ومما يزيد الأمور تفاقماً، أن الخلافات والكيديات تهدد بإحداِث الشلل الكلي في مفاصل الدولة، خاصة على مستوى جلسات مجلس وزرإء حكومة تصريف الأعمال، التي تُراوح بين المجال الضيق لتصريف الأعمال، وبين الذهاب أبعد من ذلك، والتصرّف في إتخاذ القرارات وكأنها حكومة كاملة الأوصاف الدستورية.
وجاء تهديد نواب حاكم البنك المركزي بالإستقالة الجماعية في حال عدم تعيين حاكم جديد قبل نهاية تموز الحالي، حيث تنتهي رسمياً ولاية رياض سلامة، ليصب الزيت على نار حالة القلق السائدة في البلد، في حال شغور منصب الحاكم، وتمنّع النائب الأول عن تولي صلاحيات الحاكم، كما تنص المادة ٢٥ من قانون النقد والتسليف، ضماناً لإستمرار هذا المرفق العام في أدائه المهام المنوطة به.
تعددت التكهنات والتفسيرات في التعاطي مع قرار نواب الحاكم الأربعة، الإمتناع عن القيام بالمسؤولية التي يكلفهم بها القانون. البعض اعتبرها خطوة جدّية لحثّ السلطة السياسية على تعيين حاكم جديد. فيما وصفها البعض الآخر بمجرد مناورة منسقة مع السلطة السياسية، لإيجاد مبرر للتمديد للحاكم سلامة سنة أخرى، أو إلى حين تعيين خلف به. وتعامل البعض الثالث مع تهديد نواب الحاكم الحاليين بالإستقالة، وكأنه هروب من تحمل المسؤولية، لا يجوز أن يُقدم عليه موظفون بمثل هذه الرتبة الرفيعة، وفي ظل الظروف الصعبة والمعقدة التي يمر بها البلد، وخاصة على الصعيدين المالي والنقدي.
يبدو أن مرحلة جديدة من تدحرج الأزمات في طريقها إلى البلد المنكوب وشعبه المقهور، مع نهايات موسم السياحة والإصطياف، الذي يُسجل هذه السنة أرقاماً قياسية جديدة، رغم كل الفشل والعجز الذي يحيط بهذه السلطة الفاسدة، ولكن عوائده تُهدر في إستهلاك بلا طائل، كما تذهب مياه أنهر لبنان إلى البحر!