ليست المواجهة الحالية بين إسرائيل وحزب الله، كسابقتها، مثل كل أحداث المنطقة منذ هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
الهجوم الذي أطلق حربا تدحرجت من غزة إلى لبنان، اتفق المحللون على أن المنطقة بعده لن تكون كما قبله، إذ لم تقتصر تداعياته على حرب بين إسرائيل من جهة وكل من حماس وحزب الله من جهة أخرى، بل تطورت إلى حد القصف المتبادل بين إيران وإسرائيل.
وطالما نُظر إلى حزب الله على أنه أحد أهم أذرع إيران في المنطقة، وحرص الأمين العام الجديد للحزب نعيم قاسم، في أول خطاب له بعد توليه منصبه، خلفا لحسن نصر الله، الذي قتلته إسرائيل، على تأكيد أولوية العلاقة مع إيران.
وأفرد قاسم جانبا من كلمته الأولى للإشادة بإيران وسياستها ومرشديها السابق الخميني والحالي علي خامنئي، وقال إن دعمها لحزب الله يتم بلا مقابل، لافتا إلى أن حزبه لم يتلق عروضا بالدعم من أطراف أخرى ورفضها.
لكن بعدما انتقلت المواجهة بين إسرائيل وإيران من مربع الوكلاء إلى مربع الأصول، إثر قصف طهران لإسرائيل مرتين في أبريل/نيسان الماضي، وأكتوبر/تشرين الأول الجاري، ورد إسرائيل بقصف مواقع عسكرية إيرانية قبل أيام، فهل رهان قاسم على دعم إيراني يصادف محله، في ظل ترتيبات جديدة بالمنطقة يُنبئ بها الخبراء، بدت جلية مع كسر خطوط حمر طالما رسمت حدود المواجهات فيها.
دور الوكلاء مستمر
وقال الخبير في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية في الأهرام، الدكتور بشير عبد الفتاح، إن “الحرب الحالية لم تعد فقط حرب الوكيل، فإيران اضطرت أن تعمل بنفسها بعد تعرض حلفائها لضربات موجعة”، لكنه توقع ألا تتحول المواجهات الحالية إلى “حرب مباشرة بين إيران وإسرائيل”، وقال: “حروب المستقبل أغلبها يخوضها وكلاء، فالأطراف الأصيلة تنأى بنفسها عن الدخول في صراعات مباشرة لتقليل خسائرها”.
وأضاف عبدالفتاح لـ”العين الإخبارية” أنه: “خلافا لتحليلات كثيرة، أرى أن دور الوكلاء سيتعزز في المرحلة المقبلة، فلولا الضربات الموجعة التي تلقاها حزب الله ما اضطرت إيران لخوض المواجهة المباشرة”.
وأشار إلى أن “إيران تعلم حجم وكلفة المواجهة المباشرة، وهي على يقين من أن إسرائيل تسعى إلى تعطيل برنامجها النووي والصاروخي بحيث لا تصل لمستوى يهددها،
وأضاف أنه “من ثم يمكن القول إن اتساع رقعة المواجهة، جعلها تضم الأصيل والوكلاء في آن بشكل متواز، لكن أتوقع أن تُركز على الوكلاء مُجددا، لأن المواجهة المباشرة ستكون دامية ومُدمرة”.
وتابع: “إيران ستضطر إلى تنشيط الوكلاء في المرحلة المقبلة، بعدما ظهر أن تراجعهم يعني التدحرج لحرب شاملة، لا يمكن التحكم فيها، لكن حروب الوكلاء يمكن السيطرة عليها أكثر”.
وتوقع أن “تسارع إيران في خطواتها لدعم حزب الله من أجل استعادة توازنه وهيكلته من جديد، بعدما ظهر أن دوره لا يمكن الاستعاضة عنه، وأنها بدونه ستنكشف”.
النأي عن الأذرع
لكن الدكتور سمير غطاس رئيس منتدى الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية، خالف الدكتور بشير عبد الفتاح الرأي، قائلا لـ”العين الإخبارية” إن “إيران ستحاول المهادنة في المرحلة المقبلة، لتجنب تضرر برنامجها النووي، لذلك هي لن ترد في تقديري على الضربة الإسرائيلية، لأن الأمر مُحاط بتهديدات أمريكية جدية”.
وأضاف: “نهج إيران في التطورات التي تشهدها المنطقة أحبط حلفاءها الإقليميين خصوصا حزب الله حماس”، وتابع: “اعتقد أن رهان هؤلاء الحلفاء على إيران لم يعد قائما، خصوصا أن مزيدا من الدعم الإيراني لأذرعها سيزيد من تعقيد الأمور”.
وأشار إلى أن “الأوضاع الاقتصادية قد تدفع أيضا في اتجاه تقليل الدعم الإيراني لأذرعها الإقليمية”.