التوترات الجنوبية المتصاعدة جزء من لعبة المفاوضات تحت النار التي تعتمدها اسرائيل في غزة، كما في جنوب لبنان، حيث اساسها ابعاد حزب الله عن منطقة جنوب الليطاني الحدودية، ضمانة لراحة المستوطنين الإسرائيليين الممتنعين عن الرجوع إلى مستوطناتهم في الشمال قبل رجوع حزب الله والفصائل الأخرى المسلحة إلى منطقة شمال الليطاني.
في المقابل، فإن الجانب اللبناني ممثلا بحزب الله يضع الانسحاب من الأراضي اللبنانية، التي لايزال الإسرائيليون يحتلونها، وتثبيت الحدود المرسومة دوليا، كشرط مسبق.
وبحسب المصادر المتابعة، فإن الإسرائيليين الذين هددوا باغتيال قادة «حماس» في لبنان أيضا أرسلوا إشارات تظهر المتابعة الحثيثة لحركة مسؤولي «حماس» في لبنان، وقد لفت ديبلوماسيون اجانب إلى ظاهرة اصدار «حماس» لمواقفها السياسية من خلال مسؤولها في لبنان أسامة حمدان.
على مستوى الداخل اللبناني «اللجنة الخماسية» وضعت اللبنانيين امام خياري التمديد لقائد الجيش جوزاف عون ضمانة لصلابة العمود الفقري للدولة او انتخاب رئيس للجمهورية في اسرع وقت ممكن، وعلى اساس «الخيار الثالث».
وتعتبر المصادر المتابعة ان تعنت بعض الأطراف بمسألة تمديد ولاية القائد، افسح المجال أمام القوى التي توفر الدعم المالي للجيش اللبناني للتلويح بقطع المساعدات عنه في حال استمرار المكابرة.
في هذا السياق، أوضح التيار الوطني الحر، عبر حسابه على منصة «إكس»، أن القوات اللبنانية انقلبت على موقفها من وجوب عدم حضور أي جلسة تشريعية إلى قيامها بتقديم اقتراح قانون التمديد والإعلان عن حضورها جلسة من عشرات البنود غير الضرورية، مبررا، أي «التيار»، تصلبه في مواجهة التمديد لقائد الجيش.
في غضون ذلك، توقعت مصادر سياسية وصول الموفد القطري إلى بيروت هذا الاسبوع ضمن اطار تكثيف مجموعة الدول الخمس المعنية بالأزمة اللبنانية، وهي الولايات المتحدة الأميركية والمملكة العربية السعودية وفرنسا ومصر وقطر، حراكها باتجاه حلها بكل تفرعاتها، اضافة إلى الهدف الرئيسي ألا وهو إبقاء لبنان خارج دوامة حرب غزة.
ويتركز هذا الحراك على تمديد ولاية قائد الجيش والانتخابات الرئاسية وتنفيذ القرار الاممي 1701 الذي يحتاج إلى مفاوضات منفصلة، لم تنضج بعد، اما بشأن التمديد للعماد عون وإجراء الانتخابات الرئاسية فإن الموفد القطري، وبحسب صحيفة «نداء الوطن»، سيضع اللبنانيين امام خيارين: التمديد لقائد الجيش او انتخاب رئيس للجمهورية.
وردت المصادر حتمية الخيار الثالث في الانتخابات الرئاسية إلى غياب حظوظ المرشحين المطروحين حاليا: جهاد ازعور وسليمان فرنجية.
في غضون ذلك، قال وزير الخارجية عبدالله بوحبيب، العائد من جولة أوروبية، ان اسرائيل بعثت برسائل عدة مع اطراف من الاتحاد الأوروبي نقلها جوزيب بوريل، الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمن في الاتحاد الاوروبي، ومن خلال الفاتيكان «وخلاصتها ان على لبنان تطبيق القرار الدولي 1701، وأن يتواجد حزب الله شمال نهر الليطاني وليس جنوبه»، ذلك ان وجوده جنوب النهر يمنع سكان المستوطنات الاسرائيلية الشمالية من العودة اليها. وتحدثت المصادر عن احتمال تأمين التمديد لقائد الجيش بعيدا عن البازارات السياسية المفتوحة في مجلس الوزراء، وعبر جلسة تشريعية يعقدها مجلس النواب قبل منتصف هذا الشهر.
ميدانيا، اشتعلت جبهات الجنوب، وتوسع القصف المتبادل بين حزب الله، والفصائل الأخرى، والاحتلال الاسرائيلي، وقد غطى معظم المواقع المتقابلة في القطاعات الغربية والوسطى والشرقية.
وأعلن الإعلام الحربي في حزب الله استهداف تجمع لجنود الاحتلال الإسرائيلي شرق مسكاف عام وموقع البغدادي بالصواريخ الموجهة والأسلحة المناسبة، وأكد انه تم تحقيق إصابات مباشرة. وقال الحزب إنه قصف قوة مشاة إسرائيلية شرق ثكنة برانيت وموقع الراهب وحقق إصابات مباشرة في صفوفها.
في المقابل، استهدف قصف مدفعي إسرائيلي محيط بلدات مركبا ورب ثلاثين ومارون الراس ويارون جنوبي لبنان.