“لبنان يتقدم بشكوى إلى الأمم المتحدة ضد إسرائيل” عبارة رددتها وسائل الإعلام اللبنانية مراراً خلال الأشهر الماضية مع تكرار الغارات الإسرائيلية على جنوب لبنان كما بقاعه، وآخر هذه الشكاوى أتي في الـ 28 من مارس (آذار) الماضي عندما أودعت وزارة الخارجية والمغتربين، بعثة لبنان الدائمة لدى الأمم المتحدة في نيويورك، نص شكوى لتقديمها أمام مجلس الأمن بعدما قُتل مسعفون ومدنيون في ضربات إسرائيلية في بلدات الهبارية والناقورة وبعلبك، فما مصير هذه الشكاوى؟ وهل ستنتهي بخطوة عملية تحاسب إسرائيل على فعلتها أم أنها ستبقى في إطارها الإعلامي، وتودع الشكوى في الأدراج؟.
يقول المحامي ورئيس مؤسسة جوستيسيا والعميد في الجامعة الدولية للأعمال في ستراسبورغ الدكتور بول مرقص إن هذه الشكاوى التي بلغ عددها العشرات تعتبر مبدئية ولها بعد معنوي أكثر من البعد العملي أو الإكراهي أو الجبري بحق إسرائيل.
ويضيف خلال مقابلة صوتية مع “اندبندنت عربية” أن “هذه الشكاوى هي موقف مبدئي لن تسفر إلى تحرك المجتمع الدولي ضد إسرائيل ولن تعود لها قيمة إن تكررت من دون جدوى، لكن إذا أتت هذه الشكوى بعد اعتداء كبير أدى إلى إصابات بالغة بين المدنيين أو بسبب عملية برية عسكرية ربما تقوم بها إسرائيل، فحينها يمكن أن يكون لها وقع وبعد عملي”.
ويعتبر مرقص أن هذه الشكاوى يجب أن تقترن مع الدعوة إلى عقد مجلس أمن الدولي جلسة مرتبطة بالقضية وليس فقط تقديم شكوى، ومن ناحية ثانية يجب أن تقدم شكاوى أمام لجان الأمم المتحدة الثماني وكل واحدة لها اختصاص، ويقول إن “اللجنة الاقتصادية والاجتماعية مثلاً سبق وأن قضت بالتعويض لمصلحة لبنان عن التسرب النفطي الذي حصل في مياهه الإقليمية نتيجة القصف الإسرائيلي الذي حصل خلال العدوان الماضي وأدى إلى الثلوث البحري، والمبلغ الذي قضي به للبنان بلغ مليون دولار لكن لم يدفع في مرحلة لاحقة، وصحيح أن إسرائيل لم تدفع هذا المبلغ لكن الخطوة كانت رسالة ونتيجة إيجابية لمصلحة لبنان، وضروري أن يستعملها في المحافل الدولية للضغط على إسرائيل”.
ويلفت مرقص إلى أن لبنان لا يمكنه أن يقاضي إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية الدائمة المنشأة بمقتضى نظام روما لعام 1998، والتي بدأت عملها عام 2002 وحاكمت أفراداً قياديين وعسكريين وسياسيين ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية.
أما السبب فهو لأن لبنان وإسرائيل لم ينضما إلى نظام روما، ليختم سائلاً “هل كان من مصلحة لبنان ألا ينضم؟”.