وفي ظل تراشق الاتهامات، قرر رئيس الحكومة رفض استقبال الباخرة وردها والادعاء على وزير الطاقة، في حين اعتبر فياض أن “رد باخرة الفيول من قبل ميقاتي يشكّل خسارة جولة في مسار تنفيذ خطة الطوارئ للكهرباء لا سيّما أن كلفة المولدات الخاصة هي أعلى كلفة”، مشدّداً على أن “مناقصة الباخرة الراسية في البحر تمّت بموافقة هيئة الشراء العام”.
ولكن يبدو أن لبنان لن يضطر إلى تسديد غرامات هذه المرة، “لأن الوزير اتفق مع المورد على هذا الأمر كما أن أسعار الفيول ارتفعت عن السعر الذي اشترت الوزارة على أساسه الشحنة فتم تعويض أية خسارة محتملة”.
تراجع ميقاتي
ووفق المعلومات فإنه وبعد إعلان ميقاتي أمام مجلس الوزراء وجود شبهات سمسرات في صفقة بواخر الفيول والغاز أويل، وأنه بصدد الادعاء على الوزير أمام القضاء، عاد الأخير وتراجع عن خطوته بعد وساطة قام بها وزير الاشغال علي حمية التابع لـ “حزب الله”، حيث أعرب ميقاتي عن رغبته بتجاوز “خطأ” فياض بأنه لم ينتظر قرار اللجنة البتّ في صفقة البواخر، في حين أصر فياض على أن “خطأ” ميقاتي تمثّل في الامتناع عن دعوة اللجنة إلى اجتماع للبتّ في الصفقة.
وردّ فياض على هذا الادّعاء طالباً عرض الدلائل ولافتاً إلى أن “عملية الشراء جرت في مناقصة عامة بإشراف هيئة الشراء العام، وقد تمّ إلغاء النتيجة في المرة الأولى بسبب ارتفاع السعر، ثم أعيدت المناقصة مرّة ثانية.
ابتزاز التيار
من ناحية أخرى، تشير مصادر في التيار الوطني الحر، إلى أن القضية ليست سوى ابتزاز سياسي للوزير المقرب من رئيس التيار جبران باسيل، معتبرةً أن ميقاتي الذي وافق في شهر مارس (آذار) الماضي في مجلس الوزراء على فتح اعتمادات بقيمة 300 مليون دولار لاستيراد الفيول، ضمن الخطة التي توافقت عليها وزارة الطاقة مع مجلس الوزراء.
وبرأيه فإن ميقاتي يحاول التنصل من مسؤولياته في ظل قرار حاكم مصرف لبنان وسيم منصوري، التوقف عن تمويل الدولة ومن ضمنها قرار مجلس الوزراء القاضي بتحويل أموال الوزارة من الليرة اللبنانية إلى الدولار، ورميها على عاتق وزير الطاقة ومحاولة إلصاقها بالتيار الوطني الحر الذي تحمل مسؤولية تلك الوزارة على مدار السنوات الماضية.
في المقابل، يرفض مصدر مقرب من ميقاتي ادعاءات التيار، مؤكداً أن وزير الطاقة تصرف من دون العودة إلى مجلس الوزراء ومن دون انتظار اجتماع اللجنة الوزارية الخاصة بقطاع الكهرباء التي تناقش ملف الكهرباء.
خطأ غير مقصود
وكانت اللجنة الوزارية قد استمعت إلى عرض المدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان بشأن وضعية المحروقات والوضع المالي للمؤسسة، إضافة إلى وضعية الشبكة الكهربائية وتطور اسعار المحروقات ومخزونها وبرنامج دخول شحنات المحروقات واتفاقية التبادل العراقية.
