وعشية إطلالة نصرالله ارتفعت حدة المواجهات على الجبهة الجنوبية، ونفّذ حزب الله أكثر من عملية هجومية على مواقع جيش الاحتلال الإسرائيلي، وأصدر سلسلة بيانات حول استهدافه بالصواريخ العديد من المواقع الإسرائيلية “دعماً لشعبنا الفلسطيني الصامد في قطاع غزة وتأييداً لمقاومته الباسلة والشريفة”. وأورد الحزب في بيان “أن مجاهدي المقاومة الإسلامية استهدفوا بعد ظهر يوم الجمعة موقع رميم بالأسلحة المناسبة وحققوا فيه إصابات مباشرة”، كما أورد في بيان آخر “أن المقاومة استهدفت موقع المطلة بصواريخ موجهة عدة، كما استهدفت موقع المنارة ومستعمرة مرغليوت قبالة بلدتي مركبا وحولا إضافة إلى تجمع لجنود العدو الصهيوني قرب موقع العاصي مقابل ميس الجبل بالصواريخ الموجهة حيث حققوا فيه إصابات مباشرة”.
استهداف تجمعات
كذلك أعلن حزب الله “استهداف تجمّعات لقوات الإحتلال بين حدب البستان وبركة ريشة وفي حرش الضهيرة بالأسلحة الصاروخية وتحقيق إصابات مباشرة”، ولفتت وسائل إعلام عبرية إلى إطلاق 3 صواريخ مضادة للدروع باتجاه أحد معسكرات الجيش في منطقة مرغليوت على الحدود مع لبنان. ودوّت صفارات الإنذار في إصبع الجليل بعد تقارير عن تسلل طائرة مسيّرة.
على الأثر، استهدف جيش الإحتلال أطراف ميس الجبل الشرقية وتلة المحامص بالقذائف المدفعية، ومحيطَ موقع العاصي بالقذائف المدفعية والفوسفورية، وشنّ الطيران الحربي غارة جوية بين ميس الجبل وحولا. وسُجل قصف مدفعي إسرائيلي على الأطراف بين مروحين وأم التوت، ودوّت صافرات الإنذار في مركز اليونيفيل في الناقورة.
كما سقطت قذائف إسرائيلية بالقرب من مستشفى ميس الجبل الحكومي. وأشار مدير المستشفى حسين ياسين إلى تضرر قسم الطوارئ جراء القصف وإصابة طبيب الطوارئ بجروح طفيفة. وعصراً نفّذت مسيّرة اسرائيلية غارة على منزلين في حي الرجم في عيتا الشعب من دون تسجيل خسائر بشرية.
وبعدما افيد بان الجيش اللبناني أخلى الموقع الخاص به في منطقة بئر شعيب في بلدة بليدا في القطاع الأوسط. أوضح مصدر عسكري أن “لا مركز للجيش في منطقة بئر شعيب بل نقطة غير ثابتة يتواجد فيها العناصر أحياناً وبالتالي لا صحة لإخلاء الموقع”.
وبعد القصف على ميس الجبل، عملت جمعية الرسالة للإسعاف الصحي على إجلاء عائلة من البلدة بعد تعرض المنزل للقصف وتسجيل إصابة طفيفة. وكان واستهدف قصف معاد استهدف خراج بلدتي العديسة وكفركلا ومنطقة اللبونة في الناقورة بعد إطلاق صاروخ مضاد للدروع من قبل الحزب على منطقة المنارة الحدودية مع لبنان.
وكانت قوات الاحتلال قصفت عند الصباح بشكل متقطع مثلث راميا بيت ليف والقوزح، ومحيط بلدتي الناقورة وعلما الشعب وجبل اللبونة المحاذي للخط الازرق بالإضافة الى رمايات بالرشاشات الثقيلة على اللبونة، فيما لم يفارق الطيران الاستطلاعي أجواء المنطقة والقرى الحدودية وصولاً إلى صور.
حصيلة الشهداء 70
تزامناً، نعى حزب الله 7 شهداء جدد. وقال في بيان: “بمزيد من الفخر والإعتزاز، تزف المقاومة الإسلامية ثلةً من شهدائها الأبرار الذين ارتقوا شهداء على طريق القدس، وهم :المجاهدون علي خليل العلي “خضر” من بلدة مليخ في جنوب لبنان، محمد علي عباس عساف “جواد” من بلدة بوداي في البقاع، عبد اللطيف حسن سويدان “صافي” من بلدة ياطر في جنوب لبنان، محمد قاسم طليس “أبو علي” من بلدة بريتال في البقاع، جواد مهدي هاشم “أبو صالح” من بلدة الخيام في جنوب لبنان، جعفر علي سرحان “مهران” من بلدة مشغرة في البقاع، وقاسم محمد عواضة “ملاك غانم” من بلدة جويا في جنوب لبنان”.
