صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast

رياض سلامة “يتحرر” من قيود مصرف لبنان ليدافع عن نفسه كـ”مواطن”

بقلم : طوني بولس - رفض كل العروض التي قدمت إليه لتمديد ولايته مرحلياً أو لبقائه في البنك المركزي بصفة مستشار

يشرف رياض سلامة على إنهاء ولايته كحاكم مصرف لبنان في نهاية يوليو (تموز) الجاري، مما يجعله أحد أطول حكام المصارف المركزية عهداً بالعالم. تم تعيينه محافظاً لمصرف لبنان في الأول من أغسطس (آب) عام 1993 لفترة مدتها ست سنوات، ولكن تم تجديد تعيينه في أربع فترات متتالية في الأعوام 1999 و2005 و2011 و2017.

ووفق مصادر صحافية، كسر سلامة الرقم القياسي الذي سجله سابقاً حاكم البنك المركزي في المكسيك، نوبرتو بيلو، كصاحب أطول ولاية حاكم مصرف مركزي في العالم، حيث شغل منصبه لمدة 24 عاماً من عام 1995 حتى عام 2019، فيما يسجل في قائمة أطول فترات لحكام المصارف المركزية، ميغال ماندوزا، حاكم بنك فنزويلا المركزي، الذي شغل منصبه لمدة 21 عاماً.

ولا يمكن اختصار ثلاثة عقود من حكم لبنان مالياً، حيث تنوع مسار الحقبات ضمنها من الحرب إلى السلم وما بينهما من معارك وخضات وأزمات، مرافقاً أربعة رؤساء جمهورية وسبعة رؤساء حكومة، وستة مجالس برلمانية منتخبة، فبات شاهداً على البلاد في زمن السلم والحرب والازدهار، وصولاً إلى الانهيار المالي الكبير.

ويعد سلامة وإلى جانبه رئيس مجلس النواب نبيه بري، الشخصين الوحيدين الذين شغلا منصبيهما طيلة حقبة ما بعد انتهاء الحرب الأهلية اللبنانية، عبر تجديد ولايتهما بشكل متتالٍ من دون انقطاع، وباتا يتربعان معاً في المرتبة الأولى عالمياً كأطول مدة زمنية في حاكمية المصارف المركزية ورئاسة البرلمانات في العالم. 

ثلاث مراحل

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

وتقسم بعض الأوساط الاقتصادية الـ30 عاماً التي قضاها سلامة كحاكم لـ”المركزي” إلى ثلاث مراحل أساسية، المرحلة الأولى منذ عام 1993 إلى عام 2005، بدأت مع اقتران اسمه برئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري الذي كان سلامة أحد أبرز معاونيه في إدارة أمواله وفي تنفيذ برنامجه لإعادة إعمار لبنان. ونجح في ضبط قيمة الليرة اللبنانية، وقد برع أيضاً في الحفاظ على موقع مستقل عن جميع الأطراف على رغم علاقته بالحريري، إذ نجح الرجل في إقناع الجميع بأن هدفه الأساسي والأوحد هو الاستقلال بالسياسة النقدية للبلاد عن حكومة الغالبية أياً كانت. أما المرحلة الثانية فكانت من 2005 إلى 2018، حيث شهدت استقراراً نسبياً، وعرفت بـ”الهندسات المالية”، ونال سلامة خلالها جوائز عدة كأفضل حاكم مصرف مركزي في العالم، وتميزت باستقطاب كبير للودائع الأجنبية، والتي وصلت كحد أقصى عام 2017 إلى 183 مليار دولار، وفق تقارير المصرف المركزي.

