شيعت بلدة الكحالة امس، ضحية شاحنة السلاح التابعة لحزب الله فادي يوسف بجاني في مأتم شعبي مفتوح استلزم اغلاق طريق الشام العابرة للبلدة.
وأقيمت مراسم الدفن في الكنيسة التي سقط بجاني في باحتها، وسط حضور سياسي لأطراف المعارضة الرافضة لما تصفه بهيمنة «حزب الله» وسلاحه على مفاصل الدولة.
رئيس مجلس النواب نبيه بري اعتبر ان لبنان تجاوز «قطوعا» كبيرا في الكحالة، لكن المشهد السياسي الذي تبلور بعد الحادث الدامي والانقسام الحاد الذي ترتب عليه والمماثل للانقسام القائم حول الاستحقاق الرئاسي، يسمح بالخشية من وجود «قطوعات» اخطر يتعين تجاوزها، بعد تأكيد قوى المعارضة المسيحية خصوصا على «استحالة العيش مع سلاح الدويلة..».
وفي هذا السياق يقول رئيس حزب «الكتائب» سامي الجميل: «لقد وصلنا مع الحدث الى موقع خطير ولا يمكن ان نكمل هكذا، انها نقطة اللاعودة»، وأضاف ان الجيش اللبناني ينفذ قرارا سياسيا لدولة مخطوفة، في اشارة منه الى الموقف المرن للجيش، خلال المواجهة بين اهالي الكحالة وعناصر «حزب الله» المواكبة لشاحنة السلاح، مشيرا الى انه ما لم يتحمل الجيش مسؤوليته في حماية المواطنين سيكون بمنزلة شاهد الزور على ما سيصل اليه البلد.
لكن اخطر ما قاله الجميل دعوته الكتائبيين الى «اخذ العلم بأن حزبهم انتقل من النضال السياسي التقليدي الى النضال الوجودي.. الكياني»، داعيا المعارضة الى التنسيق في هذه الخطوة الجديدة.
الجميل كان يتحدث في مركز حزب «الكتائب» في بلدة الكحالة، بحضور نواب الحزب واعضاء المكتب السياسي، وقد اعتبر ان السلاح المتفلت هو سبب كل الاجرام والقتل في البلد، وعاد ليؤكد بأنه اعتبارا «من اليوم ان نضالنا لم يعد نضالا سياسيا تقليديا» وكأنه يلوح بالعودة الى السلاح!
وما لم يقله الجميل قالته، صراحة، احدى الناشطات في الكحالة، عبر احد مواقع التواصل الاجتماعي عندما دعت، وسط جمهور كبير، الى تسليح المسيحيين، وحثت البطريرك الماروني بشارة الراعي على اعلان «العصيان المدني» وأعلنت قولها: «نحن نطلب التقسيم هم في مناطقهم ونحن في مناطقنا.. السلاح يقابله السلاح»!
وتعتبر مثل هذه الطروحات جديدة وخطيرة وقد تخطاها النواب المعارضون بمن فيهم سامي الجميل في التصريحات التي اعقبت تقديمهم التعزية لذوي فادي بجاني، وهم الى الجميل: غسان حاصباني، مارك ضو، ميشال معوض، جورج عقيص، سليم الصايغ، ميشال دويهي، سعيد الاسمر، اديب عبد المسيح، الياس حنكش، نديم الجميل ونزيه متى، وقد اعلن هؤلاء تضامنهم مع اهالي الكحالة الذين تعرضوا لاعتداء سافر وميليشاوي، تحت نظر الاجهزة الامنية والعسكرية «التي تقاعست عن ممارسة دورها الحازم والمطمئن»، واعتبروا ان ما جرى «شكل مفترقا سياسيا وامنيا خطيرا، يرهن بصورة ساطعة لا لبس فيها ان المساكنة بين الدولة ودويلة حزب الله اصبحت مستحيلة»، وختموا بالدعوة الى «اعادة النظر بمسار المواجهة مع منظومة الحزب بحيث تكون المواجهة السياسية وطنية سيادية وشعبية مكتملة العناصر».
على الايقاع ذاته عزفت «الجبهة السيادية»، حيث استنهضت، في بيان لها، الجميع لعدم قبول شروط اي جهة مهما استقوت بسلاح او هيمنة.
النائب اشرف ريفي تلا البيان وفيه ان: «ميليشيا حزب الله لا تتعب من توجيه الرسائل، معرضة لبنان من جديد ليغدو ساحة لتصفية الحسابات، لكن الاخطر انها لا تقيم حسابا لأي من المكونات اللبنانية، حيث تستبيح القرى والبلدات، مسلحة بالقتل والترهيب بغياب الحساب والعقاب كما شريعة الغاب».
وطبيعي ان يكون لحزب الله رأي مغاير لكل ذلك، حيث حملت كتلة «الوفاء للمقاومة» على ما وصفته «بالتوتير المبرمج والظهور الميلشياوي المسلح الذي شهدته بلدة الكحالة وهو من نتائج التحريض والتعبئة».
«التيار الوطني الحر» اشار من جهته، الى قصور «حزب الله» والقوى الامنية، متجنبا الإساءة لعلاقته المتجددة مع الحزب عبر رفضه كل انفعال واستغلال للحادثة المؤلمة بقصد توتير الاجواء والتسبب بفتنة.
على صعيد آخر، أكدت الأدلة الجنائية، كما التحقيقات التي أجريت حتى الآن، أن استهداف سيارة وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال موريس سليم برصاصة في منطقة جسر الباشا لم يكن متعمدا، بل أن الرصاصة اصطدمت بالرصيف ثم بزجاج السيارة غير المصفحة.
وتشير التحقيقات الى أن الرصاصة كانت طائشة، خصوصا أن الإصابة تزامنت مع إطلاق نار كثيف في الهواء أثناء تشييع عنصر حزب الله الذي قتل في الاشتباك الذي حصل في الكحالة مساء الأربعاء.
إلى ذلك استعرض سفير خادم الحرمين الشريفين لدى لبنان وليد بخاري، في مكتبه بالسفارة، مع القائم بأعمال حاكم مصرف لبنان وسيم منصوري، العلاقات الأخوية بين البلدين.
في هذا الوقت اعلن المرشح الرئاسي سليمان فرنجية بعد لقائه البطريرك الماروني بشارة الراعي في الديمان، أمس، ان «الأجواء كانت أكثر من ايجابية ونتوافق على أن المرحلة خطيرة وتحتاج الى الهدوء والتفكير بوطنية».