اعتبر مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر، أن شركاء الولايات المتحدة في المنطقة أصبحوا قلقين من مدى وفائها بالتزاماتها تجاههم وتجاه مخاوفهم الأمنية، لذلك يبحثون عن شركاء إضافيين على رأسهم الصين.
وقال شينكر، الذي يشغل حالياً منصب مدير برنامج السياسة العربية في معهد واشنطن في حوار خاص مع المؤسس الرئيس التنفيذي لمركز ريكونسنس للبحوث والدراسات عبدالعزيز العنجري، إن الإدارة الأميركية مؤيدة للتقارب بين السعودية وإيران «لكن المعضلة تكمن في التدخل الصيني، وهو ما مثّل مفاجأة لواشنطن»، معتبراً أن «بكين حققت أهدافها بسهولة لأنها تحظى بدعم الكثير من الدول».
ورداً على سؤال عن وجهة نظر واشنطن في شأن علاقات مجلس التعاون الخليجي المتنامية مع الصين، قال شينكر: «تعتبر الصين أكبر شريك تجاري للإمارات والسعودية، ويثير تنامي العلاقات في مجالات أخرى قلقاً لواشنطن. لا يوجد شيء يدعى (شركة خاصة) في الصين، فجميع هذه الشركات تخضع وتعمل في خدمة الحزب الشيوعي الصيني.
لذا، إذا قامت الصين ببناء وتشغيل ميناء في الخليج، يمكن أن يتم استخدامه في نهاية المطاف كمنشأة عسكرية صينية أو لتجميع المعلومات. ووجود قواعد عسكرية صينية في مجلس التعاون الخليجي – أو استخدام شبكات هواوي للجيل الخامس – يمكن أن يعقد أو يمنع التعاون الاستراتيجي بين دول مجلس التعاون الخليجي والولايات المتحدة. ولا تطلب واشنطن من الدول الاختيار بين الولايات المتحدة والصين، لكن بعض مجالات التعاون ستكون محدودة إذا اتخذت الدول قرارات تجارية معينة».
وأشار إلى أن «شركاء واشنطن في المنطقة يشعرون بالقلق إزاء مدى وفاء الولايات المتحدة بالتزاماتها الأمنية، لذلك يبحثون عن شركاء إضافيين للتحوط من المخاطر المحدقة بهم»، مضيفاً «لا أعتقد أن الصين تعتبر شريكاً موثوقاً مثل الولايات المتحدة، ولكن من الواضح أن الدول تتخذ هذا الاختيار».
وعن العلاقات الأميركية – الإسرائيلية، قال شينكر: «ليس سراً أن هناك نقاداً لإسرائيل في الكونغرس. وعادةً، تركز الانتقادات على قضايا تتعلق بالفلسطينيين، بما في ذلك حقوق الإنسان والمستوطنات وعملية السلام. وفي السنوات الأخيرة؛ تركزت المخاوف على مبادرة الإصلاح القضائي المثيرة للجدل التي اتخذتها حكومة إسرائيل، والتي يقول الكثيرون إنها ستجعل إسرائيل مع مرور الوقت تنزاح عن مبادئ الديموقراطية. وفي السنوات الأخيرة، تدهور دعم الولايات المتحدة لإسرائيل، وقد انعكس ذلك على الكونغرس، فلم تعد إسرائيل قضية لكلا الحزبين كما كانت في السابق. مع ذلك؛ فإن الدعم الشعبي والبرلماني لإسرائيل لايزال مرتفعاً للغاية».
وأضاف: «على الرغم من الانتقادات، تظل العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل قوية، وعميقة بشكل خاص في مجموعة واسعة من المجالات، بما في ذلك التعاون الاستراتيجي والتكنولوجيا. وعلى الرغم من أن الرئيس بايدن وبنيامين نتنياهو لا يروقان لبعضهما البعض– فقد انتظر بايدن 200 يوماً بعد أن أصبح نتنياهو رئيساً للوزراء ليدعوه للقاء – لكن الإدارة نفسها، مثل الإدارات الأميركية الأخرى، تميل بشكل إيجابي تجاه إسرائيل، ولا أرى أن هذا سيتغير في أي وقت في المستقبل المنظور».
وتطرق شينكر إلى لبنان، الذي اعتبر أن حزب الله يستفيد من الانهيار المالي في لبنان، فهو يمتلك الآن النظام شبه المصرفي الوحيد الفعال في اقتصاد نقدي إلى حد كبير، كما تزايدت سيطرته على الدولة حيث تعمل النخب في البلاد معاً على إفقار الشعب».
وأضاف: «من المثير للقلق الموقف الاستفزازي والعدواني المتزايد الذي يتخذه حزب الله على طول الحدود مع إسرائيل، وقد تآكل الردع الإسرائيلي تجاه الميليشيا المدعومة من قبل إيران في السنوات الأخيرة، عندما وسع حزب الله حدوده… وأخشى أنه عاجلاً أم آجلاً، ستكون هناك حرب أخرى بين إسرائيل وحزب الله».
وأعرب شينكر عن عدم تفاؤله «على المدى القصير في شأن آفاق الإصلاح والحوكمة في الشرق الأوسط العربي، حيث أرى قادة في العديد من الدول يحاولون الحفاظ على الاستقرار ويتبعون (النموذج الصيني) للتنمية، وهذا يعني الحد من الحريات السياسية مع توفير الفرص الاقتصادية وتعزيز النمو».