وعلى هذا المنوال، من المستبعد أن تلقى دعوة بري قبولاً من أفرقاء المعارضة خصوصاً أنهم سبق ورفضوا دعوة الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان لعقد “طاولة عمل” أو للرد على أسئلته حول مواصفات رئيس الجمهورية وأولويات عهده، مكتفين بالمواصفات التي حددتها اللجنة الخماسية في اجتماعها الأخير في الدوحة.
وبعدما لفتت مصادر قريبة من الثنائي الشيعي إلى أنه “يجدر بالمعارضة تلقّف عرض رئيس المجلس الذي جاء محدداً في الزمان والمكان إذا كانت تريد المساهمة فعلاً في إنهاء الشغور الرئاسي”، فإن أولى الردود على هذا الطرح وردت من القوات اللبنانية التي رفضت “منطق المقايضة بين الحوار والانتخاب على طريقة أعطوني حواراً وخذوا جلسات انتخاب”، واعتبرت “أن المطلوب هو تطبيق الدستور الذي ينص على جلسات انتخابية مفتوحة، وعلى الرئيس بري تطبيق ما يقوله الدستور، وليس انتزاع حوار عن طريق الابتزاز”، منبّهة إلى “أن الخطورة الكبرى تكمن في تكريس عرف جديد على حساب الدستور وفحواه تحويل الحوار إلى مدخل للانتخابات الرئاسية”. ورأت القوات “أن إقرار الرئيس بري بالجلسات المتتالية كان يجب حصوله ضمن المهلة الدستورية تجنباً للشغور الرئاسي، والمهلة لم توضع لتُخرَق، إنما ليتم الالتزام بها”، سائلة “هل اشترطت المعارضة الحوار قبل انتخاب رئيس لمجلس النواب؟ ولماذا ما يصح في انتخاب رئيس المجلس لا يصح في انتخاب رئيس للجمهورية؟”.
وفي انتظار ما سيعلنه رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع في ذكرى “شهداء المقاومة اللبنانية”، في معراب الأحد، حيث يتوقع أن يكون خطابه عالي النبرة، فإن عضو “تكتل الجمهورية القوية” النائبة ستريدا جعجع قالت “إن موقف الرئيس بري الذي يصرّ على أنه لن يدعو إلى جلسة انتخاب للرئيس إن لم يحصل توافق مسبق، هو بحد ذاته مخالفة دستورية كبيرة، إذ إن الدستور لا ينص على التوافق وإنما على الانتخاب، فضلاً عن أنه يعد فصلاً جديداً من فصول محاولة فريق من اللبنانيين فرض إرادته على الآخرين تارةً بالقوّة وتارةً بسوء استخدام السلطة”.
وفي المواقف، ردّ رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل على دعوة بري قائلاً “اقتراح عقد جلسات متتالية لانتخاب رئيس شرط مشاركتنا بالحوار هو إقرار بأنك كنت تخالف الدستور عمداً وأن كل الحجج التي كنت تتذرّع بها ساقطة”، وأضاف “تطبيق الدستور ليس ورقة ابتزاز سياسي والمجلس النيابي ليس ملكك. هو ملك الشعب اللبناني”.
من ناحيته، رأى النائب أشرف ريفي أن “أي خطوة لا ينص عليها الدستور لانتخاب الرئيس مرفوضة و”لا في حوار قبل ولا حوار بعد”.
أما رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الذي لم يسلم تياره من انتقادات بري فقال “كان شرطنا للمشاركة في الحوار أن يُفضي إلى توافق أو تنافس ديمقراطي، وما سمعناه من رئيس المجلس جيد وإيجابي، وإذا “كان هيك” ان شاء الله سيكون لدينا رئيس في شهر أيلول/سبتمبر”.
ولم يغب الاستحقاق الرئاسي عن لقاءات وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، الذي زار رئيس مجلس النواب في عين التينة، وأمين عام حزب الله حسن نصرالله، ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي، ووزير الخارجية عبد الله بو حبيب.
