صدى الارز

كل الأخبار
مشاهدة متواصلة
تقاريرنا
أرشيف الموقع
Podcast

انتقاد “حزب الله” لم يعد من المحرمات في لبنان

بقلم : دنيز رحمة فخري - واقع جديد بدأ يظهر في الفترة الأخيرة، لم يعد معه الحزب وسلاحه وأداؤه وخياراته من المقدسات كما كان عليه الوضع منذ عام 2000 حتى 2006، وكذلك لم يعد انتقاد مواقفه من قبل السياسيين والإعلام من المحرمات.

يشبّه كثيرون وضعية “حزب الله” الحالية بوضعية الوجود السوري في لبنان بعد بيان المطارنة الموارنة في الـ20 من سبتمبر (أيلول) 2000 عندما كبرت كرة ثلج الانتقادات وكسر الصمت وصولاً إلى قانون محاسبة سوريا والقرار 1559، فثورة الأرز وانسحاب الجيش السوري في الـ26 من أبريل (نيسان) 2005.

ويستند أصحاب هذه القراءة إلى واقع جديد بدأ يظهر في الفترة الأخيرة، لم يعُد معه الحزب وسلاحه وأداؤه وخياراته من المقدسات كما كان عليه الوضع منذ عام 2000 حتى 2006، وكذلك لم يعُد انتقاد مواقفه من قبل السياسيين والإعلام من المحرمات، كما هو حاصل في موضوع “حرب الإسناد”.

 حتى إن حملات الانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي نالت من هيبة الأمين العام حسن نصرالله وصولاً إلى حدود التهكم والنكات والسخرية من خطاباته وشخصه. فهل تغيرت النظرة إلى الحزب “المقاوم” وتحول إلى حزب “إرهابي”؟ وما أسباب هذا التحول في الخطاب السياسي والإعلامي المنسحب أيضاً على المواطن العادي؟.

كيف انكسر “تابو” الحزب؟

يرى كثيرون أن معطيات عدة أوصلت “حزب الله” ومسؤوليه إلى حال فقدان المناعة تبدأ من اتهامه وتأكيد تورط عناصره في اغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري مروراً باجتياح بيروت في السابع من مايو (أيار) 2008 الذي كان وصفه نصرالله بـ”اليوم المجيد”، وصولاً إلى تفرده بقرار فتح حرب المساندة من الجنوب انسجاماً مع ساحات خارجية على حساب الساحة اللبنانية.

إنضموا الى قناتنا على يوتيوب

وراكم الحزب وفق منتقديه أسباب رفضه والانتفاض عليه بتعطيله للمؤسسات الدستورية من رئاسة الجمهورية إلى الحكومة فالمجلس النيابي وصولاً إلى القضاء، وربما يكون المنعطف الأساس لكسر قدسية و”تابو” الحزب وأمينه العام هو في حركة الـ17 من أكتوبر (تشرين الأول) التي وضعت الحزب في وعاء الأحزاب الفاسدة أو في أفضل الأحوال الأحزاب الحامية للفساد، وإضافة إلى كل ذلك أثار أداؤه بعد تفجير مرفأ بيروت وتعطيله التحقيق فيه وتهديد القضاة تمهيداً لـ”قبعهم”، موجة غضب كسرت أيضاً كل المحرمات تجاهه. 

يشير أستاذ التاريخ في الجامعة الأميركية مكرم رباح إلى أن “اعتبارات عدة أسهمت في تبدل صورة ’حزب الله‘ لدى معظم اللبنانيين، خصوصاً بعد حرب يوليو (تموز) 2006، إذ إن الشعب اللبناني لم يكن مدركاً حينها أن الحزب مسؤول عن قتل الحريري، إضافة إلى أحداث السابع من مايو ودوره في تعطيل الحكومة”.

ويعتبر رباح الذي يُعدّ من أشرس المنتقدين للحزب أن “نقطة الفصل كانت دخوله في حرب سوريا التي أكدت أن (حزب الله) متصل عضوياً بإيران وأنه ليس مكوناً لبنانياً بقدر ما هو رأس الرمح الإيراني في كل المنطقة، إضافة إلى قتاله في اليمن الذي تسبب بعزل لبنان عن بيئته العربية، تحديداً الخليجية”.

ويضيف أن “الشعب اللبناني بدأ يدرك شيئاً فشيئاً أن مقولة ’حزب الله‘ لا يتعاطى الفساد هي كذبة كبيرة، وتبيّن أنه حامي الفساد ويحصل على الحصص من النظام ’الزبائني‘ عبر حليفه رئيس مجلس النواب نبيه بري”.

