لا يكاد يمر يوم على لبنان إلا ويكون صبحه ومساه نارا ودخانا وأنينا مصدره جنوبه الواقع تحت رحمة العدو الإسرائيلي وتهديدات قادته بالويل والثبور وعظائم الأمور حتى ليكاد المواطن الصامد في منزله، يتوقع ألا يطلع الفجر عليه.
حالة من القلق والفزع تصيب كل مقيم هناك، ناهيك عن منخفض أطلقت عليه مصلحة الأرصاد الجوية اسم «حيان»، وهو قطبي المنشأ ومثلج على المرتفعات وغزير المطر، مصحوب بعواصف رعدية ورياح شديدة.
هذا الوضع مع كل تداعياته يتلازم مع الأزمة الرئاسية المستعصية التي تشبه لعبة
الـ«بزل»، يقال إن حلها مربوط بانتهاء الحرب على غزة وهو ما يثير امتعاض اللبنانيين، وتعمل «المجموعة الخماسية» المؤلفة من الولايات المتحدة وفرنسا والسعودية ومصر وقطر، على فك هذه العقدة بالتفاهم مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، والأمل في أن يكون اجتماع «الخماسية» المتوقع الشهر المقبل دسما، لأن ما سيلي المعارك هو تفاهمات حول أكثر من ملف، تحتاج إلى توقيع رئيس الجمهورية لا حكومة تصريف الأعمال.
لذا، تأخذ اتصالات سفراء «المجموعة الخماسية» وبالتحديد تحرك سفير المملكة العربية السعودية وليد بخاري أهمية مضاعفة، وما الاجتماع المقبل مع رئيس مجلس النواب نبيه بري إلا متابعة لما يجب البناء عليه لتحقيق الهدف الأول تخفيض حرارة نار الجنوب بشتاء فبراير.
وفي هذا السياق، يكبر الشوق لدى الكثير من الناس في مجالسهم لمعرفة من هو الأكثر حظا لحمل لقب «فخامة الرئيس»، فيما «الخماسية» لم تتبن أي اسم، ولو أن الأعضاء يطرحون فيما بينهم من لا يذاع سره وكلهم في الترشح سواء.
وفي المواقف من الملف الرئاسي، قال البطريرك الماروني بشارة الراعي في عظة الأحد أمس: «كم يؤسفنا ان نرى شعبنا في حالة الذل والفقر والتقهقر الاقتصادي، ولا عجب فدولتنا المبتورة الرأس أصبحت بمقدراتها الكبيرة فريسة الفاسدين المعتدين عليها والعاملين بكل وسعهم على عدم انتخاب رئيس للجمهورية، لكي يخلو لهم الجو والوقت الطويل لقضم مالها ومؤسساتها وإشاعة حالة من الفوضى تسمح للنافذين بتمرير ما هو غير شرعي».
ولفت إلى ان أهالي القرى الحدودية يكتبون إلينا: «نعيش ضغوط الحرب النفسية وتسحق أعصابنا أهوال الغارات اليومية وأصوات القذائف المدوية».
وأضاف الراعي ناقلا عنهم: «بإمكانكم أن تتصوروا مدى الفشل والفوضى والإخفاق والقلق الذي يترتب على هذا الواقع المرير، وتداعياته على المستقبل التعليمي والنفسي لأولادنا.. ويضيفون: اسمحوا لي أقولها بالفم الملآن – ليس تخليا عن القضايا الوطنية ولا العربية، بل انطلاقا من صدقي مع ذاتي – أرفض أن أكون وأفراد أسرتي رهائن ودروعا بشرية وكبش محرقة لسياسات لبنانية فاشلة، ولثقافة الموت التي لم تجر على بلادنا سوى الانتصارات الوهمية والهزائم المخزية».
وقال رئيس «تكتل بعلبك الهرمل» النائب حسين الحاج حسن في موضوع الرئاسة، خلال احتفال تأبيني، إن «الأزمة سياسية وليست دستورية، وليس أمامنا سوى الحوار لنصل إلى حلول لكل أزماتنا السياسية والاقتصادية والمعيشية».
وبالتعريج على ملف الموازنة، أكد موظفو الإدارة العامة، في أول تحرك ارتدادي بعد إقرارها، موعد إضرابهم المقرر يوم غد، ما يعني أن الإدارات العامة ستتوقف عن العمل بدءا من الـ 30 من يناير والى ما بعد عيد مار مارون في التاسع من فبراير.
إلى ذلك، علت الضجة في لبنان بعد قرار أميركا وحلفائها التعليق المؤقت لتمويل منظمة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «أونروا»، حيث ان لبنان معني مباشرة لما لذلك من تداعيات على عملها في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين على أراضيه. وعلم انه تتم اتصالات ولقاءات لتحركات استنكارية ضاغطة للعودة عن القرار.
ميدانيا، أعلن الجيش الإسرائيلي أن جنود الاحتياط فيه أجروا تدريبات مكثفة على الحدود مع لبنان في إطار الجهود لتحسين الاستعداد القتالي وسط التصعيد في المنطقة.
ونقلت وسائل إعلام عن بيان للجيش الإسرائيلي أن «القيادة الشمالية أجرت مناورات مكثفة لتحسين الاستعداد للعمليات القتالية على الحدود الشمالية. وفي إطار البرامج التدريبية الأخيرة للكتائب الاحتياطية على الجبهة الشمالية، تم تدريب جنود من اللواء الشمالي المحمول جوا (اللواء 226) والمقاتلين وأجرت قوات الهندسة مناورات تدريبية».
وأشار إلى أن التدريبات تمت لإعداد القوات «للقتال في المناطق المدنية ذات الكثافة السكانية العالية، وفي الظروف الجوية الشتوية وفي التضاريس الشمالية».
وفي السياق، قصفت «مسيرة» إسرائيلية مؤسسة تجارية عند مثلث طير حرفا – الجبين جنوبي لبنان مما أدى إلى تضررها بشكل كبير مع مؤسسات مجاورة.
وأكدت مصادر أمنية لبنانية لوكالة أنباء «شينخوا» الصينية أن المسيرات والطائرات الحربية الإسرائيلية بدأت تستهدف في غاراتها اليومية الكثير من المؤسسات التجارية وبشكل خاص التموينية منها.
وفي المقابل، أعلن الإعلام الحربي في حزب الله، استهداف انتشار لجنود العدو الإسرائيلي في ثكنة راميم ومحيطها، وتجمع آخر شرقي موقع بركة ريشا بالأسلحة الصاروخية وأنه حقق إصابات مباشرة في الموقعين.