وبنتيجة المناقشات والمداولات، وفي ضوء ثبوت عدم استحصال وزير الطاقة على موافقة اللجنة الواضحة والصريحة والمسبقة على شراء الفيول والغاز أويل، أوضح الوزير أن هذا الأمر كان خطأ غير مقصود، وبعد أن كانت اللجنة تستهدف من خلال طلب عرض الموضوع عليها التحقق أولاً من حسن تنفيذ خطة الكهرباء، والتأكيد ثانياً من توافر الاعتمادات المطلوبة، وبعد أن تحققت اللجنة فعلاً من تطور مراحل تنفيذ خطة الكهرباء على النحو الذي عرضه المدير العام لمؤسسة كهرباء لبنان تقرر عرض الموضوع برمته على أول جلسة لمجلس الوزراء للبحث في المسألة المعروضة، أي البت في نتائج عدم استحصال الوزير على موافقة اللجنة الواضحة والصريحة، والبحث استطراداً، أي في حال تجاوز الخطأ غير المقصود مع الجهات المعنية، لا سيما وزارة المالية ومصرف لبنان، في مدى إمكانية توفير تغطية بالدولار الأميركي للاعتمادات المطلوب فتحها.
“مافيا” الفيول
ويرى المحامي أمين بشير، أن موضوع الكهرباء بات أداة لابتزاز الشعب اللبناني وسرقته بطريقة موصوفة من قبل المافيا الحاكمة، كاشفاً أنه منذ سنوات والسمسرات باتت واضحة بالدلائل والوثائق والأخبار الموثقة إلا أن القضاء لا يتحرك، معتبراً أن صفقة استقدام البواخر لتوليد الكهرباء وصفقات شراء الفيول باتت وسيلة للسمسرة وتمويل الأحزاب على حساب المال العام.
وذكّر بإحدى الصفقات التي كانت قيمتها بحدود 30 مليون دولار في حكومة نجيب ميقاتي عام 2010 وكان جبران باسيل وزيراً للطاقة، حيث نشب خلاف حينها بين ميقاتي وباسيل على سعرها الذي تغير فجأة إلى 20 مليون دولار لتمريرها بمجلس الوزراء، ما يثير ريبة فساد في شأن 10 ملايين دولار.
وأوضح بشير “هذه المرة الصفقة نفسها تكررت بصيغة أخرى، حيث تبين أن وزير الطاقة وليد فياض كان يحاول وضع مجلس الوزراء أمام الأمر الواقع للقبول بدفع ثمن باخرة الفيول بأي طريقة أو انقطاع التيار الكهربائي في جميع أنحاء البلاد، وذلك في ظل عدم الموافقة المسبقة على فتح الاعتمادات المالية المطلوبة”.
وذكّر أمين بشير بإجهاض مشروع مصنع للكهرباء في مراكز فرز النفايات واستخدامها لتوليد الطاقة بعد أن أنجزت كل الترتيبات، ومن ضمنها التراخيص والموافقات، ثم حصلت عرقلة سياسية للمشروع كونه لا يصب في مصلحة استمرار صفقات شراء بواخر الفيول.
وبرأيه يحق للرئيس ميقاتي تقديم إخبار إلى النيابة العامة المالية للتحقيق بالقضية، حيث بلغت قيمة باخرة الفيول 60 مليون دولار وتبين أن هناك عمولات بحوالى 7 في المئة من قيمتها، مشدداً على أنه آن الأوان لوقف مهزلة السمسرات من خلال استيراد الفيول.
العتمة الشاملة
وكان وزير الطاقة وليد فياض أكد تمسكه بباخرة الفيول، كاشفاً أن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي “هو من اتصل بي وطلب ردها لأن لا حل آخر نتيجة عدم فتح الاعتماد كما قال، وهذا حصل قبل التداول بموضوع الإخبار الذي سمعنا عنه في الإعلام”.
وأضاف أنه “مستعد لإجراء مناقصة ثانية والتغذية ستتضاءل مع بداية أكتوبر (تشرين الأول) لأن المخزون من الفيول العراقي معرض للنضوب وما لم يؤدِّ ذلك للعتمة الشاملة فإن ضعف التغذية سيؤثر على المرافق العامة”.