وبحسب رباح، فإن “الخطاب الإعلامي المتصاعد ضد الحزب هو ترجمة للأرض ولنظرة الناس إليه المرتبطة بقتاله في العراق وسوريا”، ويردف أنه “في الفترة الماضية كان لدى الناس خجل من انتقاد الحزب وأدائه على قاعدة أنه شريك في هذا الوطن، لكن طريقة تصرف الحزب في محطات عدة وبخلفية مذهبية وطائفية، جعلت منه تنظيماً إرهابياً في نظر كثيرين ومن بينهم سنّة بيروت الذين كانوا قبل السابع من مايو يتجنبون انتقاد ’حزب الله‘، لكنهم بعد ذلك التاريخ باتوا يعتبرونه تنظيماً إرهابياً”.

ويفسر رباح أن “بعض السياسيين أدركوا أيضاً أن المحافظة على لبنان وإنقاذه يتطلبان اتخاذ موقف واضح من (حزب الله) المصنف إرهابياً ليس من جانب الغرب فحسب، بل أيضاً في عدد من الدول العربية”.

التغير واضح تجاه “حزب الله”

وفي السياق يتحدث الكاتب والناشط السياسي مصطفى فحص إلى “اندبندنت عربية” عن تغير ملحوظ في النظرة إلى “حزب الله”، ويوضح أنه “منذ خطاب التحرير الشهير للأمين العام لـ’حزب الله‘ حسن نصرالله عام 2000 في بنت جبيل الذي كان على مستوى الوطن، اختلف الوضع، إذ إن نصرالله في خطابه ذاك تمكن من أخذ شيك على بياض من كل اللبنانيين وكان عليه أن يسيّله وطنياً، لكنه حصر تسييله بـ’حزب الله‘”، مضيفاً أن الحزب بدأ من قمة المقاومة إلى الدخول في الشأن الداخلي وصولاً إلى “شكراً سوريا” (عنوان التظاهرة التي نظمها الحزب وحلفاؤه بعد انسحاب الجيش السوري من لبنان)، وهنا صار المفصل.

ويرى فحص أن “الجزء الأساس أو العمود الفقري للانقسام الداخلي كان قتل رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري الذي شكل طلاقاً في المشهد الإسلامي بين الشيعة والسنة”، معتبراً أن “حرب يوليو فرزت بين اللبنانيين وإن كانت الغالبية لا تزال مؤيدة له حينها”.

 ويعرب فحص عن اعتقاده بأن “من المحطات التي أسهمت في تحول النظرة إلى الحزب أحداث السابع من مايو وصولاً إلى أدائه في تظاهرات الـ17 من أكتوبر، فتبيّن للناس أن السلاح المقدر لحمايتهم وللمقاومة هو لحماية الفاسدين”، قائلاً  “أما الجرأة المطلقة ضده، فحصلت مع انفجار مرفأ بيروت عندما حمل المتظاهرون صورة نصرالله مع حبل المشنقة”.

ويشرح فحص أن “انتقاد اللبنانيين لـ’ـحزب الله‘ تدرج من انتقاد سياسته الداخلية وليس المقاومة إلى انتقاد سلاحه، أما في انتفاضة أكتوبر فانكسر كل شيء وسقطت رمزية نصرالله”.

ويتوقف عند ظاهرة تراجع نسبة الخوف من الحزب، معتبراً أن “قياداته اضطرت أخيراً إلى السعي للمحافظة على صورة نصرالله داخل الطائفة الشيعية عبر قمع عدد من أصحاب الرأي داخل الطائفة انتقدوا الحزب وأمينه العام على مواقع التواصل الاجتماعي”.

 ويؤكد فحص وهو ابن الجنوب أن “حرب الإسناد أثرت كثيراً داخل الطائفة الشيعية، بعدما تحولت إلى ضرر مباشر لهم وسط تساؤلات لم يجدوا أجوبة واضحة عنها”.     
الحملة ضد الحزب مشبوهة ومعروفة المصدر

في المقابل لا يرى الكاتب السياسي المقرب من “حزب الله” فيصل عبدالساتر أي تبدل في النظرة إلى الحزب، ويقول في حديث خاص إنه “لا يمكن الاعتماد في لبنان على أرقام وإحصاءات تعكس في بعض الأحيان مناخات ليست لها علاقة بالأرقام الدقيقة، ولا يمكن لأحد أن يدعي بأن أكثرية اللبنانيين لا يؤيدون ما يقوم به ’حزب الله‘”، معتبراً أن

“الاستناد إلى العدد قد يكشف عن أن الأكثرية هي مع الحزب وسياسته لأن بيئة الحزب والمتحالفين معه يشكلون العدد الأكبر في البلد”.

