فيما تتكثف المساعي لعقد جلسة جديدة لمجلس الوزراء قبل نهاية هذه السنة، تؤول الى تعيين رئيس لأركان الجيش اللبناني، إضافة إلى سد الشواغر في المجلس العسكري الأعلى، سلط رئيس مجلس النواب نبيه بري الضوء على ملف الاستحقاق الرئاسي الذي ضاع في متاهة الأحداث والتطورات المحلية والإقليمية، مؤكدا، عبر تصريح له أمس، على أولوية تحريك هذا الاستحقاق باتجاه بلورة مخرج توافقي يفضي إلى انتخاب رئيس للجمهورية، في خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وبدءا من مطلع العام الجديد.
وقال بري لصحيفة «الجمهورية»: «كلما تأخرنا بالتوافق الذي لابد منه لانتخاب رئيس تزداد التعقيدات وتتفاقم الأضرار حيث لم يعد جائزا، على الإطلاق، وفي الظروف الصعبة التي تعيشها المنطقة ومن ضمنها لبنان إبقاء هذا الملف في مربع النكايات والشروط التعطيلية».
والراهن ان الحراك الداخلي الذي يدعو إليه بري لا يمكن التعويل عليه في ضوء التجربة والاختبار، ومن هنا يتجدد الرهان على «المجموعة الخماسية» التي تضم: أميركا والسعودية وفرنسا ومصر وقطر، وقد نقل عن الفرنسيين عزمهم إطلاق موجة اتصالات أكثر زخما.
من جهته، قال رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، في بيان: «إذا كان الرئيس نبيه بري يريد الوصول إلى انتخاب رئيس جديد للجمهورية عن طريق التوافق فنحن على أتم الاستعداد لذلك، ولكن التوافق يكون على غرار ما حصل في موضوع تمديد سن التقاعد لقائد الجيش، والمدير العام لقوى الأمن الداخلي، ولا يكون إلا من خلال الاتصالات الجانبية الهادئة، وليس عبر طاولة حوار استعراضية شهدنا الكثير منها في السنوات الـ 15 الأخيرة والتي لم تؤت يوما ثمرة واحدة».
وختم: «إذا كان الرئيس بري يريد التوافق على رئيس جمهورية، رئيس جمهورية فعلي، فالطريقة الوحيدة للوصول إلى هذا التوافق تكون، إذاً بالمشاورات الجانبية».
على أي حال، فإن أجواء «الخماسية الدولية – العربية» تستبعد انتخاب رئيس للبنان قبل البت بالوضع العسكري السائد في الجنوب، وربما يختلف الوضع إذا حصلت هدنة طويلة في غزة، تنعكس على لبنان، وتحدثت المصادر المتابعة عن نوايا إسرائيلية بمد الحرب من جنوب الليطاني إلى المخيمات الفلسطينية، بهدف تحريك بعض الأطراف اللبنانية ضد التواجد الفلسطيني المسلح.
وعلى المستوى السياسي الداخلي برز تصريح رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، عقب زيارته متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران إلياس عودة، مهنئا بعيدي الميلاد ورأس السنة، لدى سؤاله عن تعيين رئيس للأركان والمجلس العسكري، أجاب: «حاولت في كل هذه المرحلة جاهدا ان أكون بعيدا عن أي سجال إعلامي، ولا أريد أن أدخل بأي سجال حول هذا الموضوع لأن العبر هي في خواتيمها والخواتيم لغاية الآن جيدة، وسأظل على مبدئي بعدم الدخول في أي سجال إعلامي مع احد على رغم كل ما يقال. ولقد قلت وأكرر بأن هناك أمرا يتعلق بصلاحيات رئيس الوزراء ومقامه ولا أقبل ان يتعرض أحد له بأي شكل من الأشكال».
وفي الأثناء، استقبل رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وزير الدفاع الوطني موريس سليم يرافقه وزير الثقافة محمد وسام المرتضى أمس في السراي الحكومي وهو أول لقاء بينهما بعد سوء التفاهم الذي حصل بينهما حول التعيينات العسكرية.
