المعطى المستجد هو إعلان رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل إجرائه حواراً مع «حزب الله»، مقروناً بطرحه سلة مطالب كبرى لانتخاب رئيس «تيار المرده» سليمان فرنجية، وأبرزها إقرار اللامركزية الإدارية الموسعة والمالية والصندوق الإئتماني.
وتبدو هذه المطالب شبه تعجيزية، وقد رأى فيها باسيل مهرباً من كسر الجرّة نهائياً مع «حزب الله»، وليقول للرأي العام «إننا جربنا ولم ننجح»، في حين رأى فيها البعض الآخر إستدارة باسيلية جديدة، ويريد ايهام الرأي العام بأنه مقابل انتخاب فرنجية حصل على مكاسب ثمينة للمجتمع المسيحي.
وأياً تكن غايات باسيل، إلا أنّ معراب وبقيّة مكونات المعارضة غير مرتاحة، ولا تثق بخطوات باسيل، وهي التي تقاطعت معه في الجلسة الأخيرة على التصويت للوزير السابق جهاد أزعور كمرشح يلقى دعم المعارضة و»التيار».
ويُعتبر رئيس حزب «القوات اللبنانية» الدكتور سمير جعجع من أكثر الشخصيات الواضحة في المرحلة الأخيرة، وهو أعلن بحزم رفضه وصول مرشح «حزب الله» إلى بعبدا حتى لو كلّف الأمر تعطيل النصاب، مستنداً في موقفه إلى رفض مسيحي عارم لكيفية محاولة «الثنائي الشيعي» فرض فرنجية حتى لو سار باسيل.
وفي لعبة الأرقام والحسابات، إذا سار باسيل في إنتخاب فرنجية، وثبت الـ51 نائباً الذين صوّتوا لفرنجية على موقفهم، فيصبح مرشح «الحزب» قادراً على حصد الـ65 صوتاً، خصوصاً أنّ مسألة نائب أو نائبين يمكن تأمينهما بالترغيب أو حتى بالترهيب.
وهنا ينتقل البحث إلى لعبة تعطيل النصاب، وتعمل «القوات» التي تشكّل العمود الفقري للمعارضة على تأمين خطّ دفاع أول وثانٍ، ويتمثل خط الدفاع الأول بالقوى السيادية وبعض المستقلّين والتغييريين، وتملك «القوات» 19 نائباً يضاف إليهم 4 نواب «كتائب» و4 «تجدد»، و9 من التغييريين القريبين من الخطّ السيادي، ونواب مستقلون هم: غسان سكاف، ميشال ضاهر، نعمت افرام، جميل عبود، بلال الحشيمي، إيهاب مطر. فاذا التزموا جميعهم يصل العدد إلى عتبة الـ42 صوتاً، ويحكى عن وجود بعض النواب من كتل معارضة، وأبرزها «الإعتدال الوطني» ونواب صيدا – جزين، سيشاركون في عملية تعطيل النصاب لمنع محور «الممانعة» من فرض مرشحه.
لكن هذه الحسابات تجرى من دون الحزب التقدّمي الإشتراكي، فإذا قرّر الأخير الدخول في هذه اللعبة يرتفع العدد تلقائياً إلى 50 نائباً ويصبح التعطيل ميسراً حتى لو قرر عدد من نواب خط الدفاع الأول عدم المشاركة في لعبة التعطيل.
ويبدو رئيس الحزب التقدمي النائب تيمور جنبلاط حاسماً في هذا الموضوع، فبعد إنتخابه تقصد زيارة جعجع في معراب، ومن ثم التقى السفير السعودي وليد البخاري، ووجّه رسالة مفادها أنه لن يحيد عن الخط العربي، ولن ينتخب رئيساً لا يلبي الطموحات الداخلية ويمنح ثقة عربية، وبالتالي فـالتقدمي» لن يغطي أي جلسة لا تجسّد التوافق الداخلي ولن ينتخب رئيساً لا يتمتع بغطاء خارجي».
وإذا لم تصل إشارة اقليمية واضحة وتغطي «القوات» مسألة النصاب حتى لو لم تنتخب، فلن تشارك أيضاً كتلة «الإعتدال الوطني» حسب مصادرها بتغطية رئيس لـ»الممانعة»، في حين ما زال موقف نواب صيدا – جزين، والثلاثي التغييري الممثل بالنواب الياس جراده وسينتيا زرازير وحليمة قعقور ضبابياً، وقد لا يقدمون على تأمين النصاب.
ويبدو واضحاً عدم إمتلاك القوى الحليفة لـ»حزب الله» أكثرية الثلثين حتى لو سار باسيل بفرنجية، بينما تستطيع المعارضة فرط النصاب، ما يدل على عدم قدرة أي فريق على فرض الرئيس، واللعبة هنا ليست لعبة أرقام فقط.