ويعترف عبدالساتر بأن “الموقف من حرب الإسناد وتخوف بعضهم من أخذ لبنان إلى الحرب بمثابة وجهة نظر موجودة وتعكس الانقسام السياسي في لبنان، وسواء قام ’حزب الله‘ بهذا الأمر أو لم يفعله فإن النظرة إليه دائماً مختلفة، لا سيما في مواضيع داخلية كما هي الحال في ملف رئاسة الجمهورية، إذ يصوّب بعضهم دائماً عليه ويتهمونه بالتعطيل ويغفلون مسؤولية القوى الأخرى المعنية أيضاً بالاستحقاق الرئاسي”.

 ويصف عبدالساتر الحملة التي يتعرض لها “حزب الله” في مسألة الرئاسة بـ”الحملة الممنهجة التي لا أساس لها من الصحة وليس لها ما يساندها على أرض الواقع لأن موقف ’حزب الله‘ في ملف الرئاسة لا يختلف عن بقية الأطراف”.

 أما في موضوع الحرب، فيرى عبدالساتر أنه “أمام المذبحة المتواصلة التي يقوم بها العدو الإسرائيلي، بعضهم قد يتذرع بالموقف العربي لينتقد دخول ’حزب الله‘ فيها، والحقيقة أن الموقف العربي لا يعبر عن عروبة بل هو خلافاً للعروبة”، داعياً من يستشهد بالموقف العربي ليبرر لنفسه الهجوم على “حزب الله” إلى التنبه بأن العروبة غير متجسدة على الإطلاق في موضوع غزة.

ويتهم عبدالساتر “جهات خارجية بالعمل على افتعال ما يسمى “تغيير النظرة” تجاه الحزب، معترفاً في الوقت نفسه بأن هذه النظرة تتفاوت بين منطقة وأخرى وبين بيئة وأخرى، ويذكّر بأنه في الـ2006 لم يكُن حزب “القوات اللبنانية” مع “حزب الله” ولا “الكتائب” ولا “تيار المستقبل”، بالتالي فإن الأصوات المعترضة اليوم على أداء ’حزب الله‘ هي نفسها التي كانت تنتقده في حرب يوليو”.

ويقرّ عبدالساتر بـ”ارتفاع موجة الانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي، متهماً منظمات المجتمع المدني بالوقوف خلفها”. أما في شأن اتهام الحزب بالتفرد بقرار الحرب من دون العودة للدولة اللبنانية، فيعتبر أن “الحرب هي مقاومة في وجه احتلال وعدوان لم تكُن الدولة اللبنانية في يوم من الأيام معنية بهما في أي ظرف من الظروف وسبق وأخلت نفسها من كل المسؤوليات، والحقيقة أن ’حزب الله‘ لم يتفرد بالقرار إنما هو يتسلح بالبيان الوزاري لحكومات ما بعد اتفاق الطائف حتى اليوم الذي يشير إلى ثلاثية ’الشعب والجيش والمقاومة‘”.

ويرى أن “نبرة انتقاد ’حزب الله‘ اليوم مردها الأساس إلى حال الخوف الناشئة عند الناس من أن يذهب الأمر إلى حرب شاملة وهذا ما لا يريده الحزب ولا يسعى إليه، أما الفرق بين ما يشير إليه الآخرون وما يفكر به الحزب فهو محل التباس”.

 وإذ يصف حملة “لبنان لا يريد الحرب” التي انتشرت على الطرقات وفي وسائل إعلام بأنها حملة مشبوهة، يذهب باتهاماته لمنتقدي الحزب إلى حد القول إن “العدو الإسرائيلي يحرض هؤلاء عبر كثير من الطرق وفي بعض الأحيان بطريقة غير مباشرة من خلال الأميركي تارةً والفرنسي تارةً أخرى ولعل بعض العواصم العربية ليست بعيدة أيضاً من هذا الأمر”.       

تابعوا أخبارنا على Google-News

نلفت الى أن منصة صدى الارز لا تدعي بأي شكل من الأشكال بأنها وسيلة إعلامية تقليدية تمارس العمل الإعلامي المنهجي و العلمي بل هي منصة الكترونية ملتزمة القضية اللبنانية ( قضية الجبهة اللبنانية) هدفها الأساسي دعم قضية لبنان الحر و توثيق و أرشفة تاريخ المقاومة اللبنانية منذ نشأتها و حتى اليوم

ملاحظة : التعليقات و المقالات الواردة على موقعنا تمثل حصرا وجهة نظر أصحابها و لا تمثل آراء منصة صدى الارز

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اكتشاف المزيد من صدى الارز

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading