في اللحظة التي ظن فيها العالم أن وقف إطلاق الناربين إسرائيل وإيران قد بدأ يلتقط أنفاسه، دوّت انفجارات جديدة في سماء العاصمة الإيرانية طهران، لتكشف عن هشاشة التفاهمات السريعة في منطقة تعيش على وقع الاضطرابات منذ سنين.
ساعات فقط فصلت بين إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، وقف إطلاق النار، وبين اقلاع الطائرات الإسرائيلية لشن هجوم جديد على مواقع بالقرب من طهران، في مشهد سبب خيبة أمل كبيرة للرئيس الأميركي الذي وجد نفسه مضطرا لمخاطبة نتنياهو علنا: “أعيدوا طيّاريكم إلى ديارهم الآن”.
ورغم إعلان ترامب أن إسرائيل ألغت الهجوم استجابة لطلبه، أفادت وسائل إعلام إيرانية وإسرائيلية بشن غارات جوية إسرائيلية جديدة على إيران، الثلاثاء.
وأفادت وكالة ميزان التابعة للسلطة القضائية بسماع دوي انفجارين في العاصمة. وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن إسرائيل قصفت أحد مواقع أنظمة الرادارات الإيرانية بالقرب من طهران.
وجاءت الغارات بعد دقائق من إعلان ترامب أن إسرائيل ألغت هجومها استجابة لأمر منه.
وقال ترامب في منشور على تروث سوشيال “ستحول جميع الطائرات اتجاهها وتعود إلى قواعدها مع إرسال رسالة بشكل ودي لإيران. لن يتضرر أحد، فوقف إطلاق النار ساري المفعول!”.
كان ترامب قد اتهم في وقت سابق كلا من إسرائيل وإيران بانتهاك وقف إطلاق النار، وعبر عن إحباطه الشديد من إسرائيل التي أعلنت شن ضربات جديدة وكبيرة على طهران.
وكتب ترامب على تروث سوشيال بعد وقت قصير من مغادرة البيت الأبيض لحضور قمة حلف شمال الأطلسي في لاهاي “إلى إسرائيل. لا تسقطوا تلك القنابل. إذا فعلتم ذلك، فسيكون ذلك انتهاكا جسيما. أعيدوا طياريكم إلى دياركم الآن!”
وقبل صعوده إلى الطائرة، قال ترامب لصحفيين إنه “غير راض” عن أيٍ من الجانبين لانتهاكهما الهدنة، خاصة إسرائيل التي قال إنها شنت غارات جوية مكثفة ردا على إطلاق صاروخ واحد ربما كان غير مقصود.
وقال لدى مغادرته البيت الأبيض “يجب أن أجعل إسرائيل تهدأ الآن”.
وقال قبل أن يبتعد عن الكاميرات ويتجه إلى طائرته الهليكوبتر إن إيران وإسرائيل تتقاتلان “منذ فترة طويلة وبشدة لدرجة أنهما لا تعرفان ما تفعلانه”.
وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن ترامب تحدث هاتفيا مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وقال مراسل لموقع أكسيوس إن نتنياهو أبلغ ترامب بأن إسرائيل ستقلص حجم القصف بدلا من إلغائه.
كان وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس قد قال في وقت سابقٍ من اليوم إنه أصدر توجيهات للجيش بشن ضربات جديدة على أهداف في طهران ردا على ما قال إنها صواريخ إيرانية أطلقت في “انتهاك صارخ” لوقف إطلاق النار.
ونفت إيران إطلاق صواريخ، وقالت إن الهجمات الإسرائيلية استمرت لساعة ونصف الساعة بعد الوقت الذي كان من المفترض أن يبدأ فيه وقف إطلاق النار.
ودوت انفجارات في طهران الثلاثاء. وأفاد شاهدان في العاصمة الإيرانية تواصلت معهما رويترز أنهما سمعا دوي انفجارين قويين. وذكرت إذاعة الجيش الإسرائيلي أن إسرائيل ضربت موقع رادار بالقرب من طهران.
وأعلن مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن إسرائيل لم تنفذ أي غارات أخرى بعد أن تحدث نتنياهو مع ترامب.
ارتياح رغم الانتهاكات
وعلى الرغم من التقارير الأولية عن الانتهاكات، ساد شعور ملموس بالارتياح في كلا البلدين بعد الإعلان عن مسار لوقف الحرب بعد 12 يوما من شن إسرائيل هجوما مفاجئا على إيران وبعد يومين من انضمام ترامب إلى الهجوم على أهداف نووية إيرانية.
وقال رضا شريفي (38 عاما)، الذي كان عائدا إلى طهران من منطقة رشت الواقعة على بحر قزوين حيث انتقل مع عائلته هربا من الهجمات على العاصمة، لرويترز عبر الهاتف “نحن سعداء.. سعداء للغاية. من توسط أو كيف حدث ذلك لا يهم. انتهت الحرب. ما كان ينبغي أن تبدأ من الأساس”.
وقال مهندس البرمجيات أريك دايمانت في تل أبيب “للأسف، الوقت تأخر بالنسبة لي ولعائلتي، لأن منزلنا هنا دمر بالكامل في قصف يوم الأحد. ولكن كما يقال.. أن تأتي متأخرا خير من ألا تأتي أبدا.. وآمل أن يكون وقف إطلاق النار بداية جديدة”.
وأعلن ترامب وقف إطلاق النار في منشور على تروث سوشيال قائلا “وقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ. من فضلكم لا تنتهكوه”.
وشنت إسرائيل هجوما مفاجئا في 13 يونيو حزيران استهدفت خلاله مواقع نووية إيرانية وقتلت قادة عسكريين كبارا في أسوأ تهديد تواجهه الجمهورية الإسلامية منذ الحرب مع العراق في ثمانينيات القرن الماضي.
وأعلنت إسرائيل استعدادها للإطاحة بحكام إيران الدينيين إذا لزم الأمر لتحقيق أهدافها. وتقول إيران إن برنامجها النووي لأغراض سلمية وتنفي السعي إلى تطوير أسلحة نووية.
ويقول مسؤولون إيرانيون إن مئات الأشخاص قتلوا في غارات جوية.
وأدت الهجمات الصاروخية الإيرانية إلى مقتل 28 شخصا في إسرائيل، وهي المرة الأولى التي تخترق فيها أعداد كبيرة من الصواريخ الإيرانية الدفاعات الإسرائيلية.