وخلال الاحتفال التكريمي الذي أقامه حزب الله لأحد شهدائه، رأى عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب علي فياض “أن مسار المواجهة بعد مرور 33 يوماً، بالرغم من كلفته البشرية الباهظة والخسائر المادية الهائلة جراء سياسة الأرض المحروقة والدمار الشامل الذي يمارسه العدو الإسرائيلي، هو مسار هزيمة للعدو الإسرائيلي وخيبات الأمريكي، لأن الإسرائيلي عاجز عن تحقيق مكتسبات عسكرية ميدانية، ولأن الحرب تجري في عقر داره في فلسطين المحتلة، ولأن الكلفة البشرية لديه كبيرة وعدد الأسرى بالمئات وأمنه مستباح وترسانته وكل تقنياته قاصرة أمام صواريخ المقاومة وقبضات مقاوميها، ولأن النتائج الأمنية والعسكرية للمواجهة جعلت الأمن الإسرائيلي مكشوفاً وقدراته الردعية منهارة، وأما هدفه الكبير في سحق حماس والمقاومة، فهو أضغاث أحلام لأن المقاومة ستخرج أقوى”.
إسرائيل تترنّح
واعتبر فياض “أن أمريكا التي زادت من حضور أساطيلها البحرية والجوية، ستجد أن حضورها السياسي وتأثيراتها أو تحكمها بمسارات المنطقة قد تآكلت وتراجعت وهي لا تخيف أحداً”، وقال: “يجب ألا يغيب عن بال أحد، أن معيار النجاح أو الفشل، ومعيار الانتصار أو الهزيمة في كل ما يجري بعد السابع من تشرين، ليس هو حجم الدمار ولا تعداد الضحايا، وإنما هو النتائج النهائية التي يمكن اختزالها بعنوان كبير وهو أن إسرائيل تترنح وتزداد ضعفاً في الأمن والردع وعجزاً عن تحقيق الأهداف والمقاومة باتت أكثر قوة وحضوراً وتأثيراً وفاعلية وقدرة على تحقيق أهدافها”.
من ناحيته، أكد المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان أن “إسرائيل لم تربح الحرب ولن تربح الحرب، وما يجري على أرض غزة وفلسطين حسم حقيقة أن إسرائيل خسرت الحرب”، مشيراً إلى “أن نتنياهو مدمّر نفسياً كما يقول طبيبه النفسي موشيه ياتوم، والأسطورة الصهيونية تبددت، واللحظة لحظة تاريخ جديد، ومشهد القواعد الأميركية الغارقة بالمسيرات والصواريخ، تؤكد أن الشرق الأوسط تغير، وأن غزة هي الثقب الأسود، وما يجري فيها حرب خاسرة وإسرائيل تنتحر”، معتبراً في خطبة الجمعة “أن المطلوب من المطبعين العرب فهم دروس التاريخ، وأخذ خيارات بديلة، لأن الغول الصهيوني انتهى، وما نراه اليوم ترسانة الأطلسي إنما هو لحماية صورة تل أبيب، ولن يحكم قطاع غزة إلا المقاومة وفصائلها، وسلطاتها الوطنية، وكل هذا الزعيق الصهيوني بكل ترسانته لن يغيّر التاريخ”.
وتوجه قبلان للعرب قائلاً: “مصلحتكم بإدانة تل أبيب ومخاصمتها، لا التطبيع معها، والعلاقة مع إيران ضمانة للمنطقة، وربح للعرب وإيران، وتل أبيب قوة تحتاج إلى وجود الأطلسي الدائم لتبقى، وهي لن تبقى إن شاء الله، فزوال إسرائيل حتمية تاريخية، والجامعة العربية مطالبة بأخذ موقف يليق بصمود غزة وفلسطين، يليق بأطفالها ونسائها، يليق بشهدائها الأبرار، وشعبها الصامد الجبار، ومن يربح الوقوف مع غزة إنما يربح الحاضر والمستقبل”.
