شنّت المقاتلات الإسرائيلية مزيدا من الغارات على القرى والبلدات الجنوبية القريبة من الحدود اللبنانية مع فلسطين المحتلة وخرقت جدار الصوت وحلقت على ارتفاع منخفض أطلقت بالونات حرارية.
وفي هذا الجو الحربي الضاغط، أجرى وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال عبدالله بوحبيب مع نظيره النمساوي ألكسندر شالينبرغ محادثات حول مجمل الوضع الجنوبي، وعقدا مؤتمرا صحافيا أشاد فيه بوحبيب بالروابط العميقة بين البلدين والتي تعود إلى سنة 1864، وقال «تحدثنا عن التوصل إلى سلام على الحدود الجنوبية للبنان، ما نريده فعلا هو توفير الامن الفعلي للشعب اللبناني واستعادة ارضنا».
من جهته، قال شالينبرغ «لقد تحدثنا عن التطورات الراهنة وعن سورية وشعورنا مشترك بأن الأوضاع في المنطقة من سيئ إلى أسوأ»، مضيفا «لا نريد ان يتحول التصعيد إلى نار تشعل المنطقة ولا يمكن السيطرة عليها. ووسط كل هذه المستجدات لبنان يقف بهشاشة في الجبهة الأمامية. وأؤكد هنا ان لبنان يمكنه الاعتماد على دعم النمسا له لكي لا يمتد النزاع اليه». ودعا كل الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس حاليا لمنع أي تصعيد جديد.
وأضاف «هناك أطراف إقليمية عدة تعتقد ان بإمكانها اللعب بالنار دون ان تحترق، ولاسيما حزب الله والحوثيين وآخرين. إن النمسا لا تقف على الحياد في هذه الأزمة لأن لديها اكثر من 170 عنصرا في عداد اليونيفل على الحدود الجنوبية، وانا فخور جدا بدورهم الحيوي، لكننا نطلب بذل اقصى الجهود للحفاظ على امنهم». ولفت إلى أن «الوضع في الجنوب مرتبط مباشرة بوضع غزة.. لكن الوضع الإنساني في غزة محزن والكل مطالب ببذل الجهود لمواجهة هذه الأزمة الإنسانية».
وفي قضية اللاجئين السوريين، قال «نقدر ثقل العبء الذي يتحمله لبنان باستضافة هذا العدد الكبير من اللاجئين السوريين، ويمكنكم الاعتماد على دعمنا وصداقتنا. وقد قدمنا 20 مليون يورو منذ 2020 للمجتمعات المضيفة للنازحين. وهذا عبء ثقيل جدا عليكم وستبقى النمسا من الداعمين الثابتين للبنان».
وردا على سؤال عن «حزب الله» وقرار مواجهته إسرائيل، قال بوحبيب «إن إسرائيل لاتزال محتلة أراضي لبنانية منذ 1967 والقانون الدولي يسمح بمقاومة المحتل، لذا ناقشت مع الوزير شالينبرغ أهمية التوصل إلى اتفاق شبيه باتفاق رسم الحدود البحرية الذي وقع عبر التفاوض غير المباشر مع إسرائيل على ان يكون هذه المرة لإظهار الحدود البرية، وتعيد إسرائيل من خلاله الأراضي اللبنانية التي احتلتها وتعترف بأنها لبنانية، عندئذ تحل مشكلة حزب الله».
وحول احتمال حدوث توغل بري إسرائيلي في لبنان، قال شالينبرغ «زرت كلا من تل أبيب، رام الله، القدس، وعمان وتحدثنا عن الوضع شمال إسرائيل، لذا أقول إن الجميع مسؤول عن عدم التصعيد. وما يحصل الآن تصعيد محدود نوعا ما ونحرص على عدم تخطيه حدودا معينة، لكن ما لا تريده النمسا هو اتساع رقعة النار والمعاناة. نعتقد ان المنطقة شهدت ما يكفي من الدمار والوحشية ونحاول حل المشاكل القائمة حاليا ولا نريد مشاكل جديدة».
في غصون ذلك، يشارك قائد الجيش العماد جوزف عون اليوم في مؤتمر روما لدعم الجيش اللبناني، وعلمت «الأنباء» ان زيارته ستكون يوما واحدا يعود بعدها إلى بيروت.
وفي المعلومات فإن العماد عون يحمل لائحة مطالب أساسية لتأمين استمرارية عمل الجيش وقيامه بالمهام المنوطة به، وهي مطالب لوجستية وتشغيلية وطبية، وستكون له لقاءات مع نظرائه قادة الجيوش المشاركين في الاجتماع، وخصوصا من الدول التي قدمت ولاتزال تقدم المساعدات للجيش، مع رهان كبير على الدور العربي في تزخيم هذا الدعم من منطلق حرصهم الأكيد على الاستقرار الأمني والسلم الأهلي.
في هذه الأثناء، استقبل رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي كبير مستشاري الدفاع البريطاني للشرق الأوسط مارتن سامبسون الذي وضع رئيس الحكومة في أجواء الجولة التي يقوم بها في المنطقة في إطار مساعي التهدئة واعتماد الحلول الديبلوماسية وإيجاد حل دائم للقضية الفلسطينية.
إلى ذلك، يستأنف سفراء اللجنة الخماسية لقاءاتهم اليوم الجمعة ويزورون رئيس الحكومة، وعلم ان البحث سيتركز على الملف الرئاسي والفصل بين إنجاز هذا الاستحقاق والحرب على غزة.
في المحليات اللبنانية، أعلن تجمع موظفي الإدارة العامة باستثناء وزارة المالية، تعليق إضرابهم ابتداء من اليوم لغاية يوم الجمعة المقبل ضمنا، وذلك بعد أن أقر مجلس الوزراء الزيادات على رواتب الموظفين والمتقاعدين، ودعا التجمع في بيان عقب اجتماعه أمس إلى إصدار توضيح قرار مكافأة المثابرة الذي صدر عن الحكومة أمس الأول.
والزيادات كما اقرت لموظفي القطاع العام على أن يكون الحد الأدنى 400 دولار والحد الأقصى 1200 دولار، كما اقر 3 رواتب إضافية للعسكريين الذين هم في الخدمة والمتقاعدين منهم.
وقد اعتمد مجلس الوزراء آلية زيادات يصبح من خلالها الحد الأدنى لراتب المتقاعد العسكري أو المدني في الدرجة الخامسة ما يقارب الـ 230 دولارا، ويرتفع تدريجيا وفقا للدرجات والرتب ليصل إلى نحو 900 دولار (مع بدل البنزين) لموظفي وضباط الفئة الأولى من المتقاعدين. كما منح موظفي القطاع العام زيادات تعادل ما حصل عليه المتقاعدون، بالإضافة إلى بدل صفائح بنزين مع سعر ثابت لا يقل عن مليون وخمسمئة ألف ليرة للصفيحة الواحدة، ووعود بحوافز دولارية سنوية، وكذلك يرفع الاقتراح بدل النقل للعسكريين في الجيش والأجهزة الأمنية إلى نحو 100 دولار شهريا.