غير أن خروقات من الجانب الإسرائيلي انتهكت هذا الهدوء أبرزها تحليق طائرات التجسس على مستوى منخفض وتعرّض دورية تابعة لقوات “اليونيفيل” في محيط بلدة عيترون لإطلاق نار ما أدى إلى تضرر إحدى سيارات الدورية، كما أطلق جيش الاحتلال النار على سيارة رابيد في منطقة الوزاني وأصابها بخمس طلقات، ومارس الترهيب بحق مزارعين كانوا يغتنمون فرصة الهدنة للعمل في أرضهم في هونين.
سبق ذلك، إعلان جيش الاحتلال أن الدفاعات الجوية اعترضت هدفاً جوياً مشبوهاً تسلّل من لبنان، وتحدث عن “إسقاط صاروخ أرض جو أطلق من لبنان باتجاه مسيّرة إسرائيلية”. وأفاد “أن المسيّرة لم تتضرر وأن مقاتلاته ردت بقصف بنية تحتية لحزب الله”.
لودريان راجع
في التحركات السياسية والدبلوماسية، وفي انتظار قدود الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان إلى بيروت يوم الأربعاء المقبل، أجرى رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي محادثات مع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الذي أكد “ضرورة العمل على تحقيق هدنة مستدامة في غزة ووقف العمليات العسكرية تمهيداً للانتقال إلى العمل لتحقيق السلام المستدام”، ولفت إلى “أن أكثر الدول تأثراً بحرب غزة هو لبنان، ونتمنى استمرار الهدنة لكي يبقى لبنان آمناً وهادئاً”.
أما الرئيس ميقاتي فقال “نعوّل على مساعي الدول الصديقة لإحداث خرق في جدار الأزمة القائمة والعمل على إحلال السلام، وعودة الهدوء إلى جنوب لبنان”.
في المواقف، رأى نائب أمين عام حزب الله الشيخ نعيم قاسم في احتفال تكريمي للشهيد عباس رعد نجل رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد “أن الشهيد عباس يمثل نموذج القيادة في المقاومة في لبنان وفلسطين وإيران”.
وقال “هذه المقاومة الحاضرة بأولادها وأطفالها ونسائها وكل ما تملك لا يمكن أن تُهزم وستتوالى الانتصارات وعلى رأسها انتصار غزة. نحن في زمن المقاومة والانتصارات وفي هذا الزمن لن نسمح لدول الاستكبار والعدو الإسرائيلي رسم حدود ومسار حريتنا. نريد استقلال بلدنا استقلالاً كاملاً وتحرير أرضنا تحريراً كاملاً حتى آخر شبر وخياراتنا السياسية منسجمة مع هذا الاتجاه”.
وأكد الشيخ قاسم “أن الشعب الفلسطيني الجبار أفشل رهان الاحتلال في انقلاب الناس على المقاومة وهذا الشعب لا يمكن أن يهزم. ولولا ثبات المقاومة لما حصلت عملية التبادل التي جاءت بشروط حماس والمقاومة”.
إسرائيل هُزمت
كذلك، اعتبر عضو المجلس المركزي في حزب الله الشيخ نبيل قاووق “أن إسرائيل هزمت في غزة، وليس للمهزوم أن يفرض شروطه، وما عجز عنه العدو عام 2006، هو اليوم عنه أعجز، وعلى الذين يريدون تسويق الأهداف والمطالب الإسرائيلية أن ييأسوا، لأننا لن نسمح للعدو في زمن الانتصارات أن يحقق أية مكاسب على حساب الكرامة اللبنانية، ولن نسمح بتغيير أية معادلة من المعادلات التي ثبتناها بالدماء في تموز/ يوليو 2006”.
ورأى قاووق “أن مسلسل الاخفاق متواصل من عند أولمرت إلى نتنياهو، حيث إن أولمرت وضع هدفين للحرب على لبنان عام 2006، وهما سحق حزب الله واستعادة الأسيرين دون مقابل، وانتهت الحرب ولم يستطع أن يسحق حزب الله أو أن يعيد الأسيرين، وإنما أعادهما بالتفاوض وبثمن باهظ، واليوم نتنياهو شنّ حرباً على غزة واضعاً هدفين وهما سحق حماس واستعادة الأسرى دون مقابل وأي شرط، ولكن بعد 48 يوماً، بدأ بالتفاوض لاستعادة الأسرى، ولم يستطع أن يسحق حماس كما وعد، وفشل، وكل الكلام في الكيان الإسرائيلي اليوم مفاده أن الذي سيسقط ليس رأس حماس وإنما رأس نتنياهو، لأنه خسر المعركة رغم كل الدعم الأمريكي”.
