وصلت هذا الأسبوع شحنات قمح جديدة إلى لبنان من منطقة البحر الأسود، وتحديدا من أوكرانيا، ما قد يخفف بشكل مؤقت مشكلة نقص الغذاء في البلد المحاصر بالأزمات منذ أكثر من أربعة أعوام.
وقال متعاملون أوروبيون لرويترز الخميس إنه “يُعتقد أن الحكومة اللبنانية اشترت نحو 63 ألف طن من القمح في مناقصة من المتوقع أن يكون منشأها كلها من أوكرانيا”. وأضافوا أن “لبنان طلب الشحن السريع للقمح”.
وتضمنت العملية 57 ألف طن تم شراؤها بسعر يقدر بـ248 دولارا للطن شاملا الثمن والشحن والتفريغ، عبارة عن 7500 طن للشحن الفوري و43 ألف طن للشحن بحلول الخامس والعشرين من يونيو و6500 طن للشحن بحلول منتصف الشهر القادم.
وتم شراء ستة آلاف طن أخرى بسعر 247 دولارا للطن شاملا الثمن والشحن والتفريغ بحلول الثامن عشر من يوليو المقبل. وتعكس التقارير تقييمات المتعاملين، ولا يزال من الممكن إصدار تقديرات أخرى للأسعار والكميات في وقت لاحق.
ويمكن أن تساعد هذه الشحنات في التخفيف من نقص القمح الذي ترك بعض المتاجر الكبرى خالية من الخبز في أغلب الأحيان، لاسيما مع تقلص الإنتاج بشكل كبير جراء الجفاف والحرب بين حزب الله وإسرائيل في الجنوب.
وأصبح هذا النقص شائع الانتشار خلال الانهيار المالي في لبنان منذ أواخر 2019 في الوقت الذي تواجه فيه الدولة صعوبات في دعم واردات القمح، في ظل معاناتها من ضائقة مالية حادة.
وقال المتعاملون إن “تمويل الشراء مقدم من البنك الدولي في إطار برنامجه المستمر لشراء القمح بهدف مساعدة لبنان خلال وضعه المالي الصعب”.
وكان البنك قد قدم قرضا عاجلا للبنان الشهر الماضي بقيمة 150 مليون دولار لدعم استيراد القمح بقيمة 150 مليون دولار، والحفاظ على استقرار سعر الخبز لمدة تسعة أشهر، في خطوة تهدف إلى تأمين احتياجات السكان.
ووفق وزارة الزراعة اللبنانية تتجاوز مساحة الأراضي المزروعة بالقمح هذا الموسم نحو 300 ألف دونم، يصل حجم إنتاجها إلى 125 ألف طن، فيما تتراوح حاجة البلاد إليه بين 450 و550 ألف طن سنويا.
وعلى مدى سنوات شكّلت الزراعة عصب الاقتصاد للقرى الحدودية في جنوب البلاد، حيث يعمل بها 70 في المئة من السكان هناك، حسب تقديرات رسمية.
وتتركز مزارع القمح في الجنوب إذ يعد سهلا مرجعيون والوزاني الأكثر شهرة، وهما يرفدان السوق المحلية بنحو 30 في المئة من حاجتها.
وكان وزير الزراعة عباس الحاج حسن قد قال في مقابلة مع وكالة الأناضول مؤخرا إن “القصف الإسرائيلي بالفوسفور الأبيض تسبب في إحراق 2400 دونم بالكامل و6700 دونم جزئيا”.
وأوضح أن الزراعة في الجنوب تشكل 20 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، لافتا إلى أن نسبة الإنتاج حاليا (خلال الحرب) في تلك المناطق لا تتجاوز 30 في المئة.
وبلغ إنتاج القمح المحلي في عام 2022 نحو 45 ألف طن فقط، وهو رقم يعكس مدى العجز الكبير وعدم القدرة الذاتية على تأمين إنتاج الكمية الكافية في حال تعذّر الاستيراد، خاصة مع التوترات الجيوسياسية وتحديدا بين روسيا وأوكرانيا أكبر بلدين إنتاجا لهذه الحبوب.
واستورد لبنان نحو 754 ألف طن من القمح خلال عام 2021، بحسب إحصاءات الجمارك، بمتوسط استهلاك شهري يقدر بـ60 ألف طن. وفي عام 2020 بلغ حجم الاستيراد أكثر من 630 ألف طن بقيمة 133 مليون دولار مقارنة مع نحو 535 ألف طن خلال عام 2019.
ويعاني لبنان انهيارا اقتصاديا كبيرا منذ أكثر من أربع سنوات بات معه معظم السكان دون خط الفقر، وفق البنك الدولي، وانعكست تبعات الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة على قطاعات البلاد المختلفة بما في ذلك قطاع البناء والبنى التحتية المتهالكة.