كلير شكر - نداء الوطن
للدائرة الثالثة في الشمال، والتي تضمّ أقضية البترون- الكورة- زغرتا- بشري، نكهتها الخاصة تحت عنوان أنّها «دائرة الرؤساء». عن أحد المقعدين البترونيين سيترشّح رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، فيها سيخوض «تيار المردة» معركة مصيرية للحفاظ على زعامته في المنطقة انطلاقاً من زغرتا، وفيها ستجهد «القوات» لقطع الطريق أمام أي تسلّل من جانب الخصوم لتبقي قضاء بشري قواتياً «للعضم».
ولهذا تتّسم معركتها بشيء من الخصوصية التي تجعلها محطّ الأنظار والمتابعة الحثيثة. قبل ساعات من إقفال باب الترشّح، ضجّت الحركة الانتخابية. سارع كُثر إلى حجز بطاقاتهم الترشيحية قبل انقضاء المهلة القانونية المحدّدة من جانب وزارة الداخلية، بعدما تمهّلوا لأسابيع وأيام. وبعضهم يفعلها من باب البقاء على طاولة التفاوض لا أكثر. ومع ذلك، تحيط الشكوك بالعملية الانتخابية والمرتبطة تحديداً بالتمويل الذي يتيح للموظفين التوجّه يوم 15 أيار إلى المراكز الانتخابية لتنظيم الاستحقاق وإدارته.
مع إقفال باب الترشّح، اكتملت «البازل الترشيحية» أمام القوى السياسية وتلك الراغبة في خوض الاستحقاق. الخيارات باتت محدودة، ولا يمكن الانتقاء إلّا من القائمة الرسمية التي حدّدتها وزارة الداخلية.
وفق التقديرات الأوّلية، فإنّ «القوات» هي أكثر الأطراف تمدّداً في هذه الدائرة. في جيبها ثلاثة حواصل مضمونة، والعين على الرابع. لتيار «المردة» حاصلان وبعض الكسر وهو يفاوض ويعمل لتأمين الثالث بالتفاهم مع وليم طوق. «التيار الوطني الحر» تمكّن من حجز الحاصل الأول بعد انضمام الحزب «القومي» بجناحه الشرعي إلى التحالف معه بعد التخلي عن ترشيح فايز كرم. على جبهة ميشال معوض المتفاهم مع «الكتائب» ومجد حرب، صار الحاصل الأول شبه مضمون، فيما تحالف «شمالنا» يراهن على خرق الاصطفاف الحزبي والسياسي لدخول نادي الحواصل. بالتفصيل يتبيّن، أنّ «القوات» استكملت مشهدية ترشيحاتها الحزبية (عن البترون غياث يزبك، عن الكورة فادي كرم، عن زغرتا ميخائيل دويهي، وعن بشري ستريدا طوق وجوزيف اسحق)، وهي بصدد ضمّ بعض الأصدقاء ممن يتيحون لها تحصين وضعها الشعبي في الدائرة. بالتوازي، صارت لائحة «المردة» تضمّ طوني فرنجية واسطفان دويهي في زغرتا وثمة توجه لضمّ وجه نسائي لاستكمال اللائحة الثلاثية، فيما العمل جار لتكوين لائحة في الكورة قوامها فادي غصن (شقيق النائب الراحل فايز غصن) إلى جانب سليم سعادة الذي يمثل الحيثية الأوسع لدى القوميين في المنطقة، فيما سيكون جوزف نجم ممثل «المردة» في البترون.
أما في بشري، فلا تزال المفاوضات جارية مع وليم طوق، من جانب «المردة» ومن جانب «التيار الوطني الحر». وفق المتابعين، فإنّ الرجل يزين الأمور بميزان دقيق: اللافت أنّ تقديرات المقربين منه تفيد بأنّ انضمامه إلى تحالف «المردة» سيؤمّن لهذه اللائحة حاصلاً ثالثاً، قد يمنحه اللوحة الزرقاء في ما لو حلّ ثانياً بين مرشحي القضاء، لكنّ انضمامه إلى تحالف «التيار الوطني الحر»- الحزب «القومي» (وليد العازار في الكورة) لا يلاقي قبولاً من مؤيديه لاعتبارات لها علاقة بالخصومة الشديدة بين العونيين و»القوات» خصوصاً أنّ العديد من قواعده هم بالأساس من «القوات». ولهذا، الاتجاه المرجّح أن يكون القطعة البشرانية في لائحة «المردة».
بالتوازي، انقسمت المجموعات المعارضة بين لائحتين، الأولى قوامها تحالف ميشال معوض- جواد بولس- مجد حرب- رشيد رحمة (بشري) مدعومة من «الكتائب»، والثانية عبّرت عنها لائحة «شمالنا» التي مثلت نموذجاً في أداء المعارضات لناحية آلية اختيار المرشحين والالتزام بنتائجها، وهي تضمّ في عدادها: رياض طوق وقزحيا ساسين عن قضاء بشري، ربيع الشاعر وليال بو موسى عن قضاء البترون، جهاد فرح وسمعان بشواتي عن قضاء الكورة، وميشال دويهي وجيستال سمعان وشادن الضعيف عن قضاء زغرتا. ويتردّد أن مجموعة «مواطنون ومواطنات» بصدد تأليف لائحة معارضة جديدة.
الجدير ذكره هنا، هو أنّ هذه الدائرة لم تشذّ عن بقيّة الدوائر في الخلاف الذي وقع بين المجموعات المعارضة بسبب مشاركة حزب «الكتائب» في اللوائح المعارضة، الأمر الذي انعكس انقساماً في الجبهة المعارضة وحال دون توحّدها وتقديمها مشروعاً واحداً. وها هو ترشيح سامر سعادة في الساعات الأخيرة قبل إقفال صناديق الاقتراع، بعد الخلاف الذي وقع بينه وبين قيادة الحزب على خلفية ترشيح مجد حرب، يزيد من حراجة الموقف الكتائبي الانتخابي في هذه الدائرة.
هذا يعني أنّ ثمة ثمانية حواصل شبه مضمونة لتكون المعركة على حاصلين «فلتانين» ستتحكم لعبة الكسور بهما، والأرجح أنّ مقعدي الكورة هما الحلقة الأضعف بين بقية المقاعد: فـ»القوات» ستجهد لتحصين قضاء بشري، وأولوية «المردة» ستكون لقضاء زغرتا، فيما «التيار» لن يسمح بإسقاط جبران باسيل. وعليه، فإنّ هوية مقعدين من أصل ثلاثة مقاعد في الكورة، ستترك للحظات الأخيرة من فتح صناديق الاقتراع.