كانت الأنظار متجهة الى ساحة النجمة كي يصدر مجلس النواب غداً توصية في شأن هبة المليار، لكن التوصية وبشكل مفاجئ صدرت أمس من الضاحية الجنوبية، وتمثّلت في ما أعلنه الأمين العام لـ»حزب الله» حسن نصرالله حول ملف النازحين السوريين، فبدا على طرف نقيض من عناوين الجلسة النيابية غداً. فهو دعا الى فتح البحر اللبناني أمام مغادرة جماعية للنازحين الى أوروبا. كما دعا السلطات اللبنانية الى التنسيق مع سوريا والعمل معاً على رفع العقوبات الأميركية والأوروبية عن نظام الرئيس بشار الأسد.
في المقابل، كان المشهد النيابي عشية الجلسة يقارب هبة المليار يورو من زاوية دعم المؤسسات الأمنية، وعلى رأسها الجيش، كي تضطلع بمسؤولياتها لجهة ضبط الحدود البحرية والبرية والشروع في إعادة النازحين غير الشرعيين الى سوريا.
وفي السياق نفسه، أتت مواقف نصرالله مسبوقة بموقف مفاجئ لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي الذي أعلن التراجع عن قرار سفره الى مؤتمر بروكسل في نهاية الجاري، والمخصص للملف السوري وضمناً قضية النازحين.
فهل من تفسير لهذا «الانقلاب» في ملف النازحين لبنانياً؟
في قراءة لأوساط نيابية مواكبة، أنّ التحضير لهذا «الانقلاب» جرى بالتنسيق بين دمشق والضاحية الجنوبية. فبعد زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون ديرلاين والرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليدس لبيروت في الثاني من الجاري، تحركت الاتصالات بين دوائر الرئيس السوري و»حزب الله» لوضع اليد على ورقة النازحين. وكانت أولى البوادر مسارعة ميقاتي الى الاتصال بالرئيس نبيه بري من أجل إيجاد مخرج كي يتراجع رئيس الحكومة عن اندفاعته بعد زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية ورئيس جمهورية قبرص، فكان أن قرّر بري عاجلاً الدعوة الى عقد جلسة التشاور النيابية غداً الأربعاء. وفي الوقت نفسه، حرصت أوساط بري تكراراً على نفي علمها مسبقاً بهبة المليار. ووفقاً للوقائع، كان بري على علم بالهبة مثل ميقاتي وتبلّغ ذلك رسمياً خلال استقباله الضيفين الأوروبيين.
وفي سياق متصل، كانت لافتة الحملة المفاجئة التي شنّتها أوساط في الممانعة على زيارة قائد الجيش العماد جوزاف عون الى قطر. وجاءت الحملة تمهيداً لما قاله نصرالله أمس حيث دعا الى إبعاد الجيش عن مهمة إقفال البحر أمام هجرة النازحين.
وهنا بعض ما قاله نصر الله، في الكلمة التي ألقاها عبر الشاشة في الذكرى الثامنة لاغتيال القيادي في «الحزب» مصطفى بدر الدين: «يجب التواصل مع الحكومة السورية بشكل رسمي من قبل الحكومة اللبنانية لفتح الأبواب أمام عودة النازحين. ويجب مساعدة سوريا على تهيئة الوضع أمام عودة النازحين، وأولى خطوات المساعدة هي إزالة العقوبات عنها، وإذا كان مجلس النواب حقاً يريد إعادة النازحين فعليه مطالبة الولايات المتحدة بإلغاء قانون «قيصر» ومطالبة أوروبا بإلغاء العقوبات. فلنفتح البحر أمام النازحين السوريين بإرادتهم. وعندما يتخذ قرار كهذا كل الغرب وكل الأوروبيين سيأتون إلى لبنان ويدفعون بدل المليار 20 ملياراً».
ماذا عن تراجع ميقاتي عن قرار سفره الى مؤتمر بروكسل المقبل؟ لقد استقبل أمس سفيرة الاتحاد الأوروبي لدى لبنان ساندرا دو وال وأبلغها «أنّ الوفد اللبناني الى المؤتمر سيكون برئاسة وزير الخارجية والمغتربين عبدالله بو حبيب».
وكان الموقع الالكتروني «لبنان 24» التابع لميقاتي أورد في 7 الجاري أنه من المقرّر أن يرأس رئيس الحكومة وفد لبنان الى «مؤتمر بروكسل الثامن لدعم مستقبل سوريا ودول المنطقة»، الذي يُنظّمه الإتحاد الأوروبي ويُعقد في 27 أيّار الجاري في العاصمة البلجيكية. وأوضح الموقع أنّ ميقاتي سيلقي كلمة أمام المؤتمر يشرح فيها «كل الوقائع المرتبطة بهذا الملف، مطالباً الدول الأوروبية ودول العالم بدعم عودة النازحين الى سوريا وتقديم الدعم اللازم لهم في بلادهم لتشجيعهم على العودة».
وسبق لـ»نداء الوطن» أن أشارت أمس الى الرسالة التي بعث بها وزير الخارجية السوري فيصل المقداد قبل أيام الى وزير الخارجية عبدالله بو حبيب، ودعاه فيها الى عدم تقديم «تعهّدات» في مؤتمر بروكسل. وذكرت أنّ ميقاتي تراجع عن المشاركة في مؤتمر بروكسل مفضلاً تجنب «وجع الراس».
بعد كل ما سبق، ألا يزال هناك من داعٍ لانعقاد الجلسة النيابية غداً؟ وإذا ما انعقدت، هل تصدر توصية غير التي طرحها نصرالله؟