وخلال الاجتماع، أوضح الوزير سليم موقفه وعبر عن أسفه لسوء التفاهم الذي حصل، مؤكدا احترامه الأكيد لمقام رئاسة مجلس الوزراء وتقديره للرئيس ميقاتي وموقعه.
وتم البحث في الأوضاع العامة لاسيما الوضع جنوبا ووجوب التعاون ببن الجميع على تحصين الوضع الداخلي وعلى انتظام عمل المؤسسة العسكرية وفقا للقوانين والأنظمة والأعراف.
وبعد الاجتماع، قال الوزير سليم: لقد كان اللقاء مفعما بجو الأخوة والصراحة والمودة، والاحترام المتبادل القائم بيننا على الدوام.
وتداولنا في اللقاء شؤون مؤسسات وزارة الدفاع الوطني، وكل ما يتعلق بأوضاعها لاسيما موضوع الشواغر في بعض المواقع العسكرية. وأوضحت لدولة الرئيس أن شؤون المؤسسة العسكرية هي من أول اهتماماتي على الدوام، واني الأدرى بشعابها وبما يصب في مصلحتها والمصلحة الوطنية. تناقشنا انا ودولة الرئيس في بعض التفاصيل واتفقنا على أن هذا المسار سيستمر لمعالجة كل ما من شأنه ان يحصن المؤسسة العسكرية، وأن يصب في خدمة الوطن وسلامته، وأن يقوم الجيش بلعب دوره كما هو على الدوام.
إلى ذلك، ينتظر ان تصل إلى بيروت السفيرة الأميركية الجديدة ليزا جونسون لتكون قائما بالأعمال الى حين انتخاب رئيس للجمهورية تقدم له أوراق اعتمادها.
السفيرة الأميركية الحالية دوروثي شيا زارت بكركي مودعة، امس، وكذلك رئيس الحكومة نجيب ميقاتي.
ميدانيا، الجبهة الجنوبية لم تهدأ، واستمر التراشق المدفعي والصاروخي بين «حزب الله» وقوات الاحتلال الإسرائيلي، وقد تركز القصف الإسرائيلي على أطراف طيرحرفا واللبونة، وأطلقت الطائرات الحربية الإسرائيلية 3 صواريخ على منازل في كفركلا ووادي السلوقي وظهر المغارة، وتوسع قصف الطائرات المعادية وصولا الى منطقة إقليم التفاح، الواقعة خارج نطاق القرار 1701 والبعيدة عن مجال قواعد الاشتباك، وألقت صواريخ جو – أرض في أحراج جباع وكفرملكي، كما عثر على صاروخ غير منفجر في وادي بسري، الفاصل عن بلدة بسابا الشوف، وقصف الإسرائيليون منزلا في بلدة مركبا في القطاع الشرقي.
وقد نعى «حزب الله» أحد عناصره إبراهيم رسلان وزفه شهيدا «على طريق القدس». وأعلن الحزب عن قصفه مستعمرة كرياتشمونة بصلية من صواريخ «كاتيوشا».
وسجل الحزب إطلاق صواريخ أرض – جو ضد مروحيات إسرائيلية شاركت بالقصف، في حين أغلقت إسرائيل 3 مستوطنات إضافية على الحدود مع لبنان.
نائب الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم قال ان توسع رقعة المواجهة مع إسرائيل احتمال وارد «لكن لا نستطيع أن نشخص الظروف أو الحالة التي تؤدي إلى هذا التوسع»، في حين اعتبر الشيخ نبيل قاووق، عضو المجلس المركزي للحزب، أن قرار «المقاومة» هو الرد السريع والحاسم من دون تردد او تأخير حال استهداف المدنيين في لبنان.
وعن التهديدات الإسرائيلية، قال قاووق: انها لطمأنة المستوطنين النازحين لكن المستوطنين قالوا لهم ان «اليد العليا على الحدود هي للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله».