تستمر «حرب الحرائق» بين «حزب الله» والجيش الإسرائيلي الذي استهدف مناطق واسعة في جنوب لبنان بالقذائف الحارقة والفسفورية؛ ما تسبب في اندلاع النيران في الأحراج، في وقت تحدث فيه أندريا تينينتي، المتحدث باسم «قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)» عن «احتمال كبير أن يحدث تصعيد وسوء فهم قد يؤدي إلى صراع أوسع».
وقالت «هيومن رايتس ووتش» في بيان لها إن «استخدام الفسفور الأبيض من إسرائيل على نطاق واسع في جنوب لبنان يعرض المدنيين لخطر جسيم ويساهم في تهجيرهم». وأشارت إلى أنها تحققت من «استخدام القوات الإسرائيلية ذخائر الفسفور الأبيض في 17 بلدة على الأقل في جنوب لبنان منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023؛ خمس منها استُخدمت فيها الذخائر المتفجرة جواً بشكل غير قانوني فوق مناطق سكنية مأهولة».
وأوضحت أن «الفسفور الأبيض مادة كيميائية مستخدمة في قذائف المدفعية والقنابل والصواريخ، وتشتعل عند تعرضها للأكسجين، وتسبب آثارها الحارقة الوفاة أو الإصابات القاسية التي تؤدي إلى معاناة مدى الحياة، ويمكنها إشعال النار في المنازل والمناطق الزراعية وغيرها من الأعيان المدنية. بموجب القانون الإنساني الدولي، استخدام الفسفور الأبيض المتفجر في المناطق المأهولة بالسكان هو عشوائي بشكل غير قانوني، ولا يفي بالمتطلبات القانونية لاتخاذ كل الاحتياطات الممكنة لتجنب إلحاق الأذى بالمدنيين».
وعدّت أن «استخدام إسرائيل الفسفور الأبيض على نطاق واسع في جنوب لبنان يُبرز الحاجة إلى قانون دولي أقوى بشأن الأسلحة الحارقة. (البروتوكول الثالث لاتفاقية الأسلحة التقليدية) هو الصك الوحيد الملزم قانوناً والمخصص تحديداً للأسلحة الحارقة. لبنان طرف في (البروتوكول الثالث)، لكن إسرائيل ليست طرفاً فيه».
وعمد الجيش الإسرائيلي إلى إطلاق القنابل الحارقة على الأحراج المتاخمة للخط الأزرق؛ ما أدى إلى اشتعال النار في ما تبقّى من أشجار معمّرة، خصوصاً في أحراج الناقورة وعلما الشعب، إضافة إلى الأحراج في بلدات عيتا الشعب وعيترون ومارون الراس، وأدى القصف بالقذائف الفسفورية إلى اشتعال الحرائق بين بلدتي حولا ومركبا.
وسياسة الحرائق نفسها اتبعها «حزب الله» في عملياته الأخيرة؛ حيث أدى قصفه إلى اندلاع حرائق كبيرة في شمال إسرائيل بحقول وغابات امتدت على مساحة 22 ألف دونم.
في موازاة ذلك، أعلن «حزب الله» عن تنفيذه عدداً من العمليات، وقال في بيانات متفرقة إنه استهدف «تجمعاً لجنود العدو الصهيوني في محيط موقع بركة ريشة»، كما استهدف «منصة (القبة الحديدية) في ثكنة (راموت نفتالي) بصاروخ موجّه»، وموقع السماقة في تلال كفرشوبا اللبنانية. وأعلن أيضاً أنه «وبعد رصد وترقب لقوات العدو الإسرائيلي في موقع المالكية، كمن فجراً لمجموعة من جنود العدو أثناء دخولها إلى الموقع، واستهدفها بقذائف المدفعية»، إضافة إلى استهدافه بـ«مُحلّقة انقضاضية مكان استقرار وتموضع جنود العدو الإسرائيلي في موقع البغدادي».
من جهته، كتب المتحدّث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، على حسابه عبر منصة «إكس» أنه «خلال ساعات الليلة الماضية هاجمت طائرات حربية لسلاح الجو منصتين صاروخيتين لـ(حزب الله) في منطقتيْ زبقين وعيتا الشعب»، مشيراً كذلك إلى «استهداف 3 مبانٍ عسكرية لـ(حزب الله) في العديسة وبليدا ومركبا».
في موازاة ذلك، عبر آندريا تينينتي، المتحدث باسم «قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (يونيفيل)»، عن قلقه من التصعيد بين «حزب الله» وإسرائيل.
وقال لـ«وكالة أنباء العالم العربي»: «التحدي الرئيسي في الوقت الحالي هو تبادل إطلاق النار المستمر منذ 8 أشهر، وهناك احتمال كبير، بعد كل هذه الأشهر من تبادل إطلاق النار، أن يحدث تصعيد أكبر وسوء فهم قد يؤدي إلى صراع أوسع».
وعبّر عن قلقه «بشأن هذه الأوضاع، وفي نفس الوقت نبذل قصارى جهدنا لخفض التوتر، كما يعمل المجتمع الدولي حالياً بجدية لإيجاد حلول».
وأضاف: «لطالما قلت إنه لا حل عسكرياً للصراع؛ بل يجب أن يكون الحل سياسياً ودبلوماسياً فقط، ونحن مستعدون لتنفيذ أي حل يتمكن المجتمع الدولي من التوصل إليه بموافقة الأطراف». ورأى أن «قرار مجلس الأمن (1701) يواجه تحديات كبيرة»، آملاً «العودة إلى العمل على تنفيذ هذا القرار»، مؤكداً: «يبقى التحدي الأكثر إلحاحاً في الوقت الحالي هو وقف الأعمال العدائية المستمرة».