وأشار إلى “أن سكان المستوطنات المقابلة للحدود اللبنانية قدموا شكوى للمحكمة الإسرائيلية طالبوا فيها بنقل هذه المستوطنات 5 كلم إلى الخلف لأنهم يخافون من حزب الله، وقالوا لن نرجع إليها مادام حزب الله في الجنوب، وهذا خبر جيد، فنحن أصحاب وأبناء الأرض وسنبقى بها، وأما المستوطنون، فالأفضل لهم أن لا يرجعوا إليها، لأنها ليست أرضهم”.
يكفينا قتلاً
من ناحيته، شكر البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي الله “على الهدنة الإنسانية لأربعة أيام في غزة”، راجياً “أن تصبح بهمّة أصحاب الإرادات الحسنة وقفًا دائمًا للنار، وبداية لحل المشاكل بالتفاوض”. وقال في عظة الأحد “نصلّي ونشكر الله على وقف التوتر في جنوب لبنان والعودة إلى الحياة الهادئة. فيكفينا قتلًا وتدميرًا وتهجيرًا!”.
ورفض الراعي انتهاك المسؤولين مواد الدستور والتلاعب بقيادة الجيش قائلاً “لا نقبل بمواصلة انتهاك الدستور وتحديدًا المادة 49، على حساب قيام الدولة والمؤسسات، وأنتم لا تنتخبون عمدًا رئيسًا للجمهورية منذ سنة وشهر، والأوضاع الإقليمية الدقيقة للغاية تفرض وجود حماية للدولة، والرياح تتجه إلى ترتيبات في المنطقة! فلا نقبل برهن انتخاب الرئيس لشخص أو لمشروع أو لغاية مرتبطة بالنفوذ. لا نقبل بحرمان الدولة من رأسها، ولا بنتائج الحرمان. تنص المادة 49 على أن رئيس الجمهورية هو “رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن”. فلما حوّل اتفاق الطائف رئيس الجمهورية من رئيس للسلطة الإجرائية، التي أناطها بالحكومة مجتمعة، إنما أراده رئيسًا للدولة بأرضها وشعبها ومؤسساتها، كل مؤسساتها، ولا سيما المؤسستين الأساسيتين: مجلس النواب ومجلس الوزراء، لجهة ضبط تناسق عملهما، ولجهة مسؤوليته عن علاقاتهما، فهما جناحا الدولة، وتناغمهما واجب وفقًا للأصول وهو المسؤول عن هذا التناغم، والمهمة هذه تأتي تحت باب احترام الدستور. فلا نقبل، ولو ليوم واحد، بتغييب الرئيس، وبالتالي بفوضى الحكم، وكثرة الرؤوس، ومرتع النافذين”.
وأضاف الراعي “لا نقبل بمحاولات المس بوحدة الجيش واستقراره والثقة بنفسه وبقيادته، لا سيما والبلاد وأمنها على فوهة بركان. ينص الدستور في المادة 49 على أن رئيس الجمهورية هو القائد الأعلى للقوات المسلحة. فكيف يجتهد المجتهدون لتعيين قائد للجيش وفرضه على الرئيس العتيد؟ اذهبوا فورًا إلى الأسهل وفقًا للدستور، وانتخبوا رئيسًا للجمهورية، فتحل جميع مشاكلكم السياسية، وتسلم جميع مؤسسات الدولة”.
وختم الراعي “لقد اسعدنا، صباح الخميس الماضي، بزيارة وفد المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى برئاسة نائب رئيس المجلس الشيخ علي الخطيب، وعلى الأخص بتصريحه بشأن انتخاب رئيس للجمهورية، وبشأن مؤسسة الجيش. ذلك أننا نتكلم لغة واحدة، لأننا لا نتكلم سياسياً بل وطنياً، ولأننا لا ندخل في تقنيات العمل السياسي بل في أخلاقيته على قاعدة الفصل بين الخير والشر”.
كذلك، شدد متروبوليت بيروت وترابعها للروم الأورثوذكس على “أهمية دور جيشنا وضرورة الالتفاف حوله، وعدم العبث بكل ما يتعلق به كونه المدماك الأخير الصامد”، مشدداً “على وعي المواطنين وواجبهم في محاسبة ممثليهم كي يقوموا بالدور الذي انتخبوا من أجل القيام به”.