وفي عدة مقابلات يشير سلامة إلى أنه منذ اندلاع النزاع في سوريا عام 2011، إضافة إلى التداعيات الاقتصادية بدأت التدفقات الدولارية بالتراجع، وذلك على رغم الحجم الكبير للودائع في البنوك، الأمر الذي دفعه لتقديم خطة “هندسة مالية” بلغت قيمتها 13 مليار دولار، والتي تقدم سندات حكومية للبنوك مقابل العملة الأجنبية التي تتلقاها من الودائع. وقد سمح ذلك للبنوك بتقديم أسعار فائدة أعلى على الودائع بالدولار وصل إلى 9.7 في المئة بحلول عام 2019، بينما تضخم الدين الوطني. في حين كانت المرحلة الثالثة هي الأسوأ على سلامة، كونها تزامنت مع الانهيار الاقتصادي التي شهدته البلاد، ووصفه البنك الدولي بأنه من أسوأ ثلاثة انهيارات اقتصادية في العالم منذ 150 عاماً، حيث انهار استقرار سعر صرف الليرة، واحتجزت الودائع في المصارف نتيجة بروز الفجوة المالية، والتي يقدرها صندوق النقد الدولي بنحو 70 مليار دولار.

وخلال هذه المرحلة سقط نجم سلامة الحائز عشرات الجوائز والميداليات العالمية، ليصبح متهماً وملاحقاً بنشرات حمراء صادرة من الإنتربول الدولي، بعد سلسلة دعاوى فساد واختلاس في حقه، بأكثر من دولة أوروبية وغربية.

وطيلة مرحلة الانهيار، كان يصر سلامة على نفي مسؤوليته عن الأزمة، مدعياً أنه كان ضحية “حملة” سياسية تهدف إلى تقديمه ككبش فداء.

الثروة والدعاوى

يتابع القضاء الفرنسي رياض سلامة في دعويين قضائيتين، في شأن غسل أموال وعمليات احتيال تم ارتكابها داخل لبنان وخارجه، كلتاهما موجهة بالأساس ضد حاكم مصرف لبنان ومقربين منه.

الشكوى الأولى قدمتها المؤسسة السويسرية “Accountability Now” في أبريل (نيسان) 2021، وهي مؤسسة تحارب الإفلات من العقاب، أما الدعوى الثانية فتم رفعها بالتزامن مع الأولى من قبل منظمة “شيربا” المتخصصة في مكافحة الجريمة. 

وفي الوثيقة التي أرسلت إلى مكتب المدعي المالي الوطني في 2021، والتي حصلت صحيفة “لوموند” الفرنسية على نسخة منها، تقول المنظمتان إن “سلامة الذي يحمل الجنسية الفرنسية قام بشكل غير قانوني بتشكيل ثروة بملايين اليوروهات”، ولفتتا إلى أن “المقدار غير المتناسب من ثروته الشخصية مع رواتبه وأجوره التي يتقاضاها تؤكد وجود غسل للأموال”.

وتشير هذه الشكوى إلى “تورط نجل رياض سلامة، ندي سلامة والشقيق الأصغر لحاكم المصرف اللبناني، رجا سلامة الذي يحمل الجنسية الفرنسية أيضاً، ومساعدته السابقة ماريان الحويك”. وأضافت أن الثلاثة “شركاء لحاكم مصرف لبنان في الاستثمارات التي لا حصر لها في الخارج، على مدى 20 عاماً”.

ويؤكد رياض سلامة منذ نحو عام ونصف العام، أنه خلال عام 1993، تاريخ وصوله إلى مصرف لبنان، بلغت أصوله الشخصية 23 مليون دولار (19 مليون يورو)، نتيجة ميراثين ومكافآت سابقة له في البنك الاستثماري “ميريل لينش”، وأن نمو أصوله منذ ذلك الحين، ناتج من استثمارات لا تتعارض مع التزاماته.
وقالت “لوموند” حينها إن سلامة يمتلك ثلاث شركات قابضة في لوكسمبورغ استثمرت في مدن أوروبية عدة، منها ميونيخ وبريستول ولندن. ويقدر ويليام بوردون محامي منظمة “شيربا” و”جمعية ضحايا الممارسات الاحتيالية والجنائية في لبنان”، وهم الطرف المدني في القضية، وجود ثروة لسلامة في سويسرا بقيمة 94 مليون دولار.

كذلك، قدرت مصادر “لوموند” أن قيمة عقارات سلامة في فرنسا تقدر بنحو 35 مليون يورو (نحو 38 مليون دولار، وأنها باسم رياض سلامة، أو أفراد مقربين منه، وتم الحصول عليها بعد تعيينه على رأس مصرف لبنان.

