السبب الرئيسي لذلك أن شركات التأمين العالمية أبلغتها أنها ستخفض قيمة التأمين إلى 80 في المئة، على اعتبار أن لبنان بات بشبه حال حرب.
لمحة تاريخية
في تاريخ لبنان محطات عدة تعرض فيها المطار لاستهداف إسرائيلي. في عام 1968 أغارت قوات النخبة في الجيش الإسرائيلي على المطار مساء 28 ديسمبر (كانون الأول) ودمرت 13 طائرة مدنية وطائرة شحن. وفي عام 1976، عطلت أيضاً إسرائيل حركة الملاحة فيه، كذلك إبان الاجتياح الإسرائيلي عام 1982. وفي حرب تموز (يوليو) عام 2006.
التداعيات الاقتصادية
في السياق، يشير الخبير الاقتصادي والمالي الدكتور بلال علامة إلى أن مطار بيروت هو الشريان الوحيد الذي يربط لبنان بالعالم، لذا من الضروري معالجة وضع التأمين والطائرات إذ “خُفض التأمين على طيران الشرق الأوسط إلى 80 في المئة وتقلص نشاط المطار إلى 20 في المئة، ما سيؤدي إلى خسائر كبيرة لشركة “الميدل إيست” ولمصرف لبنان، الذي يمتلك نسبة كبيرة من أسهم الشركة”.
وفي هذه الحال، على وزير الاقتصاد والتجارة، الذي يرأس هيئة الرقابة على أعمال شركات التأمين، أن يُبادر إلى مراسلة شركات تستطيع تأمين التغطية حتى في ظل ارتفاع أخطار الحروب إلى درجة كبيرة. ويعلق علامة قائلاً “هذا ما لم يحصل وكان تبرير وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام أن شركة “الميدل إيست” لم تتصل به ولم تبلغه بما حصل، بعد معرفته بهذه التطورات بادر إلى البحث عن شركة تأمين وقد وُعد من قبل شركة لبنانية أن تتقدم الاثنين المقبل بعرض تأمين طائرات “الميدل إيست” وذلك بعد اجتماعه برئيس جمعية شركات الضمان أسعد ميرزا”.
القانون الدولي والتأمين الجوي
من جهة ثانية، يُشير قانون اتحاد النقل الجوي الدولي (IATA)، إلى أنه يُمنع منعاً باتاً تحريك أي طائرة سواء كانت مخصصة لنقل المسافرين أو لنقل البضائع ما لم تكن حائزة بوليصة تأمين تغطي الأخطار التي من الممكن أن تتعرض لها. كل الطائرات العاملة مع المطار كانت مغطاة بالكامل من قبل شركات تأمين عالمية.
وعن سبب عدم لجوء “طيران الشرق الأوسط” إلى التأمين المحلي، يوضح علامة “لا توجد في لبنان شركة تأمين لبنانية تستطيع أن تتحمل تغطية الأسطول الجوي الخاص بالشركة، إذ تبلغ قيمة الأضرار المترتبة في حال وقعت حوادث أقله حوالى 500 مليون دولار أميركي، علماً أن أي شركة تأمين ملزمة في القانون اللبناني بإعادة التأمين لدى إحدى الشركات العالمية الكبرى كي تستطيع أن تعوض القيمة الفعلية للخسائر في حال وقعت”.
بدوره، يوضح أسعد ميرزا، رئيس جمعية شركات الضمان في لبنان، في حديث خاص لـ”اندبندنت عربية” أن “طيران الشرق الأوسط” حالياً من دون تأمين، لكونها مرتبطة بعقود مع الشركات الخارجية، ويضيف “قدمنا عروضاً مختلفة للتأمين على الطيران إلى رئيس مجلس إدارة الشركة محمد الحوت، لكنه رفضها كلها ما دفع بوزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام إلى دعوتنا للاجتماع والاستفسار عن سبب رفض الحوت التأمين ضمن القطاع اللبناني”.
وعن الانعكاسات الخطيرة لعدم التأمين، قال ميرزا “لا يوجد أي تأثير… لكن نريد جواباً واضحاً عن سبب عدم الاعتماد على شركات التأمين المحلية، إذ تستطيع تقديم المساعدة ولو استشارياً لرئيس مجلس الإدارة”.
أما عن نسبة تغطية التأمين المحلي، قال “ليس لدي معطيات لمعرفة قيمة التأمين على الطيران ولا الطائرات، إلا أنه في حال الحرب ترتفع تكلفة التأمين أو تُلغى العقود”.
وضع شركات الطيران والميدل إيست
من جهته، يوضح الكابتن محمد عزيز، مستشار رئيس مجلس إدارة طيران الشرق الأوسط، في حديث خاص لـ”اندبندنت عربية” أنه “بسبب صراع في ما بينها، خفضت شركات التأمين القيمة التأمينية للطائرات حوالى 80 في المئة أي ما يغطي فعلياً طائرتين أو ثلاث، هذا الأمر دفعنا إلى نقل معظم طائراتنا إلى الخارج وإبقاء طائرة أو طائرتين في المطار، إذ لدى الشركة 20 طائرة، الأمر الذي أثر في جدول الرحلات، غير أننا استطعنا تأمين جميع الحجوزات وليس فقط على طيراننا بل أيضاً على الطيران الأردني، والقطري، والإماراتي وغيرها ولا يوجد أي تأخير سوى بتغيير مواعيد الرحلات بهدف المحافظة على الرحلة وتفادي زحمة الطائرات على المدارج.
في هذه الحال، نكون قد حافظنا على ممتلكات الشركة لأن الهدف الأساسي هو المحافظة على البشر والركاب وحتى لو يوجد تأمين لا نريد المخاطرة بهم. أما الماديات، فنخاطر بها بناء على حدود التأمين ولا يمكن المخاطرة بمبلغ كبير منعاً لإفلاس الشركة”.
أما بالنسبة إلى عدم اعتماد التأمين المحلي، يقول “لا يوجد شركة في لبنان يمكنها أن تؤمن بحدود الـ 700-800 مليون دولار أميركي، أي كلها ستسعى إلى إعادة التأمين في الخارج. ولكن في الوقت عينه، نحن نرحب بالشركات اللبنانية وقد تعاونا مراراً في السابق معها إذ لا توجد مشكلة”.
وعن تكلفة ركن الطائرات في الخارج، يقول “المبالغ التي نتكبدها ليست خيالية فهذا يعتمد على البلد ويمكن الإشارة إلى أن التكلفة اليومية تبدأ من 200 دولار إلى 20000 دولار دولار أميركي في النهار الواحد”، لافتاً إلى أن “الطائرات توزعت على مناطق قريبة مثل مطارات إسطنبول وقبرص وعَمان”.
اقتراحات بديلة
أما الخطة البديلة في حال توسعت رقعة الحرب واستهدف المطار، أكد عزيز أن “البلد سيغلق بالكامل والحديث عن اللجوء إلى مطار رنيه معوض (شمال لبنان) أمر مستبعد لأنه يحتاج إلى الكثير من التأهيل وأعمال الصيانة”.
وعن خطة الشركة للحد من الخسائر المالية مثل تأجير الطائرات في الخارج، يقول “لا يمكن اتخاذ أي قرار من دون أن تتضح الصورة، ولكن يبقى الأهم في الوقت الحالي الحفاظ على البشر أي الركاب والطاقم إذ يوجد 4000-5000 موظف”، مطمئناً أن “لدى الشركة الإمكانات المالية الذاتية لتخطي كل هذه الصعوبات ولا يمكن أن ننسى أننا تخطينا أزمة جائحة كوفيد-19 على مر سنتين بحيث تم إغلاق المطار بالكامل”.
وفي حال وصل التأمين إلى صفر في المئة، يرى عزيز أن “خفض قيمة التأمين من قبل الشركات العالمية يؤشر إلى أنه نوع من الضغط الذي يمارسه الخارج ليس فقط على “الميدل إيست” ولكن أيضاً على لبنان والمؤسسات اللبنانية”.
وقدم مثالاً يتعلق بـ”كيفية تأمين منزل بقيمة 100 ألف دولار أميركي، مقابل رسم تأمين شهري يبلغ ألف دولار. وفي حال أقدمت شركة التأمين على خفض القيمة التأمينية من 100 ألف إلى 10 آلاف دولار، يبقى الرسم الشهري ألف دولار ولا يوجد احتمالات لدفع مبلغ أكثر مقابل إعادة التأمين إلى قيمته الحقيقية. وهذا واقع الحال”.
وضع الحجوزات وتذاكر السفر
أما عن أوضاع الحجوزات وتذاكر السفر، يشير جان عبود، رئيس أصحاب مكاتب السفر، إلى أن “حركة الوصول تراجعت 35 في المئة أما الإقلاع ارتفع بحدود 20 في المئة”.
ويضيف “معظم شركات الطيران في المطار تتخذ التدابير الاحترازية. أما في ما يتعلق بـ”طيران الشرق الأوسط”، التي تمتلك 21 طائرة، عادة في الأيام العادية يتوقف عمل 5 طائرات خلال فصل الشتاء، ولكن جراء اشتداد الصراع والضغط من قبل شركات التأمين، لجأت الشركة إلى إيقاف 10 طائرات”.
وعن التداعيات المادية، يرى أنها “رديئة جداً، أي نحن اليوم نريد إلغاء 100 تذكرة مقابل تصدير ثلاث أو أربع تذاكر، ولا يوجد لدينا مدخول مثل الأول. أي في الوقت الحالي نقوم فقط بالإلغاءات من دون إنتاجية”، متأسفاً على “ما وصلنا إليه، بحيث تراجع عملنا بحدود 80-85 في المئة كمكاتب سياحة وسفر. أما على صعيد الجاليات الأجنبية التي كانت ستزورنا، هناك إلغاءات وانخفاض في عدد الجنسيات الزائرة، بحيث كانت الحجوزات ممتدة حتى نهاية العام وبداية عام 2024”.
أما بالنسبة إلى سوق تذاكر السفر، يشير إلى أن “الأسعار تعتمد على العرض والطلب، فالتأمين لا يؤثر إلا في جزء بسيط منها، فمثلاً إذا كان هناك إقبال كبير على وجهة معينة والمقاعد المتاحة محدودة، سيرتفع السعر والعكس صحيح”.
تجدر الإشارة إلى أن قطاع السفر رفد الخزينة العامة 7.5 مليار دولار خلال الأشهر السبعة الأولى من عام 2022.