ومن الخارجية قال عبد اللهيان “لا شك أن إيران ترفض التدخل الأجنبي في شؤون الدول الأخرى ولبنان من ضمنها، وموضوع انتخاب رئيس للجمهورية هو شأن داخلي لبناني ونحن واثقون أن القادة اللبنانيين يملكون الكفاءة والحكمة اللازمة من أجل التوصل إلى اتفاق لحسم ملف انتخاب رئيس للجمهورية اللبنانية. ولا شك أنه بإمكان الأطراف الخارجية والفاعلين الدوليين دعم مسار المشاورات والمحادثات بين القوى اللبنانية. وفي هذا الصدد نحن اليوم في بيروت لنعلن وبصوت عالٍ أن الجمهورية الإسلامية ستستمر في دعمها القوي للبنان شعباً وجيشاً وحكومة ومقاومة وهي لا تريد للبنان سوى الخير”. وختم بدعوة “المسؤولين والأحزاب والقوى السياسية اللبنانية لتسريع وتيرة التوصل إلى اتفاق لانتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل الحكومة”.
على صعيد آخر، استمرت القراءات لقرار مجلس الأمن الدولي التمديد لقوات “اليونيفيل” في جنوب لبنان مع الإقرار بحرية حركتها ولو تم الأخذ بعبارة اقترحتها السلطات اللبنانية بأن يتم التنسيق مع الحكومة اللبنانية. وأكد وزير الخارجية عبد الله بوحبيب “أن قرارات الامم المتحدة ملزمة للبنان ونقبل القرار الأخير الصادر عنها، وهمنا هو الاستقرار والسلام في الجنوب”، واعتبر “أن القرار المتخذ في العام الماضي هو قرار فصل سابع مقنّع، وأردنا أن نعود إلى الفصل السادس القائل بالتعاون بين الدولة المضيفة والقوة الدولية. لذا تقدمنا بصيغة تنص على التنسيق مع الدولة اللبنانية”.
وقال بو حبيب “لم نحصل على ما أردناه ولم يتم اعتماد هذه الصيغة لأن الاقتراح اللبناني جوبه بمعارضة الدول، بينما نال موافقة روسيا والصين فقط. وكان القرار في العام الماضي ينص على الحرية المطلقة، أما اليوم فجرى التعديل في القرار الجديد 2695 بحيث بقيت الحرية المطلقة، لكن مع تطبيق اتفاقية المقر التي تنص على التعاون مع الدولة المضيفة”.
وعن التأخير الناتج عن تغيير مسودة القرار الصادرة بالنسخة الزرقاء، قال: “إن هذه النسخة بالإجمال تعتبر نهائية لكن حامل القلم أي فرنسا، عدّل بالنسخة المطبوعة بالخط الأزرق لئلا يُستعمل أي فيتو ضد القرار ولئلا يعني ذلك انتهاء مهمة اليونيفيل”. وأوضح “أن الجيش اللبناني لا يرافق كل دورية لليونيفيل، بل يرافق الدوريات المتفق عليها مسبقاً في بعض القرى”، لافتاً إلى “أن اليونيفيل تصرفت في العام الماضي وكأنها لم تغيّر قواعد اللعبة أبداً وهذا يسجل لها”.
وعن الوجود الإسرائيلي في الشطر الشمالي من الغجر، أوضح “أن خراج بلدة الماري لبنانية، علماً أن الغجر سورية، والقضم بدأ بغطاء إسرائيلي لمواطنين يحملون الآن الجنسية الإسرائيلية”، نافياً أن يكون قد بحث هذه المسألة مع الموفد الأمريكي آموس هوكشتاين “بل بحثنا معه في تثبيت الحدود التي حددت في عام 1949 ووعدنا هوكشتاين ببحث هذا الأمر مع الإسرائيليين، واذا وافقوا فإن بلاده ستسهّل هذا الموضوع”، وختم مبدياً خشيته من “نزوح اقتصادي جديد من سوريا إلى لبنان نظراً للوضع الاقتصادي هناك”.