وتشير الشكويان المقدمتان إلى أن ماريان الحويك التي دخلت كمتدربة في مصرف لبنان عام 2003، وتمت ترقيتها بعد أربع سنوات إلى منصب مدير المكتب التنفيذي للمؤسسة، اشترت في عام 2013 شقة في “المثلث الذهبي” الباريسي (شارع ميسين)، بقيمة 1.8 مليون يورو (نحو 1.96 مليون دولار).

وقالت الحويك في 2020 إنها تتلقى راتباً بقيمة 8 آلاف دولار، ولم تشر إلى حصولها على أي إرث أو أموال من جهة أخرى. 

وبحسب “لوموند” فإن الاكتشاف الأكثر إحراجاً للمقربين من سلامة كان في سويسرا، حيث أرسل المدعي العام لبيرن طلب مساعدة قانونية متبادلة إلى بيروت، بعدما “اكتشف أنه بين عامي 2002 و2015، دفع مصرف لبنان 333 مليون دولار في حساب لشركة غير معروفة تسمى (فوري)، ومقرها جنيف، وأن شقيقه رجا سلامة هو المستفيد مالياً”. وتقول الرواية الرسمية وفق “لوموند” إن تحويل هذه الأموال كان قانونياً.

ما بعد سلامة

وفي وقت تتخوف فيه مراجع اقتصادية عديدة من مرحلة نهاية ولاية سلامة، ولا سيما أنها ستنتقل بشكل غير “كلاسيكي” هذه المرة إلى نائبه الأول وسيم منصوري نتيجة عدم قدرة الحكومة على تعيين خلفاً له، يبدو أن الأمور تتجه لانتقال سلس، إذ تشير مصادر في المصرف المركزي إلى أن سلامة وضع خططاً ومجموعة من التعاميم المستقبلية ليصدرها نائبه بعد توليه الحاكمية، مما يعني في رأي تلك المصادر أن المرحلة المقبلة ستكون استمراراً لأداء سلامة وكأن طيفه يقود القرارات من بعد. وأشارت إلى أن منصوري كان منذ أشهر عدة بدأ بالعمل وكأنه “الحاكم”، وذلك بطلب من سلامة، بهدف تجنب أية خضات ترافق مرحلة التسليم والتسلم، مشددة على وجود تفاهمات تمت حول آلية عمل منصوري وعلاقته مع المصارف المراسلة في أميركا، حيث نظم سلامة تلك الآليات بالشكل المناسب.

رياض المواطن

وقبيل انتهاء ولايته سرت إشاعات أن سلامة يجهز انتقاله للعيش في دولة أخرى، فور انقضاء ولايته، الأمر الذي ينفيه تماماً، مؤكداً أنه سيبقى في لبنان، “ليس بحكم الملاحقات القضائية، بل للتفرغ لمتابعة قضاياه أمام القضاء اللبناني والقضاء الأوروبي”، إذ يرى أن هناك ما يصفه بـ”التجني والظلم في حقه”، ولم يتمكن من التفرغ للرد على وابل “الحصار” القضائي والسياسي الذي لاحقه في السنوات الأخيرة.

ووفق مصادر مقربة منه، فإن سلامة رفض كل العروض التي قدمت إليه لتمديد ولايته مرحلياً، أو لبقائه في “المركزي” بصفة مستشار، إذ كل ما يسعى إليه هو التحرر من القيود التي منعته من الدفاع عن نفسه وعن مواجهة “تشويه السمعة والافتراءات التي طاولته”.

تابعوا أخبارنا على Google-News

نلفت الى أن منصة صدى الارز لا تدعي بأي شكل من الأشكال بأنها وسيلة إعلامية تقليدية تمارس العمل الإعلامي المنهجي و العلمي بل هي منصة الكترونية ملتزمة القضية اللبنانية ( قضية الجبهة اللبنانية) هدفها الأساسي دعم قضية لبنان الحر و توثيق و أرشفة تاريخ المقاومة اللبنانية منذ نشأتها و حتى اليوم

ملاحظة : التعليقات و المقالات الواردة على موقعنا تمثل حصرا وجهة نظر أصحابها و لا تمثل آراء منصة صدى الارز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading