على موقعنا تمثل حصرا وجهة نظر أصحابها و لا تمثل آراء منصة صدى الارز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading