جاء الدور في هذه الأيام على صحيفتين تعانيان مشاكل تمويلية: إحداهما ورقية محلية، والثانية الكترونية ممولة من جهة خارجية. اما القلق فيتشاركه العاملون في قطاع الإعلام اللبناني جمعيهم، شعورا بالتضامن مع زملاء قد يفقدون مورد رزق، في زمن تعاني فيه الصحافة في العالم والمنطقة أزمة مصيرية.
لطالما كانت أكشاك بيع الصحف ونقاط البيع التي يتمركز فيها الباعة الجوالين، نقطة جذب ومورد رزق للعاملين في هذه القطاع. الا ان الصراع بين الاعلام الرقمي، المتاح دون كلفة للراغبين، في مقابل الانفاق على شراء الصحف والمجلات، جعل الكفة تميل إلى المجانية. ورغم ذلك، تتربع ثماني مطبوعات على ما بقي من أكشاك في أماكن معروفة من شوارع العاصمة والمحيط. كما ينتشر عدد من الباعة المتجولين في نقاط معينة على تقاطعات الطرق، وإن كان تواجدهم انحسر إلى وقت ضيق من ساعات الصباح الأولى.
مطبوعة وحيدة بالفرنسية تتألق بين رفيقاتها هي صحيفة «لوريان لو جور» التي تحتفل بمئويتها، وأدخلت جديدا في خدمتها الرقمية، وأصدرت موقعا باللغة الانجليزية «لوريان توداي». وفي حين تصل بعض الصحف إلى متناول المشتركين في بيوتهم قبل شروق الشمس، عبر شركات توزيع، تمتنع أخرى لأن في الامر خفض لأرباحها.
وبعد تجربة صحيفة «الاتحاد» التي استمرت أشهرا في القسم الأخير من 2017 مع ناشرها الراحل مصطفى ناصر، عادت إلى الأسواق في الاول من يوليو 2019 صحيفة «نداء الوطن» وتمكنت من فرض نفسها، وانتقلت إلى أبواب جديدة في الاعلام الرقمي والبودكاست في الفترة الأخيرة. الا ان الصحيفة فقدت ممولها الرئيسي رجل الاعمال ميشال مكتف الذي توفي قبل عامين، ما جعل القيمين عليها يبادرون إلى البحث عن تمويل ثابت.
وقبل «نداء الوطن»، توقف صدور الطبعة الورقية من «العربي الجديد» في بيروت، في وقت استمر العمل بفريق كبير في مكاتب الصحيفة في منطقة الجميزة في الأشرفية قرب وسط بيروت.
اما من جهة العاملين في الصحف خصوصا والاعلام عموما، فشكا بعض الزملاء الصحافيين من الرواتب الزهيدة التي لا تكفيهم اكثر من اسبوعين.
في أي حال، سوق الاعلام في لبنان لا يختلف عن واقع المؤسسات الخاصة الكبرى في البلد. ويتفاوت النجاح في تأمين مصادر تمويل بين مؤسسة وأخرى، وإن كان الثابت ان قسما لا بأس به من الجمهور، يصنف في خانة «الأوفياء للورق»، وبه تستمر الصحافة اللبنانية، وان كان البعض يعول على تحديث لا يتخلى به عن الثوب التقليدي المميز.
شارع الصحافة اللبناني يبحث عن ممولين، يختلفون في نوعيتهم عما كانوا عليه قبل عقود.