بيان المعارضة
في المقابل، وجّه نواب قوى المعارضة نداء إلى قادة القمة العربية أملوا فيه “أن تكون القمة بداية لمرحلة جديدة تطوي صفحات العنف والفوضى والحروب وترسي قواعد السلام والازدهار”، وقالوا “يهمنا كنواب يمثلون الشعب اللبناني بمختلف أطيافه، أن تكونوا بوصفكم القادة الممثلين للدول العربية الشقيقة، على اطلاع حول رأي اللبنانيين بما يجري في المنطقة ولبنان، وتطلعاتهم في هذه المرحلة الصعبة. إن الجمهورية اللبنانية الداعمة دوماً لقضية الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وقيام دولته المستقلة والعيش بكرامة، دفعت أثماناً باهظة طيلة العقود السبعة الماضية، من أرضها وشعبها واقتصادها وأمنها واستقرارها، إلى ان انتهى الأمر بفقدانها سيادتها على قرارها الوطني لمصلحة محور إقليمي يتباهى بسيطرته على أربع عواصم عربية”.
وأضافت قوى المعارضة “انطلاقاً مما يتهدد لبنان من حرب مدمرة، جئنا بصفتنا نواباً عن الأمة اللبنانية لنؤكد ما يلي:
أولاً: نؤكد على الرفض الكامل لاستمرار الحرب الإسرائيلية على غزة، حيث يتعرض الشعب الفلسطيني لأبشع جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي قد يواجهها أي شعب في العالم. ومن بيروت نوجه التحية لأرواح آلاف الفلسطينيين، الأبرياء وندين ازدواجية العالم في التعاطي مع أهالي غزة. ما يجري في غزة، يتطلب من جلالتكم وفخامتكم وسموكم وسيادتكم، التدخل الفوري، ليس لترتيب هدنة إنسانية او وقفاً لاطلاق النار فحسب، بل لإطلاق مسيرة حل سياسي تستند على المبادرة العربية للسلام التي تم إعلانها في قمة بيروت عام 2002، والتي تبنت حل الدولتين، بما يعني حتمية إنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة، كمدخل للسلام والاستقرار في الشرق الأوسط ولانتصار الاعتدال على التطرف، وتطبيق كافة قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة وتكريس حق العودة للاجئين.
ثانياً: لا يخفى أن لبنان يعيش في قلب الأزمة التي تواجه المنطقة، ويخشى اللبنانيون من توسع الحرب، التي بدأت تطال بلدهم، لا طائل لهم بها ولا قرار، فرأي الدولة اللبنانية وقرارها مازال مصادراً من قوة مسلحة خارج الشرعية، خدمة لمحور إقليمي على حساب مصالحها الاستراتيجية وأمنها واستقرارها، في ظل سلسلة من الأزمات السياسية وصلت إلى حد الشلل الكامل والانحلال للدولة ومؤسساتها الدستورية، إضافة إلى انهيار اقتصادي واجتماعي ومالي شامل. وفي ظل تعطيل انتخاب رئيس للجمهورية وبإقرار مؤسف من رئيس حكومة لبنان، بعدم امتلاكها قرار السلم والحرب، يرفض اللبنانيون إدخال لبنان عنوة في حرب شاملة، بعد ان تم اقحامه فعلياً في حرب محدودة خلافاً لإرادتهم، حصدت الأرواح، ومن بينهم الأطفال والمدنيين والإعلاميين، بالإضافة إلى الممتلكات، وأدت إلى نزوح عشرات الآلاف من أهلنا. كما يرفضون ايضاً أن يتحدث باسم لبنان وزير خارجية دولة أخرى، وأن يصادر طرف داخلي مسلح قراره السيادي”.
وطلبت المعارضة “مساعدة لبنان على التصدي لمحاولة جرّه إلى الحرب في ظل سيادته المخطوفة وقراره المسلوب، والعمل للتطبيق الكامل للقرار 1701، الذي يشكل المظلة الدستورية والدولية لحماية لبنان وتحييده عسكرياً، وتجنب توسع الحرب في المنطقة، من خلال وقف الاعمال الحربية وانشاء منطقة جنوبي نهر الليطاني خالية من أي وجود مسلح لبناني أو غير لبناني خارج الجيش اللبناني وقوات الطوارئ الدولية، والضغط على المجتمع الدولي لردع إسرائيل عن الاعتداءات التي تقوم بها على طول الحدود والعمق اللبناني، على أن يستتبع ذلك التطبيق الكامل للقرارين 1559 و1680 ما يؤدي إلى ضبط الحدود وبسط سيادة الدولة بقواها الشرعية حصراً على كامل الأراضي اللبنانية”.