بكرا لم نشوف إنو عنا مناطق بطلت موجودة، رح نتأكد إنو العدو مسحها وسواها بالتراب
بكرا لما بترجع الحياة لبرامج التلفزيون، رح يختفي عن سهراتنا، طلة غربان شي منهم تيك تيك وشي منهم تيعا تحت مسمى “محللين وخبراء”
بكرا لما منعود ع مطارحنا، رح تبطل الشمس مراية والكنار رح يبطل يصيح
بكرا لما بتزهر الالحان عن جديد ببلدنا، رح تبقى لسنين ريحة الموت اللي خلفها الدمار وتضحيات الأبرياء
بكرا لما منكتشف إنو مات الضمير، رح يبقى السواد بالذاكرة
بكرا لما كل محلل باحث عن الشهرة والمال يرجع ع مزبلتو، رح ترتاح الناس من الاطروحات الهمايونية
بكرا لما يصير الوقت مرة بالاسبوع، رح نرتاح شوي من “مرسال”
بكرا لما بيوقق المدفع، رح نرجع ندفن موتانا، اللي بعدهم ضايعين ع بواب السما
بكرا لما بترجع العصفورة لتغرد بالقرميد، رح تلاقي القرميد اختفى
بكرا لما منرجع ع تراب الجنوب لندفن عصافيرو الأبرياء اللي استشهدو، رح نصدق إنهم كانو عم يلعبو وخطفهم النسر وطار
بكرا لما منشوف الناس راجعة ع بيوتها اللي بطلت موجودة، رح نعرف انو روما وحش الحضارة الما بيشبع
بكرا لما نستفقد “يوسف الكندرجي” و”صبحي” بياع الكاز، رح نلاقيهم بطلو معنا
بكرا لما نستعيد سهراتنا مع طير الفينيق، رح نتفاجىء إنو ياما فيه وجوه اختفت منها
بكرا لما نبلش نترجى شبابنا اللي هاجر ليرجع، رح نعرف حجم الخطية اللي ارتكبناها لأنو ما منسمع لبعض، وما منراعي احلام ومخاوف بعض ببناء دولة ووطن
بكرا لما بيأخذ النازح محلنا ولقمتنا، يمكن نعرف قيمة بعضنا وقيمة وطننا
بكرا لما بتخلص الحرب، رح نعرف فداحة ما اقترفته ايدينا
بكرا لما بتوقف الغارات والمعارك، رح نتأكد إنو كل حدا او شي راح ما بقى يرجع
بكرا لما نشوف كتار صارو فوق الريح بسبب مآسينا، رح نلاقي من تاني ميل كتار كانو كبار صارو كتير صغار
بكرا لما بتوقف مأساتنا، حِلِمْنا ننسى اسامي كل اللي وصلونا ع المطرح اللي نحن فيه اليوم
بكرا لما نروح تنصَلي للي فارقونا، رح ينشف كل الدمع من عيوننا
بكرا لما منودع صوت صليات الصواريخ، قولكم قديه رح بكون بعد باقي منا؟
بكرا كيف رح نواسي الأم اللي فقدت ولادها، والولاد اللي فقدو أهاليهم، والزوجة اللي ودعت حبيب قلبها، والجار اللي خسر جيرانو، والخي اللي خسر إختو ورفقاتو، والأمل اللي اندفن مع الحرية؟
آه منك يا البكرا!
بكرا البكي، لما بتختفي الغيوم. وبتنبت الارض ركام، ومنعرف حجم الدمار اللي غَرَقنا وطننا فيه، بسبب جنون العظمة وبسبب مصالح دول خارجية بتعرف كيف تجنب ارضها الحرب، وبتعرف كيف تنقل صراعتها وحروبها لعنا وعَ دمنا، وقتها الحسرة والبكي رح يبطلو ينفعو، خصوصاً إنو نحن لا تعلمنا من التاريخ ولا رح نتعلم من الحاضر، إنو اللي ولاؤو للخارج ما بتصب أفعالو الا بمصلحة الخارج، بوقت كل دول الشرق صارت عم تسعى بس للسلام وللانماء ولتطور شعوبها.
