وإذا كانت قيادة الجيش تعلن عن إحباط بعض عمليات العبور غير الشرعي إلى داخل الأراضي اللبنانية، إلا أنها لا تستطيع ضبط التهريب في غياب أي تعاون من الجانب السوري. وفي جديد حوادث التهريب، ضبط فوج الحدود البرية في الجيش المتمركز في عكار سيارة “فان” محمّلة بركاب سوريين بعد حاجز شدرا قرب بلدة منجز، لكن صاحب الفان حاول الهروب مسرعاً بعد توقيفه، فدهس عسكرياً من عناصر الجيش. وأوضحت مديرية التوجيه في الجيش تفاصيل الحادث بقولها “بتاريخ 28/9/2023، أثناء محاولة دورية من الجيش في منطقة القبور البيض عند الحدود الشمالية إيقاف آلية فان هيونداي تُقل سوريين دخلوا خلسة إلى الأراضي اللبنانية، أقدم سائق الآلية على صدم أحد عناصر الدورية محاولًا دهسه والفرار من المكان رغم إطلاق بقية العناصر طلقات تحذيرية في الهواء، ما اضطرهم إلى إطلاق النار نحو إطارات الآلية. أسفر ذلك عن إصابة السائق وفقدانه السيطرة على الآلية واصطدامها بعمود كهربائي ومن ثم وفاته. وقد نُقل إلى أحد مستشفيات المنطقة”.
وتتزامن هذه الحوادث مع رفض لبناني لما يصدر من مواقف دولية سواء عن الاتحاد الأوروبي أو عن الخارجية الأمريكية لجهة بقاء النازحين في لبنان، وبعد ردات الفعل الواسعة التي صدرت رداً على الاتحاد الأوروبي، فإن رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان رد على المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأمريكية سامويل ويربيرغ الذي اعتبر “أن الظروف اليوم غير مؤاتية لعودة النازحين السوريين إلى بلادهم”، فطلب عدوان “من المسؤولين الذين يرفضون إعادة النازحين إلى سوريا استضافتهم في بلادهم بانتظار أن تصبح الظروف مؤاتية لعودتهم، لأن لبنان ما عاد قادراً على تحمل هذا العبء”.
وكان إقدام مفوضية شؤون اللاجئين على إصدار إفادات سكن للنازحين قوبل باستغراب لبناني من عدد من الأطراف السياسية والحزبية، وصدرت مواقف تندّد “بمخالفات وارتكابات مفوضية شؤون اللاجئين بحق لبنان وسيادته وقوانينه، وتسأل الحكومة اللبنانية عما تنوي فعله تجاه هذه الفضيحة وتجاه الاجتياح الديمغرافي للبنان”.
ومن المعلوم أن المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ترفض تسليم لبنان المعلومات بما يخص النازحين السوريين، ويقدّر الأمن العام وجود مليونين و80 ألف نازح سوري في لبنان، فيما تتحدث المفوضية عن نحو 800 ألف نازح.
وبحسب بعض الدراسات، فإن الولادات في صفوف النازحين بلغت 196 ألفاً حتى نهاية عام 2022، وأن الكثافة السكانية بلغت 650 نسمة في الكيلومتر المربع الواحد، وهي تُعتبر نسبة مرتفعة قياساً إلى بلد صغير المساحة كلبنان. وينتشر السوريون في 1000 بلدة لبنانية من أصل 1050، وتتوزع خريطة انتشارهم حتى 31 آذار/مارس 2023، بحسب مفوضية اللاجئين، على الشكل الآتي: البقاع 38.8% من المقيمين أو 312754 نازحًا، الشمال 27.9% أو 224541 نازحًا، بيروت 22.2% أو 178651 نازحًا، الجنوب 11.1% أو 89380 نازحًا.
تربويًّا، يشغل التلامذة السوريون 340 مدرسة من أصل 1240، وتتدفق أعداد جديدة للالتحاق بالمدارس الرسمية والخاصة مستفيدة من دعم الجهات المانحة. وتشير أرقام المفوضية في آخر إحصاء للأولاد السوريين النازحين بين 3 و17 سنة إلى نحو 700 ألف، يتوقع أن يتم استقطاب نصفهم في المدارس أي نحو 350 ألفاً، بعدما كان العدد في العام الفائت بحدود 267 ألفاً.
على الصعيد الأمني، تفيد التقارير إلى أن 85% من الجرائم في لبنان يرتكبها نازحون، وبلغ عدد الموقوفين السوريين في السجون اللبنانية نحو 3440 أي ما نسبته 33.3% من عدد المحكومين معظمهم موقوف بجرائم قتل وسرقة وتهريب واتجار بالبشر واغتصاب وتحرش ومخدرات.
أما الأثر الاقتصادي والمالي للنزوح عدا الأثر البيئي المتفاقم، فقد بلغ نحو 40 مليار و433 مليون دولار، فيما لم يتخطَّ إجمالي استجابة المجتمع الدولي للأزمة مبلغ 12 مليار دولار في 12 عاماً.
انطلاقاً من هذه المعطيات، بدأ الكثير من اللبنانيين ينظرون إلى النزوح السوري على أنه قنبلة موقوتة قد تنفجر في أي وقت ولاسيما في ظل المخاوف من اكتشاف أسلحة داخل بعض مخيمات النازحين.
وكان رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل تحدث قبل أيام عن خطة من 10 نقاط للتعامل مع أزمة النزوح، تلخّص جملة من المقترحات التي يطالب بها العديد من الأفرقاء، وجاء في هذه الخطة:
1- إنشاء آلية لتحديد الصفة القانونية للنازحين السوريين وما هي المناطق التي أتوا منها وهل هم لاجئون سياسيون أم مهاجرون اقتصاديون.
2- تسهيل العودة الآمنة إلى سوريا.
3- نزع صفة اللجوء عن السوريين الذين يزورون سوريا كل فترة وترحيلهم من لبنان.
4- ترحيل المدانين إلى سوريا.
5- تسجيل المواليد السوريين الجدد في لبنان.
6- إعادة توطين النازحين السوريين في بلدان ثالثة أو إعادة توزيعهم.
7- إنشاء مخيمات على الحدود اللبنانية-السورية كمرحلة أولية قبل عودتهم أو إعادة توزيعهم في بلدان أخرى.
8- إغلاق المعابر الحدودية غير الشرعية مع سوريا.
9- تقديم الحوافز المالية والمساعدات المالية للعائدين إلى سوريا.
10- التنفيذ الصارم للقوانين اللبنانية الداخلية بحق النازحين السوريين في لبنان، خصوصاً لحماية اليد العاملة اللبنانية.